السياسي النيجري عمر مختار الأنصاري يكتب : زيارة وزير الخارجية المصري إلى نيامي.. نحو شراكة استراتيجية تعانق طموحات الشعوب

في لحظة تاريخية تتألق فيها مشاعل التضامن الأفريقي، احتضنت نيامي، درة النيجر، يوم الأربعاء 23 يوليو 2025، معالي الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة المصري، في زيارة رسمية نسجت خيوطها من أواصر الأخوة والطموح المشترك.. هذه الزيارة التي تجلت في لقاءات رفيعة مع فخامة الفريق أول عبد الرحمن تياني، رئيس الجمهورية، ومعالي السيد بكاري ياو سانجاري، وزير الخارجية، والسيد عبد الله سيدو، وزير التجارة والصناعة، وافتتاح منتدى الأعمال المصري-النيجري الأول، ليست مجرد فصل دبلوماسي، بل بوابة مفتوحة نحو شراكة استراتيجية تعانق طموحات شعبي النيجر ومصر، وتؤكد على إشراك كل الأطراف في حوار بنّاء يرسم معالم مستقبل مزدهر.
سياق الزيارة: تجسير الماضي بآفاق المستقبل
تتأصل العلاقات النيجرية-المصرية في نسيج تاريخي من التضامن الأفريقي، حيث كانت مصر، بعراقتها ومكانتها، نبراسًا يضيء دروب القارة نحو الرفاه والاستقلال. تأتي هذه الزيارة في سياق إقليمي يتشابك فيه التحدي الاقتصادي مع الهمّ الأمني، لتشكل لحظة فارقة تعزز التعاون بين نيامي والقاهرة. إن اختيار نيامي كمحطة رئيسية في جولة الوزير المصري يعكس إدراكًا عميقًا لمكانة النيجر كمحور استقرار في الساحل، وما تكتنزه من كنوز اقتصادية واعدة.
خلال اللقاءات، سلّم معالي الوزير عبد العاطي رسالة خطية من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى رئيس الجمهورية، تحمل في طياتها تأكيدًا على التزام مصر بدعم النيجر في مسيرتها التنموية. هذه الرسالة، التي اتسمت بروح التقدير والأخوة، دعت إلى تعميق التعاون في أصعدة الاقتصاد والأمن والثقافة، مشددةً على أن التقدم الحقيقي يزهر عندما يعكس نبض الشعب، ويستلهم طموحاته عبر حوار يحتضن الجميع.
منتدى الأعمال: مشاعل التنمية المشتركة
أضاء افتتاح منتدى الأعمال المصري-النيجري الأول سماء الزيارة، حيث التقى وفد اقتصادي مصري يضم أكثر من ثلاثين من رجال الأعمال وممثلي شركات رائدة، مثل السويدي إليكتريك، وأوراسكوم، وشركات الأسمدة والصناعات الكيماوية، بنظرائهم النيجريين، ليرسموا معًا آفاق شراكات في قطاعات الزراعة، التعدين، الطاقة المتجددة، والبنية التحتية. هذا المنتدى، بما حمله من نقاشات تفاعلية، شكّل جسرًا متينًا يربط بين طموحات البلدين، ويؤسس لتنمية مستدامة.
من منظور نيجري، يمثل هذا المنتدى مشعلاً ينير دروب الرفاه الاقتصادي. فالنيجر، بما تملكه من ثروات طبيعية وإمكانات زراعية، تتطلع إلى شركاء يحملون الخبرة والرؤية. الشركات المصرية، بسجلها الحافل في مشروعات البنية التحتية والصناعات الدوائية، تقدم نموذجًا واعدًا. لكن ازدهار هذه الشراكات يتطلب أن تكون معبرةً عن طموحات الشعب النيجري، عبر إشراك المجتمعات المحلية والقطاع الخاص في صياغة السياسات، مع ضمان الشفافية التي تجعل ثمار التنمية نصيب الجميع.
الأمن والاستقرار: نسج الثقة بحوار شامل
امتدت الزيارة لتتناول التحديات الأمنية التي تواجه منطقة الساحل، حيث أكد الوزير عبد العاطي دعم مصر الراسخ لاستقرار النيجر، مشيرًا إلى أن أمن الساحل ركن أساسي في استقرار القارة. هذا الموقف يعكس رؤية استراتيجية ترى في النيجر حجر زاوية لأمن إفريقيا.
ككاتب نيجري يؤمن بقوة نبض الشعب، أرى أن التعاون الأمني مع مصر يمكن أن يبلغ ذروته إذا استند إلى حوار يحتضن المجتمعات المحلية، ويعزز الثقة بينها وبين المؤسسات. إن تبادل الخبرات في مكافحة الإرهاب، عبر برامج مثل تلك التي يقدمها مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات، خطوة مباركة.
لكن الأمن المستدام يتطلب أن يعكس تطلعات الشعب، وأن يُبنى على أسس الشفافية والإشراك، بحيث يتجلى صوت الجميع في حماية الوطن.
الروابط الثقافية: نسيج يوحد القلوب
تظل الروابط الثقافية والدينية نسيجًا متينًا يوحد شعبي النيجر ومصر. فمصر، بمؤسساتها العريقة كالأزهر الشريف، أسهمت عبر التاريخ في نشر الفكر الإسلامي الوسطي في النيجر، مما عزز أواصر الأخوة.
خلال الزيارة، تم التأكيد على تعزيز التعاون التعليمي، بما في ذلك توسيع المنح الدراسية للطلاب النيجريين في الجامعات المصرية. هذه الخطوات تمثل بذورًا تُزرع في تربة التنمية، لتنبت جيلًا يحمل رؤية منفتحة، معبرةً عن طموحات الشعب، وقادرة على قيادة مستقبل يحتضن الجميع.
نحو آفاق تعكس نبض الأمة
إن زيارة الوزير المصري إلى نيامي ليست مجرد فصل دبلوماسي، بل دعوة لنسج شراكة استراتيجية تعكس نبض شعبي النيجر ومصر.
من منظوري ككاتب نيجري يؤمن بقوة إرادة الأمة، أدعو إلى أن تكون هذه الشراكة منارةً للتعاون الأفريقي، قائمةً على الشفافية وحوار يحتضن كل الأطراف. النيجر، بثرواتها وإمكاناتها، ومصر، بخبراتها التنموية، يمكن أن تبنيا معًا نموذجًا يلهم القارة، ويكمل التعاون مع دول الجوار، مثل الجزائر، التي تظل شريكًا محوريًا في استقرار الساحل.
في الختام، أرى في هذه الزيارة فجرًا جديدًا للتعاون بين نيامي والقاهرة، يجمع بين الطموح الاقتصادي والالتزام بالاستقرار.
كمواطن نيجري يؤمن بأن قوة الأمة تكمن في نبض شعبها، أحث على أن تكون هذه الشراكة معبرةً عن تطلعات الجميع، ومرتكزةً على حوار يضمن إشراك كل صوت.
فلنجعل من هذه اللحظة نقطة انطلاق نحو مستقبل يزدهر فيه التضامن الأفريقي، وتتجلى فيه إرادة الشعوب كمنارة للتقدم والرفاه.
* عمر مختار الأنصاري، كاتب وسياسي نيجري .
وزير الخارجية يلتقي بجالية مصر في النيجر .. وعبد العاطي : رعاية الجاليات المصرية أولوية رئيسية