في خطوة تعكس قوة الرأي العام وتأثيره المباشر على القرارات الرياضية، تراجع نادي فورتونا دوسلدورف الألماني (درجة ثانية) عن التعاقد مع المهاجم الإسرائيلي شون فايسمان (29 عامًا) بعد احتجاجات واسعة من جماهيره بسبب منشورات سابقة للاعب تدعو إلى عنف ضد الفلسطينيين في غزة. جاء القرار فجأةً رغم وصول اللاعب إلى ألمانيا وإتمامه الفحوصات الطبية تمهيدًا للتوقيع، وفقًا لبيان مختصر نشرته إدارة النادي عبر منصة “إكس” يوم الثلاثاء 5 أغسطس 2025.
كشفت صحيفة “بيلد” الألمانية – المصدر الرئيسي لتطورات القضية – أن فايسمان نشر في أعقاب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تصريحات مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، دعا فيها إلى: “محو غزة من الخريطة”، “إلقاء 200 طن من القنابل عليها”، كما أبدى إعجابه بمنشورات تُشير إلى أنه *”لا وجود لأبرياء في غزة” و” لا حاجة لتحذيرهم” قبل الهجمات.
وحذف فايسمان لاحقًا هذه المنشورات، بعد علمه أنها ستأتي بنتائج عكسية علي مستقبله الكروي، وبرر ذلك بوصفه إياها بـ “الخطأ” الذي ارتكبه تحت وطأة “الغضب الوطني والشخصي” في تلك اللحظة، مؤكدًا التزامه بقيم “الإنسانية والاحترام المتبادل”.
واندلعت موجة غضب عارمة بين مشجعي فورتونا دوسلدورف بعد إعلان نبأ التعاقد، حيث أطلقوا *عريضة إلكترونية* وصفت تصريحات اللاعب بأنها *”مهينة وتمييزية”* وتتناقض صراحةً مع مبادئ النادي التي “يدافع عنها ويعززها” وبلغت الضغوط ذروتها حين استُدعي فايسمان – الذي كان على وشك دخول الملعب للتدريب – وأُبلغ رسميًا بإلغاء الصفقة، وفقًا لتفاصيل أوردتها صحف محلية.
من جانبه، حاول مدرب الفريق دانييل ثيون تجنُّب الخوض في الجدل، مُعلنًا في مؤتمر صحفي: “أركز فقط على الجوانب الرياضية وأعمل مع اللاعبين المتاحين… من غير المنطقي الخوض في أمور خارج اختصاصي”، في إشارة واضحة إلى أنه يفتقد لمهاجم لكنه يحترم قرار النادي.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تواجه فيها تصريحات فايسمان رفضًا جماهيريًا؛ فقد احتجّ مشجعو ناديه السابق غرناطة* (الدوري الإسباني) على مواقفه السياسية ذات الصلة، كما تذكر التقارير أن النادي واللاعب كانا يخططان لإصدار بيان اعتذار مشترك بعد التوقيع، لكن الضغط الجماهيري أجبرهما على إلغاء الصفقة بالكامل .
وتأتي هذه الحادثة في سياق حساس؛ فبعد 22 شهرًا من الحرب على غزة، التي خلفت – وفق أرقام وزارة الصحة هناك – أكثر من *60,933 قتيلًا فلسطينيًا*، وتفاقم أزمة إنسانية كارثية، تزداد حدة النقاش حول مواقف اللاعبين الإسرائيليين في الأندية الأوروبية.
تُظهر أزمة فايسمان كيف يمكن لـ القيم الجماهيرية أن تُحدث تغييرًا ملموسًا في سياسات الأندية، حتى لو كان الثمن التنازل عن تعزيزات رياضية مهمة، كما تُبرز التعقيدات التي تواجه الرياضة عندما تتداخل مع الصراعات السياسية، خاصة في ظل تنامي الوعي بحقوق الإنسان على الساحة الدولية. وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن كرة القدم الألمانية – التي تشتهر بصلتها الوثيقة بالجمهور عبر لائحة “50+1” – تختبر مرة أخرى حدود الفصل بين الميدان الرياضي والقضايا الإنسانية الشائكة.
إقرأ المزيد:-
الدكتور ذيب القراله يكتب : الاختراق الاستخباري.. أرشيف المخابرات السورية نموذجا!!
دوري أبطال أوروبا.. 19 محترف أفريقي يشاركون في الجولة من دوري الأبطال
أبرزهم صلاح وماني.. مواجهات مرتقبة بين 48 محترف أفريقي في دور المجموعات بدوري الأبطال
