أخبار عاجلةاخبار افريقيا

إحياء مجلس الأعمال الأمريكي الإفريقي: هل تحاول واشنطن مواجهة النفوذ الصيني والروسي في القارة

كشف موقع سيمافور أن عددًا من النواب الديمقراطيين داخل الكونجرس الأمريكي يعملون على إعادة تفعيل المجلس الاستشاري الرئاسي للأعمال في إفريقيا، وهو المجلس الذي تم تأسيسه لأول مرة خلال فترة الرئيس الأسبق باراك أوباما. وأوضح الموقع أنه اطّلع على وثيقة تؤكد أن الهدف الرئيسي من هذه الخطوة هو التصدي لتصاعد النفوذ الصيني داخل القارة الإفريقية.

هذا التوجه الأمريكي يطرح تساؤلات عديدة حول ما إذا كانت واشنطن تسعى من خلال إعادة تفعيل هذا المجلس إلى حصار النفوذ الروسي والصيني في إفريقيا، في ظل إدراكها أن حضورها في القارة تراجع بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية.

خبراء: واشنطن تكرر أخطاءها القديمة في إفريقيا

IMG 20240514 WA0012 إحياء مجلس الأعمال الأمريكي الإفريقي: هل تحاول واشنطن مواجهة النفوذ الصيني والروسي في القارة
رامي زهدي الخبير في الشؤون الإفريقية

ويرى خبراء أن إعادة تفعيل المجلس لا تمثل فقط محاولة اقتصادية، بل تعكس سعيًا أمريكيًا لإعادة التموضع في إفريقيا من جديد، خصوصًا عبر الاقتصاد والأعمال وليس من خلال المواجهة المباشرة.

واعتبروا أن تحرك الكونجرس لإحياء المجلس الاستشاري الرئاسي للأعمال في إفريقيا يعكس إدراكًا متزايدًا لدى واشنطن بخطورة خسارة السباق على النفوذ داخل القارة، خصوصًا في ظل الزحف الصيني الاقتصادي والتمدد الروسي الأمني. غير أن مستقبل هذه الخطوة سيعتمد على ما إذا كانت ستبقى مجرد مبادرة شكلية، أم أنها ستتحول إلى استراتيجية أمريكية شاملة مدعومة بالموارد والاستثمارات اللازمة لاستعادة ثقة الشعوب الإفريقية ومواجهة المنافسة الدولية المتصاعدة.

وفي هذا السياق، قال رامي زهدي، خبير الشؤون الإفريقية ومساعد رئيس حزب الوعي للشؤون الإفريقية، في تصريحات خاصة لـ Afronews24: “للأسف، الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت تكرر نفس الأخطاء تجاه القارة الإفريقية، حيث تتغير الوجوه بينما يظل النهج ثابتًا، ومن ثم لا تتحقق النتائج المرجوة”.

وأضاف زهدي أن إعادة الحديث عن تفعيل المجلس الاستشاري الرئاسي للأعمال في إفريقيا، تمثل محاولة أمريكية لإعادة التموضع في القارة ولمواجهة النفوذ الصيني والروسي عبر بوابة الاقتصاد والاستثمار. لكنه أشار إلى وجود تساؤلات مفتوحة حول قدرة الشركات الأمريكية على مجاراة الحضور الصيني القوي والمتسارع في القارة، موضحًا أن بكين سبقت أمريكا بعقود من العمل الميداني، بينما تدخل واشنطن متأخرة، كما أن عليها مواجهة مشاعر سلبية أو غير إيجابية تسود بين الشعوب الإفريقية تجاه سياساتها.

جذور المجلس وتاريخه منذ عهد أوباما

ولفهم أبعاد هذا التحرك، شدد زهدي على ضرورة قراءة الخبر في سياقين: الأول هو التاريخ الأمريكي في إفريقيا، والثاني هو الواقع الجيوسياسي الراهن. وأوضح أن المجلس الاستشاري الرئاسي للأعمال في إفريقيا (PAC-DBIA) أنشأه الرئيس باراك أوباما عام 2014 في إطار مبادرة “أوباما – إفريقيا للأعمال”.

