أخبار عاجلةالرأي

الدكتور محمود أحمد فراج يكتب : القوة الناعمة المصرية في أفريقيا .. نهضة الحضور منذ عام 2014

تُعرف القوة الناعمة بأنها القدرة على الإقناع والتأثير في الأطراف الأخرى حتى تستجيب لرغبات الدولة الممارسة لهذه القوة، وتعتمد على أدوات عديدة تشمل الثقافة، والفنون، والرياضة، إضافة إلى الدبلوماسية والمساعدات الخارجية، وتضطلع بهذه الأدوات مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام. شهد الحضور المصري على الساحة الأفريقية نقلة نوعية منذ عام 2014، بعد سنوات طويلة وُصفت بـ “الإهمال الحميد” أو التراجع النسبي في الاهتمام المصري بقضايا القارة، عادت الدائرة الأفريقية لتحتل الأولوية ضمن دوائر السياسة الخارجية المصرية بشكل عام، وذلك منذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في عام 2014.

اعتمدت مصر في تعزيز وجودها على الساحة الأفريقية على استغلال أدوات القوة الناعمة المتاحة وتعزيزها بأدوات مستحدثة لتحقيق أهداف سياستها الخارجية تجاه أفريقيا. ومن أبرز هذه الأدوات والمؤسسات:

1. الدبلوماسية رفيعة المستوى والمؤسساتية:

◦ بدأت مصر خطوات سريعة للعودة إلى القارة الأفريقية.

◦ وصل الاهتمام المصري بأفريقيا إلى ذروته في سياق تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي سنة 2019.

◦ شملت التحركات المصرية منذ عام 2014 زيارات مكثفة للرئيس السيسي إلى أفريقيا، بلغت نحو 21 زيارة من إجمالي 69 زيارة خارجية حتى أغسطس 2017، وهو ما يمثل أكثر من 30% من إجمالي الزيارات الرئاسية الخارجية.

◦ حرصت مصر على المشاركة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة داخل أفريقيا، واحتلت المرتبة السابعة عالميًا والثالثة أفريقيًا في قائمة أكثر الدول مساهمة في هذه العمليات حتى يونيو 2017.

2. المؤسسات الدينية والثقافية:

◦ يعد الأزهر الشريف والكنيسة من الأدوات المهمة للقوة الناعمة المصرية في أفريقيا.

◦ لم يغب الأزهر الشريف يومًا عن دعم شعوب القارة الأفريقية، وزاد هذا الاهتمام بصورة لافتة خلال السنوات الأخيرة.

◦ شكّل الإمام الأكبر لجنة متخصصة للشئون الأفريقية داخل الأزهر للعمل على وضع برامج وخطط تدعم أبناء القارة، وذلك بالتزامن مع تولي مصر الرئاسة الدورية لمجلس السلم والأمن الأفريقي.

◦ تختص هذه اللجنة بزيادة عدد المنح الدراسية المقدمة للطلاب الأفارقة، وزيادة أعداد المبعوثين من المدرسين إلى الدول الأفريقية، وتكثيف البرامج التدريبية لتأهيل الأئمة والوعاظ.

◦ نجح الأزهر في نشر صحيح الدين الإسلامي الوسطي وإحلال السلام والتسامح في معظم الدول الأفريقية، كما أرسل وفوداً دعوية وقوافل إغاثية وطبية للدول الأشد احتياجاً.

◦ ينتشر للأزهر 16 معهدًا أزهريًا في عدة دول أفريقية، و 537 مبعوثًا أزهريًا لنشر التعاليم الإسلامية الصحيحة وفق المنهج الأزهري الوسطي.

3. التنمية والمساعدات الاقتصادية:

◦ تأسست الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية (EAPD) في عام 2014، وقد ركزت عملها في تقديم المعونات والمساعدات، وإيفاد الخبراء، وبناء القدرات.

◦ قدمت الوكالة منحًا ومساعدات طبية لدول القارة، ونفذت العديد من برامج التدريب وبناء القدرات للأشقاء الأفارقة. وقد استفاد من برامج بناء القدرات أكثر من 7000 أفريقي من 42 دولة في مجالات الدبلوماسية، والصحة، والزراعة، والأمن الغذائي، والسلام والأمن.

◦ تبنت مصر مبادرات على الساحة الأفريقية مثل “حياة كريمة لأفريقيا”.

◦ بلغ إجمالي الاستثمارات المصرية في القارة 10.2 مليار دولار في عام 2022.

◦ تم تنفيذ العديد من المشروعات بالشراكة بين القطاع الحكومي والخاص في أفريقيا، ومن الأمثلة على ذلك إنشاء سد نيريري وتدعيم التبادل الثقافي.

4. المنصات والمنتديات الشبابية والاقتصادية:

◦ أصبح منتدى شباب العالم، الذي انطلقت نسخته الأولى في نوفمبر 2017، أداة مهمة من أدوات القوة الناعمة المصرية. يهدف المنتدى إلى إعلاء قيم التفاهم والحوار بين الشباب وإظهار الاستقرار السياسي والأمني للدولة المصرية.

◦ أعلنت مصر عن تأسيس مركز إقليمي لرواد الأعمال في أفريقيا ليكون منصة للتعاون وتبادل الخبرات.

◦ تضمنت توصيات المنتدى لعام 2017 توجيهًا بتحويل مدينة أسوان المصرية لتكون عاصمة لشباب أفريقيا.

◦ استضافت مصر فعاليات اقتصادية مهمة مثل منتدى أفريقيا 2018 لدعم الاستثمار، والذي شهد توقيع 30 اتفاقية بحضور 10 رؤساء أفارقة.

مكانة مصر وتحديات الصورة الذهنية

في إطار قياس التأثير، تصدرت مصر قائمة أكثر 10 دول أفريقية ذات التأثير الأكبر من حيث القوة الناعمة عالميًا، وفقًا لمؤشر القوة الناعمة العالمي الصادر عن شركة “براند فاينانس”.

وقد حصلت مصر على 44.9 درجة على المؤشر، متقدمة على جنوب أفريقيا والمغرب والجزائر. وتُعزى هذه المكانة إلى ثماني ركائز أساسية يقيسها المؤشر، منها الأعمال والتجارة، والعلاقات الدولية، والتعليم والعلوم، والثقافة والتراث.

الرؤية المستقبلية لتعزيز القوة الناعمة

يختتم المقال “القوة الناعمة المصرية في أفريقيا” بتقديم رؤية مستقبلية ومقترحات لتعزيز القوة الناعمة لمصر، من خلال البناء على إنجازات الماضي واستشراف آفاق أرحب في المستقبل، لتعزيز الروابط المصرية الأفريقية باستخدام الأدوات المتاحة بالفعل لتحقيق مصالح وأهداف مشتركة.

ويشمل هذا، العمل على تمكين الفاعلين من القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية لابتكار أدوات وبرامج تستهدف تطوير صورة مصر في القارة من مختلف الجوانب، والابتعاد عن الطابع الاحتفالي أو الموجه في الفعاليات.

كما تتجه الرؤى نحو ضرورة استكشاف حقيقة الرؤية الأفريقية لمصر والفصل بينها وبين الرؤية التقليدية المثالية، وتفهم التغيرات اللاحقة وأثرها على هذه الرؤية.

 

اقرأ المزيد

سفير دكتور محمد حجازي يكتب : العلاقات المصرية السورية ٢٠٢٦.. بين عواطف التاريخ وثوابت الدولة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »