غينيا بيساو : الجيش ينصب “هورتا إينتا-أ ” رئيسًا انتقاليًا للبلاد

أعلن الجيش في غينيا بيساو، اليوم الخميس، عن تعيين قائد جديد للمجلس العسكري الحاكم، في خطوة تؤكد انتقال السلطة بالقوة بعد الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخرًا. وقد كشفت القيادة العسكرية العليا، عبر التلفزيون الرسمي، عن تولي الفريق هورتا إينتا-أ منصب رئيس الحكومة العسكرية، لقيادة مرحلة انتقالية تستمر لمدة عام واحد، إلى حين إعادة ترتيب المشهد السياسي.
ويُعد إينتا-أ من أبرز القيادات العسكرية في البلاد، إذ شغل منصب رئيس أركان الجيش حتى لحظة الانقلاب، كما يُعرف بقربه الشديد من الرئيس المخلوع عمر سيسوكو إمبالو، الذي تولى الحكم في 2020 في أعقاب انتخابات مثيرة للجدل، قبل أن تواجه ولايته أزمات سياسية متصاعدة وصراعًا مفتوحًا بين السلطة التنفيذية والمؤسسات التشريعية.
وفي أول خطاب له بعد تعيينه، قال إينتا-أ إن البلاد وصلت إلى “نقطة انسداد سياسي خطير”، مؤكدًا أن “عجز الأطراف السياسية عن احتواء التوترات ووقف تدهور المناخ السياسي” دفع الجيش للتدخل. وأضاف أن المرحلة الانتقالية المُعلنة تهدف —بحسب رؤيته— إلى “إعادة الاستقرار وحماية الدولة من الانهيار”.

ولا يزال الغموض يلف مصير الرئيس المعزول إمبالو؛ إذ ذكرت وسائل إعلام فرنسية أنه اعتُقل الأربعاء بعد تبادل لإطلاق النار قرب القصر الرئاسي في بيساو. ولم تعلن المؤسسة العسكرية حتى الآن عن مكان وجوده أو وضعه القانوني.
على الجانب الآخر، تصاعدت اتهامات المعارضة، التي رأت في الأحداث “انقلابًا مُفتعلاً” رتّبه إمبالو نفسه لتجنب إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، التي شهدت منافسة حادة بينه وبين المرشح البارز فرناندو دياس، عضو حزب التجديد الاجتماعي.
وأكد دياس، الذي يعلن بدوره الفوز في الانتخابات، أن “كل ما جرى من اعتقال للرئيس وتدخل عسكري ليس سوى محاولة لخلق فوضى تُعطل إعلان النتائج الحقيقية”.
وتعكس هذه الاتهامات حالة عدم الثقة العميقة بين الفرقاء السياسيين في البلاد، التي شهدت منذ استقلالها عام 1974 أكثر من 10 انقلابات ومحاولات انقلابية، ما جعلها واحدة من أكثر دول غرب إفريقيا اضطرابًا سياسيًا.
من جانبهم، دعا الحزب الإفريقي لاستقلال غينيا بيساو والرأس الأخضر (PAIGC) —أكبر أحزاب المعارضة التاريخية— إلى التظاهر السلمي للمطالبة بإعلان نتائج الانتخابات ورفض ما وصفوه بـ”العودة إلى حكم العسكر”.
إلا أن العاصمة بيساو بدت صباح الخميس هادئة نسبيًا، حيث استأنفت المتاجر أعمالها وعادت حركة المواصلات تدريجيًا، في مشهد يعكس حالة ترقب شعبية لما ستسفر عنه الساعات والأيام المقبلة.
وتواجه غينيا بيساو اليوم اختبارًا جديدًا بين استمرار النفوذ العسكري التقليدي في البلاد، ومحاولة بناء مسار ديمقراطي مستقر ظلّ يتعثر لعقود طويلة.




