أخبار عاجلةاخبار افريقياوسط افريقيا

شرق الكونغو الديمقراطية على حافة الانفجار: تصاعد القتال ينسف اتفاقات السلام ويعمّق الأزمة الإنسانية

تدهور أمني وإنساني غير مسبوق .. وواشنطن تشن هجوما حادا علي رواندا

 

تتجه الأوضاع في إقليم شرق الكونغو الديمقراطية نحو مزيد من التعقيد والانهيار، في ظل تصاعد حدة المواجهات المسلحة التي تسببت في انهيار واسع للخدمات الصحية، ونزوح جماعي لعشرات الآلاف من المدنيين، وسط تحذيرات متزايدة من تقويض جهود السلام الأخيرة والدفع بالمنطقة نحو أزمة إقليمية شاملة في منطقة البحيرات العظمى.

ويأتي هذا التدهور في وقت تشهد فيه الساحة الدبلوماسية تحركات مكثفة لاحتواء الصراع، إلا أن التطورات الميدانية المتسارعة تنذر بفشل هذه الجهود، مع استمرار الاشتباكات واتساع رقعة العنف.

واشنطن تهاجم رواندا وتحملها مسؤولية التصعيد

Screenshot 2025 12 13 210455 شرق الكونغو الديمقراطية على حافة الانفجار: تصاعد القتال ينسف اتفاقات السلام ويعمّق الأزمة الإنسانيةوفي تطور لافت، شن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو هجومًا شديد اللهجة على رواندا، متهمًا كيجالي بالضلوع في زعزعة الاستقرار بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وقال الوزير الأمريكي، في تدوينة عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»، إن «تصرفات رواندا في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية تمثل انتهاكًا واضحًا لاتفاقيات واشنطن التي وقعها الرئيس دونالد ترامب»، مشددًا على أن الولايات المتحدة «ستتخذ الإجراءات اللازمة لضمان وفاء الأطراف بالتعهدات التي قُطعت للرئيس».

الأمم المتحدة: هجوم جديد لحركة 23 مارس يشعل جنوب كيفو

وبحسب موقع الأمم المتحدة، شن تحالف نهر الكونغو/حركة «23 مارس» هجومًا جديدًا أدى إلى اندلاع أعمال عدائية واسعة النطاق في إقليم جنوب كيفو، وذلك بعد أيام قليلة فقط من توقيع اتفاقيات دولية هدفت إلى خفض التصعيد ووقف إطلاق النار.
وأفادت تقارير أممية بأن القتال المتجدد أسفر عن سقوط ضحايا بين المدنيين، وتدمير واسع للبنية التحتية، إضافة إلى تشريد مئات الآلاف من السكان، وفق ما أكدته منظمات إنسانية ومسؤولون في الأمم المتحدة.

اتهامات متجددة بدعم رواندي للتمرد

ولطالما أكدت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي أن ميليشيا «23 مارس»، التي يغلب على عناصرها الانتماء إلى عرقية التوتسي، تتلقى دعمًا مباشرًا من رواندا، وهي اتهامات نفتها كيجالي مرارًا وتكرارًا.
وفي هذا السياق، صرح السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، مايك فالتز، أمام مجلس الأمن بأن الولايات المتحدة، التي استضافت رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية في واشنطن لتوقيع اتفاق سلام الأسبوع الماضي فقط، «تشعر بخيبة أمل لا تُصدق» إزاء تصرفات كيجالي الأخيرة، ودعمها لما وصفه بـ«متمردي حركة 23 مارس الذين تسيطر عليهم بالكامل».

تحذير أممي من اندلاع نزاع إقليمي واسع

من جانبه، حذر جان بيير لاكروا، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس عمليات حفظ السلام، من أن الهجوم الأخير أعاد إلى الواجهة «شبح اندلاع صراع إقليمي بعواقب لا يمكن حصرها».
وأوضح لاكروا أن التوسع الإقليمي لتحالف نهر الكونغو/حركة «23 مارس»، إلى جانب إضعاف سلطة الحكومة الكونغولية في المناطق الشرقية، يشكل تهديدًا مباشرًا للوحدة الوطنية والسيادة والسلامة الإقليمية لجمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأشار المسؤول الأممي إلى أن الاختراقات الدبلوماسية الأخيرة، وعلى رأسها اتفاقات واشنطن الموقعة في 4 ديسمبر بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، إضافة إلى إطار اتفاق الدوحة الموقع في نوفمبر بين كينشاسا وتحالف نهر الكونغو/حركة «23 مارس»، ولّدت آمالًا حقيقية في خفض التصعيد، إلا أن الانتهاكات المتواصلة لوقف إطلاق النار واستئناف القتال باتت تهدد بإجهاض هذا التقدم.

مونوسكو تحت ضغط متزايد قبيل تجديد ولايتها

ومع تصاعد العنف، تظل بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية «مونوسكو» ركيزة أساسية – لكنها تعاني من ضغوط متزايدة – في حماية المدنيين بشرق البلاد، وذلك قبل أيام فقط من اتخاذ مجلس الأمن قرارًا حاسمًا بشأن تجديد ولايتها.

كينشاسا تتهم مجلس الأمن بالتقاعس

وفي هذا السياق، طالبت حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية مجلس الأمن الدولي بالتطبيق الصارم لقراره رقم 2773، معربة عن أسفها لعدم اتخاذ المجلس «أي إجراءات ملموسة» لتنفيذ القرار الذي جرى اعتماده في سبتمبر الماضي، والذي يدين ما وصفته بـ«العدوان على الأراضي الكونغولية».

وخلال جلسة خاصة لمجلس الأمن لمناقشة الوضع الأمني في شرق البلاد، اتهمت وزيرة الخارجية الكونغولية، تيريز فاجنر، المجلس بالتقاعس عن أداء دوره، قائلة: «هذا المجلس، وعلى مدى تسعة أشهر، لم يتخذ أي خطوة للدفاع عن مهمته».

مطالب بتفويض قوي وشامل لبعثة مونوسكو

ودعت فاجنر، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الكونغولية، إلى منح بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية ولاية قوية ومتماسكة، تتضمن الحماية الصريحة لموظفي الأمم المتحدة، مشيرة إلى تعرض عدد من عناصر حفظ السلام للاستهداف المباشر.
وأضافت: «لقد حان الوقت لأن يواجه هذا المجلس سؤالًا جوهريًا: كيف ساهم غياب الإجراءات القسرية، على مدى ثلاثة عقود، في استمرار هذه الانتهاكات؟».

وشددت على ضرورة التطبيق الكامل للقرار 2773 دون غموض أو استثناء، مؤكدة أن التفويض الجديد لمونوسكو يجب أن يكون متناسبًا مع الواقع على الأرض، وحاميًا لسلطة مجلس الأمن ذاته.

وأوضحت وزيرة الخارجية أن التفويض الجديد يجب أن يضمن حماية المدنيين، ويؤكد انسحاب القوات الأجنبية، ويدعم العمليات الإنسانية، وينص صراحة على حماية قوات حفظ السلام والموظفين المدنيين وقيادة بعثة مونوسكو، مع إدانة أي اعتداء عليهم، ومنع أي تحايل على قرارات مجلس الأمن.

وشددت فاجنر على أن «الشعب الكونغولي اختار السلام، وطلبه، وتفاوض عليه ووقّعه»، مؤكدة أنه «لا ينبغي أن يدفع ثمن سوء نية أولئك الذين ينقضون التزاماتهم».
وأضافت أن السلام «لا يمكن أن يقوم على وعود غير منفذة»، داعية مجلس الأمن إلى التحرك لتحويل هذه المبادئ من نصوص نظرية إلى واقع ملموس، من خلال التنفيذ الكامل للقرار 2773 وفرض عقوبات موجهة على القادة العسكريين والسياسيين المسؤولين عن العدوان.

تحركات إفريقية ورسالة عاجلة إلى أنجولا

وفي إطار التحركات الإقليمية، استقبل الرئيس الأنجولي ورئيس الاتحاد الإفريقي الحالي، جواو لورينسو، وزير التكامل الإقليمي في جمهورية الكونغو الديمقراطية، فلوريبير أنزولوني إسيلوكيتشي.
وأفادت الرئاسة الأنجولية، بحسب موقع «أكتواليتي» الإخباري الإفريقي، بأن الوزير الكونغولي حمل رسالة من الرئيس فيليكس تشيسيكيدي إلى نظيره الأنجولي، على خلفية سيطرة حركة «23 مارس» المتمردة على مدينة أوفيرا بشرقي البلاد، رغم المبادرات الدبلوماسية الجارية برعاية الولايات المتحدة وقطر والاتحاد الإفريقي.

ونقلت الرئاسة الأنجولية عن المبعوث الخاص للرئيس الكونغولي أن الرسالة تناولت «تدهور وضع السلم والأمن في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية نتيجة الهجمات الأخيرة التي نفذتها حركة 23 مارس»، محذرًا من أن هذه التطورات تهدد اتفاق السلام الموقع في واشنطن بين كينشاسا وكيجالي.
وتأتي هذه الزيارة في ظل سيطرة حركة «23 مارس» على مدينة أوفيرا ذات الأهمية الاستراتيجية للأجهزة الأمنية في جنوب كيفو، ما عزز نفوذ الحركة وهيمنتها على إقليمي شمال وجنوب كيفو.

ويُذكر أنه عقب سيطرة المتمردين على مدينة بوكافو في فبراير 2025، اختارت حكومة كينشاسا مدينة أوفيرا مقرًا مؤقتًا لمؤسسات الدولة في المناطق التي ظلت خاضعة لسيطرتها في إقليم جنوب كيفو.
وتزامن هذا التدهور الأمني مع المصادقة على اتفاقات واشنطن بين كينشاسا وكيجالي برعاية أمريكية، حيث كان من المفترض أن تسهم هذه الاتفاقات في تكريس وقف إطلاق النار، إلا أن الواقع الميداني شهد مزيدًا من التدهور.

أطباء بلا حدود تنسحب بسبب المعارك

وفي تطور إنساني خطير، أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود» انسحابها من مدينة باراكا في إقليم جنوب كيفو، مبررة القرار بتصاعد المعارك بين متمردي حركة «23 مارس» والقوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية.
وقالت المنظمة، في بيان نقلته وسائل إعلام كونغولية، إنه «نظرًا لتصاعد المعارك، لم يعد أمام أطباء بلا حدود أي خيار سوى تعليق أنشطتها الطبية في باراكا لأسباب أمنية».
وأوضحت أنها كانت تنفذ عمليات طارئة لمكافحة الملاريا، حيث عالجت أكثر من 25 ألف مصاب، إضافة إلى أكثر من 650 حالة كوليرا.

مصر تؤكد دعمها لوحدة الكونغو وتدعو للتهدئة

من جانبها، أكدت مصر متابعتها بقلق بالغ للتطورات المتسارعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وما تشهده بعض المناطق من تدهور في الأوضاع الإنسانية يفرض تحديات عاجلة على المدنيين.
وشددت وزارة الخارجية المصرية، في بيان رسمي، على دعم مصر الكامل لوحدة وسلامة وسيادة الأراضي الكونغولية، مؤكدة أهمية التهدئة ووقف أي تصعيد ميداني بما يسهم في خلق بيئة مواتية للحوار واستعادة الاستقرار.

كما أكدت القاهرة أهمية الالتزام باتفاق واشنطن للسلام بوصفه إطارًا أساسيًا لبناء الثقة وتخفيف التوتر، وضرورة تنفيذ ما نص عليه من خطوات عملية لتحقيق السلام في شرق الكونغو الديمقراطية، مع تسهيل وصول المساعدات الإنسانية ودعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى منع مزيد من التدهور وترسيخ الاستقرار الدائم.

 

إقرأ المزيد :

بوروندي: 40 ألفًا يفرون من الكونغو الديمقراطية بسبب القتال مع متمردي حركة إم 23

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »