أخبار عاجلةاخبار افريقياوسط افريقيا

أزمة شرق الكونغو تزداد تعقيدا .. والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة يدخلون علي الخط 

تتسارع وتيرة الأحداث في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية ومنطقة البحيرات العظمى بصورة تنذر بانفجار إقليمي واسع، وذلك في ظل التقدم العسكري المفاجئ لحركة “23 مارس” (M23) المدعومة من رواندا، وسيطرتها على مدينة أوفيرا الاستراتيجية , هذا التطور الميداني الحساس جاء ليزيد الوضع تعقيدًا، وليدفع بملف شرق الكونغو إلى صدارة الاهتمام الإقليمي والدولي وسط تحركات وتحذيرات من الاتحاد الإفريقي، وردود سياسية من رواندا، وقرارات عاجلة من حكومة بوروندي.

الاتحاد الإفريقي يدعو لضبط النفس ويتحذّر من انهيار جهود السلام

أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمود علي يوسف عن “قلق بالغ” تجاه التصعيد المتسارع في جنوب كيفو والحدود البوروندية، محذرًا من أن أعمال العنف الأخيرة تتعارض بشكل صارخ مع اتفاق الدوحة الإطاري بين الكونغو وتحالف AFC/M23، وكذلك مع اتفاق واشنطن بين الكونغو ورواندا.

وأكد يوسف تضامن الاتحاد الإفريقي مع المدنيين المتضررين في الكونغو وبوروندي، مجددًا موقف المنظمة الثابت بشأن احترام السيادة الوطنية ومنع أي محاولة لإنشاء إدارات موازية في شرق الكونغو. كما دعا جميع الدول إلى الالتزام باتفاقية أديس أبابا الإطارية والامتثال لميثاق عدم الاعتداء والدفاع المشترك لمنطقة البحيرات العظمى.

وأشار إلى استعداد الاتحاد للعمل مع الأطراف الإقليمية والدولية لإعادة تنشيط الحوار الأمني، بهدف وقف دوامة العنف المتصاعدة.

قلق أممي من تصاعد العنف في جنوب كيفو

من جانبه أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلق بالغ إزاء تصاعد العنف في جنوب كيفو وتداعياته الإنسانية، بما في ذلك نزوح أكثر من 200 ألف شخص منذ 2 ديسمبر , مدينا بشدة الهجوم الذي شنه تحالف نهر الكونغو/حركة 23 مارس في عدة مواقع بمقاطعة جنوب كيفو، والذي أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين.

ودعا الأمين العام – في بيان منسوب إلى نائب المتحدث باسمه – إلى وقف فوري وغير مشروط للأعمال العدائية، تماشيا مع قرار مجلس الأمن 2773 (2025). وأكد أن هذا التصعيد يُهدد بتقويض الجهود المبذولة للتوصل إلى حل مستدام للأزمة، ويزيد من خطر اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقا.

وحثّ الأمين العام الأطراف على الالتزام بتعهداتها بموجب اتفاقيات واشنطن للسلام والازدهار، الموقعة في 4 ديسمبر، وعلى الاحترام الكامل لإطار عمل الدوحة لاتفاق سلام شامل، الموقع في 15  نوفمبر.

وأشار الأمين العام إلى أن الأمم المتحدة على أهبة الاستعداد للعمل مع الشركاء لضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين. وأكد مجددا استعداده لمواصلة دعم الجهود الدبلوماسية الجارية لإحلال السلام في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية والمنطقة، بما يتماشى مع إطار عمل السلام والأمن والتعاون لجمهورية الكونغو الديمقراطية والمنطقة.

تدهور الوضع في كيفو الجنوبية

وفي أعقاب مقتل أكثر من 70 مدنيا، وتشريد أكثر من 200 ألف شخص، وانقطاع المساعدات الغذائية عن آلاف آخرين، حذرت الأمم المتحدة من تفاقم الأزمة الإنسانية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وامتدادها عبر الحدود. وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بأن الوضع في مقاطعة كيفو الجنوبية قد تدهور بشكل حاد منذ 2 كانون الأول/ديسمبر، نتيجة للقتال العنيف في مناطق متعددة.

وأفادت تقارير إخبارية بأن عناصر من حركة 23 مارس المسلحة دخلوا مدينة أوفيرا الرئيسية يوم الأربعاء، ووصف السكان شعورا بالخوف وعدم اليقين, وأفادت إذاعة أوكابي، التابعة لبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)، بمقتل أكثر من 74 مدنيا وإصابة 83 آخرين على الأقل في اشتباكات بين القوات الكونغولية وجماعات مسلحة منذ مطلع كانون الأول/ ديسمبر. وأفادت المحطة الإذاعية بأن آلافا آخرين فروا عبر الحدود إلى بوروندي ورواندا.

يلجأ معظم النازحين داخل جنوب كيفو إلى مواقع مكتظة، حيث يواجهون مخاطر متزايدة على سلامتهم، وسوء الصرف الصحي، وتزايد خطر تفشي الأمراض. وتواجه النساء والفتيات النازحات مخاطر متزايدة للعنف القائم على النوع الاجتماعي في الملاجئ المكتظة.

تعليق المساعدات الغذائية

وأثر انعدام الأمن على برامج المساعدة الإنسانية، بما فيها المساعدات الغذائية والرعاية الصحية , حيث أعلن برنامج الأغذية العالمي تعليق عملياته في جميع أنحاء جنوب كيفو، ما أدى إلى قطع الدعم الغذائي المنقذ للحياة عن 25 ألف شخص، وفقا لما ذكره نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق والذي قال للصحفيين في نيويورك: “تتقاسم الأسر المضيفة – التي تعاني أصلا من مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي – ما تبقى لديها من طعام مع النازحين”.

ووفقا لتقارير الأمم المتحدة أغلقت 32 مدرسة على الأقل في أوفيرا، تدعمها منظمة الأغذية العالمية، أبوابها لإيواء الأسر النازحة، ما ترك أكثر من 12 ألف طفل دون وجبتهم الساخنة اليومية الوحيدة. حذرت منظمات الإغاثة الإنسانية من أن مخزونات الغذاء في المنطقة قد تنفد في غضون أسابيع إذا لم يتم استئناف الوصول إلى الإمدادات وتوفير التمويل.

تزايد المخاوف العابرة للحدود

وقال فرحان حق إن “الأثر الإنساني للأزمة يتجاوز الحدود الآن”، مشيرا إلى أن ما يقرب من 25 ألف شخص عبروا الحدود إلى بوروندي بين 5 و8 ديسمبر، مع ورود تقارير عن وصول أعداد إضافية إلى رواندا.

في كلا البلدين، يعمل الشركاء في المجال الإنساني والسلطات الوطنية على تكثيف المساعدات الطارئة، والتي تشمل الوجبات الساخنة والمياه النظيفة والخدمات الصحية.

يأتي هذا التصعيد على الرغم من الجهود الدبلوماسية المبذولة لخفض التوترات الإقليمية. في الأسبوع الماضي، وقّعت جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا اتفاقية سلام بدعم من الولايات المتحدة، رحبت بها الأمم المتحدة باعتبارها “خطوة حاسمة” نحو استعادة الثقة.

تحديات التمويل تُعمّق الأزمة

يُفاقم نقص التمويل حالة الطوارئ. وقد حذر حق من أن خطة الاستجابة الإنسانية لجمهورية الكونغو الديمقراطية ممولة بنسبة 22% فقط، مما يُخلّف فجوة تقارب ملياري دولار. في بوروندي، لم يتم حشد سوى أقل من 33 مليون دولار أمريكي، في حين تبلغ الحاجة إلى دعم الوافدين الجدد نحو 77 مليون دولار.

ودعا فرحان حق كافة أطراف النزاع إلى وقف الأعمال العدائية فورا، والالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وسريع ودون عوائق.

الرئيس الرواندي كاجامي: الاتهامات لرواندا “محاولة لصرف الأنظار”

في سياق متصل، قدم الرئيس الرواندي بول كاجامي رواية مغايرة للأحداث، منتقدًا الاتهامات الموجهة إلى بلاده. وكشف كاغامي عن محادثات سابقة مع الرئيس البوروندي تتعلق بوجود قوات بوروندية داخل الأراضي الكونغولية، مؤكدًا أن بوروندي أنكرت مرارًا وجود قوات لها في شمال الكونغو قبل أن يقع عدد من جنودها في الأسر خلال المعارك الأخيرة.

وحمّل كاجامي بوروندي والكونغو مسؤولية خرق اتفاق السلام، مشيرًا إلى وجود عشرات الآلاف من الجنود البورونديين في مناطق أوفيرا ومينيمبوي وكاليمي وكيندو وحتى واليكالي وكيسانغاني، وأنهم شنّوا عمليات قصف مكثف على المناطق المدنية “دون تدخل دولي يذكر”.

وأضاف: “بمجرد سقوط أوفيرا، تحولت أصابع الاتهام مباشرة صوب رواندا. أصبحنا نُحمّل مسؤولية كل ما يجري داخل الكونغو.”

سقوط أوفيرا يدفع بوروندي لإغلاق الحدود وتحويلها لمناطق عسكرية

أمام سيطرة حركة M23 على مدينة أوفيرا—التي تعد مقر الحكومة المحلية لجنوب كيفو وقاعدة عسكرية رئيسية—اتخذت بوروندي قرارًا عاجلًا بإغلاق حدودها مع الكونغو وتحويل معبري جاتومبا وفوجيزو إلى مناطق عسكرية مغلقة.

ووفق مصادر أمنية نقلتها لوفيجارو، فإن القرار جاء بعدما أحكمت الحركة سيطرتها على مقر حاكم المقاطعة , ومبنى البلدية , ونقاط التفتيش الحدودية , وشوارع ومرافق مركزية داخل أوفيرا

وأكد ضابط بوروندي أن مقاتلي M23 باتوا يديرون نقاط التفتيش على الجانب الكونغولي من الحدود، وسط فرار الجنود والشرطة الكونغولية من المدينة التي يعيش فيها مئات الآلاف.

ويُعد هذا الهجوم أكبر تصعيد منذ الأشهر الماضية، وجاء بعد أقل من أسبوع على اتفاق سلام رعاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بين قادة رواندا والكونغو في واشنطن. واعتبر وزير الخارجية البوروندي إدوارد بيزيمانا أن سقوط أوفيرا “إهانة للولايات المتحدة” ودليل على عدم التزام رواندا بالاتفاق، مطالبًا بفرض عقوبات عليها.

شرق الكونغو .. أزمة مفتوحة على كل الاحتمالات

مع تزايد الاتهامات المتبادلة بين رواندا والكونغو وبوروندي، وتقدم حركة M23، وتحذيرات الاتحاد الإفريقي، يبدو أن شرق الكونغو يدخل مرحلة أكثر خطورة قد تعيد إشعال صراع إقليمي ممتد منذ ثلاثة عقود، ما لم يتم اتخاذ خطوات عاجلة لإعادة إحياء المسار السياسي ووقف الانحدار الأمني المتسارع.

 

إقرأ المزيد :

أزمة شرق الكونغو إلي مزيد من التصعيد : بوروندي تعتبر سيطرة إم 23 علي مدينة أوفيرا “إهانة” لواشنطن وتغلق الحدود

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »