المصدر السري أمام التحقيق: حصانة أم مساءلة؟ تثير حماية المصادر السرية في التحقيقات الجنائية إشكالية قانونية بالغة التعقيد، بين ضرورات الأمن القومي ومتطلبات العدالة النزيهة. فبينما يُلزم القانون المصري (المادة 53 من قانون العقوبات) بحماية أسرار الدولة، يُلاحَظ أن بعض القضايا تشهد غموضًا حول مدى مصداقية المعلومات المستندة إلى مصادر سرية، خاصة في قضايا الفساد فكيف يمكن تحقيق التوازن؟ الإطار القانوني للمصادر السرية في مصر.
1-الحماية القانونية:
تنص المادة 102 من قانون الإجراءات الجنائية على أن “للمحكمة أن تستمع للشهود في جلسة سرية”، لكنها لا تمنح حصانة مطلقة للمصادر.
– المادة 97 من الدستور المصري تُلزم الدولة بمكافحة الفساد، مما يفرض رقابة على أي إجراء يعيق تحقيق العدالة
2- الضوابط القضائية:
في حكم محكمة النقض رقم 2345 لسنة 2022، قضت المحكمة بعدم جواز إغلاق التحقيق لمجرد التمسك بسرية المصدر إذا تعارض ذلك مع حقوق الدفاع إشكالية المساءلة.
رؤية مقارنة –
في مصر: – تتيح النيابة العامة (وفقًا للمادة23 من قانون السلطة القضائية) طلب إعادة فتح التحقيقات إذا ثبت عدم كفاية أدلة المصدر السري.
في التجربة الفرنسية: – يُخضع “قاضي التحقيق السري” معلومات المصادر لتقييم مستقل دون كشف الهوية (نظام يُمكن الاستفادة منه)
الحلول المقترحة (مع ضمانات دستورية)
- تشكيل وحدة قضائية متخصصة: – لمراجعة طلبات حماية المصادر السرية، مع حقها في استبعاد المعلومات غير الموثوقة 2
- -التوثيق الرقمي: – استخدام تقنيات (مثل البلوك تشين) لتسجيل مسار المعلومات السرية دون كشف المصدر
- تحديد فترة زمنية: – لمراجعة قرارات إغلاق التحقيقات المستندة إلى مصادر سرية (كما في المادة 44 من قانون مكافحة الفساد). فإذا تم إضافة هذا فورا سيكون هناك رقابة على الدعوى الجنائية أثناء فترة جمع الاستدلالات. فــ الحماية القانونية للمصادر السرية ضرورة أمنية، لكنها يجب ألا تتعارض مع مبدأ علانية العدالة. التطبيق المتوازن للنصوص القانونية القائمة (كالدستور وقانون الإجراءات) كفيل بحل هذه الإشكالية، مع ضرورة تطوير آليات رقابية مستقلة.
محمود صلاح – باحث دكتوراه في القانون الجنائي
إقرا المزيد:-
الدكتور مجدي الشيمي يكتب : الدور المحوري لتحويلات العاملين بالخارج في الاقتصاد المصري
السفير دكتور صلاح حليمه يكتب: العلاقات المصرية الجيبوتية .. فرص وآفاق أرحب
