الدكتورة نهلة أبو العز تكتب : آفاق تطور العلاقات الاقتصادية بين مصر و أنجولا

أفرزت المتغيرات السياسية الدولية والإقليمية والظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية واقعا إفريقيا جديدا، حتم الحاجة إلى خلق كيان إفريقي متحد لمواجهة التحديات العالمية والإقليمية، هذا ما دفع الدول الإفريقية إلى التنبه مبكرا إلى أهمية التعاون والتكامل بينها على المستويين الإقليمي والقاري، باعتباره إحدى الصيغ الأساسية التي تستطيع أفريقيا من خلالها أن تواجه ما يحيط بها من مشاكل موروثة من العهود الاستعمارية، أو من الممارسات الخاطئة للسلطة الوطنية بعد الاستقلال وكذلك التحديات التي تفرضها عليا العلاقات الاقتصادية الدولية المعاصرة.
ولقد حرصت مصر على التعاون مع عدد من الدول الأفريقية في المجال الاقتصادي، وخصوصا أنجولا، بهدف زيادة الاستثمارات المصرية وفتح الأسواق الأفريقية أمام المنتجات المصرية، واستكمال اتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية، وكذلك المساعدة في تطوير البنية التحتية في عدد من الدول الأفريقية. حيث تكمن الأهمية الاقتصادية لمنطقة التجارة الحرة القارية في إفريقيا في كونها تغطي عددا كبيرا من الدول ذات الموارد والإمكانات البشرية والاقتصادية المختلفة، حيث تشمل منطقة التجارة الإفريقية سوقا يتكون من أكثر من مليار نسمة من السكان، ويقدر ناتجها المحلي الي ما يصل 3 تريليون دولار، لتشكل بذلك أكبر منطقة تجارة في العالم منذ إنشاء منظمة التجارة العالمية. وعلى المدى المتوسط سيرتفع عدد سكان القارة ليصل إلى 2.5 مليار نسمة بحلول عام ٢٠٥٠ ، أي نحو %26 من سكان العالم وسيكون نمو اقتصادها بمعدل ضعف نمو اقتصاد الدول المتقدمة، ولعل هذا السياق المتميز سيشكل فرصة كبيرة لأداء فعال لمنطقة التجارة الحرة الإفريقية(١).
ومن ثم تمثل منطقة التجارة الحرة الأفريقية أحد أهم مداخل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين مصر وانجولا حيث تسهم بشكل ملموس في تعزيز التنمية ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة بين البلدين بهدف تعميق روح التعاون والشراكة.
والبيانات التالية توضح حجم العلاقات التجارية بين البلدين طبقا لأحدث إحصاءات :
أولًا: مؤشرات التبادل التجاري
حجم التجارة الثنائية في مصر و أنجولا:
بلغت قيمة التبادل التجاري بين مصر وأنجولا حوالي 21.3مليون دولار في عام 2023 وازدادت الى نحو 34 مليون مقارنة بنحو34.2 مليون دولار في 2024،مما يعد زيادة ملحوظة في التجارة البينية بين البلدين .
ومن أبرز السلع التي صدرتها مصر إلى أنجولا :
معدات وآلات كهربائية بحوالي 6.9 مليون دولار
منتجات كيماوية غير عضوية بحوالى 5.5 مليون دولار
لدائن ومصنوعاتها بحوالى 4.4 مليون دولار
صابون ومحضرات غسيل بحوالى 3.8 مليون دولار
منتجات حديد وصلب بحوالي 3.4 مليون دولار
أما عن واردات مصر من أنجولا فلقد تمثلت في المنتجات التالية:
حيوانات حية بحوالى 40 ألف دولار
حديد وصلب بحوالى 15 ألف دولار
خام الجرانيت بحوالي 9 آلاف دولار
ومما تقدم فإن التبادل التجاري لا يزال محدود الحجم مقارنة بعلاقات مصر الاقتصادية مع دول أفريقية أخرى، لكنه يسجل نموًا واضحًا في الصادرات المصرية نحو السوق الأنجولي.
فرص وامكانيات التعاون بين البلدين في إطار منطقة التجارة الحرة الافريقية:
أولا: اللجنة المشتركة الأولى (ديسمبر 2025)
انعقدت أول جلسة للجنة المشتركة بين مصر وأنجولا في لواندا بحضور وزيري خارجية البلدين، ولقد ركّز اللقاء على:
تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري.
تطوير شراكات بين القطاعين العام والخاص.
دعم الشركات المصرية العاملة في أنجولا (مثل: المقاولون العرب، السويدي إلكتريك، وبتروجت).
كما تناولت اللجنة بحث فرص جديدة للاستثمارات في مجالات التخطيط العمراني، الطاقة، البنية التحتية، السياحة، الصناعات البتروكيميائية والأسمدة، وتعزيز التعاون الاستثماري بين الهيئة العامة للاستثمار المصرية والوكالة الأنجولية للاستثمار، مع دراسة إنشاء مجلس أعمال مشترك.
ومناقشة التعاون في القطاع الصحي والتصنيع الدوائي وقطاع الخدمات الصحية.
ثانيا: منتدى الأعمال المصري–الأنجولي:
تم افتتاح منتدى أعمال في لواندا بحضور عدد من المستثمرين والممثلين عن مؤسسات القطاع الخاص المصري.
أكد المنتدى الأهمية الاقتصادية للعلاقات الثنائية والفرص في التعاون التجاري والاستثماري.
ثالثا: اتفاقيات أخرى :
كما تم توقيع عدة اتفاقيات أخرى تشمل مجالات:
الخدمات الجوية
تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
الخدمات البريدية
الصحة والصناعات الدوائية
وهذا يعكس توسعة نطاق التعاون بآليات تشريعية وتنظيمية .
أخيرا: السياق الاستراتيجي والآفاق المستقبلية
زيارات رفيعة المستوى:
استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الأنجولي في القاهرة (أبريل 2025)، وتم خلال الزيارة بحث تعزيز العلاقات الشاملة، بما في ذلك الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
ولقد عبر الجانبان عن التطلع لرفع مستوى العلاقات إلى مستوى شراكة استراتيجية تشمل ( 2 ):
زيادة حجم التجارة البينية.
توسيع الاستثمارات المشتركة.
الاستفادة من خبرات مصر في البنية التحتية واللوجستيات.
تعزيز التكامل الإفريقي في سياق اتفاقية منطقة التجارة الحرة الافريقية.
الفرص المستقبلية لتعزيز التعاون بين البلدين :
هناك مجموعة من المجالات ذات الأولوية للتعاون المشترك بين البلدين منها :
الطاقة (بما في ذلك الطاقة المتجددة)
البنية التحتية والمقاولات
الصناعات التحويلية
السياحة
الزراعة والأمن الغذائي
الصحة والتعليم والتكنولوجيا
التكامل الإفريقي ولوجستيات التجارة داخل القارة .
* أ. د / نهلة ابوالعز .. أستاذ الاقتصاد بكلية الدراسات الأفريقية العليا – جامعة القاهرة
رئيس قسم الاقتصاد الأسبق بكلية الاقتصاد جامعة 6 أكتوبر .
1- Nwodu Nnamdi Okechukwu, and Ijeoma1 Edwin Okechukwu Chikata,” The African Union Continental Free Challenges and Prospects,” International Journal of Sustainable Development Research Vol. 4. No. 2 Traite Area (September, 2018), p41.
2- https://sis.gov.eg/en/media-center/news/egypt-angola-hold-first-joint-committee-meeting-to-boost-bilateral-ties/?utm_source=chatgpt.com
اقرأ المزيد
رابطة الصداقة العربية–الصينية تكرّم روادها وتؤكد على تعزيز التعاون بين الشعوب العربية والصين