وأشار إلى أن الخطأ الأول حينها كان ربط اسم المبادرة بالرئيس أوباما بصفته أول رئيس أمريكي من أصول إفريقية، الأمر الذي أضفى بُعدًا شكليًا على المبادرة أكثر من كونه جوهريًا. وكان الهدف المعلن وقتها تعزيز فرص الشركات الأمريكية في الأسواق الإفريقية المتنامية.

وأضاف أن المجلس ضم مجموعة من كبار رجال الأعمال الأمريكيين الذين قدموا توصيات للبيت الأبيض ووزارة التجارة الأمريكية لتعزيز التجارة والاستثمار في إفريقيا. إلا أن المبادرة توقفت لاحقًا لتجسد السياسة الأمريكية التقليدية تجاه القارة، والتي يمكن تلخيصها في عبارة: “أقوال بلا أفعال”، وإن وُجدت الأفعال فهي غالبًا ضعيفة أو ذات تأثير سلبي على إفريقيا، خصوصًا بعد ظهور توجه “أمريكا أولًا”.

دوافع الإحياء في الوقت الراهن

وبحسب زهدي، فإن دوافع واشنطن لإعادة تفعيل المجلس تعود إلى أن الصين تمكنت عبر مبادرة الحزام والطريق من ترسيخ وجودها العميق في إفريقيا من خلال مشاريع ضخمة في البنية التحتية، والموانئ، والسكك الحديدية، والطاقة، فضلًا عن تقديم القروض. أما روسيا فقد عززت نفوذها خلال السنوات الأخيرة خصوصًا في قطاع الأمن والتسليح عبر شركات مثل “فاجنر” سابقًا، وصفقات الأسلحة، إضافة إلى حضورها المتنامي في إفريقيا الوسطى ومالي.

وقال زهدي: “الولايات المتحدة تجد نفسها متأخرة اقتصاديًا أمام الصين، ومحدودة التأثير أمنيًا مقارنة بروسيا، بل ومرفوضة شعبياً في الكثير من الدول الإفريقية”.

وأضاف أن واشنطن تدرك أن إفريقيا بحلول عام 2050 ستصبح موطنًا لربع سكان العالم، إلى جانب امتلاكها أكبر احتياطي عالمي من المعادن النادرة الضرورية للتكنولوجيا الحديثة. لذلك فإن إعادة تفعيل المجلس ليست مجرد خطوة اقتصادية بل هي جزء من استراتيجية أمريكية أشمل تهدف إلى:

مواجهة النفوذ الصيني والروسي عبر الاقتصاد بدلاً من المواجهة العسكرية.

تقديم بدائل تمويلية أقل تكلفة سياسية من القروض الصينية للدول الإفريقية.

تعزيز الحضور الأمريكي في مجالات الطاقة والمعادن النادرة والأمن الغذائي.

بناء شبكة نفوذ اقتصادي جديدة تضمن لواشنطن موقعًا مؤثرًا في القارة.

مقاربة مختلفة تجاه الصين وروسيا

ولفت زهدي إلى أن واشنطن تعي أن المواجهة العسكرية مع الصين في إفريقيا غير ممكنة، لذا تركز على المنافسة الاقتصادية والاستثمارية. أما بالنسبة لروسيا، فهي لا تمتلك نفس القوة الاقتصادية للصين، لكن الولايات المتحدة تسعى لإضعاف حضورها الأمني والسياسي عبر جذب الدول الإفريقية إلى مشاريع أمريكية تنموية واقتصادية توفر بدائل مغرية.

الدكتور محمد تورشين: خطوة محدودة التأثير

د. محمد تورشين عدم تقديم تنازلات، وتسلط كل طرف، سيؤثر سلباً على عملية الاستقرار إحياء مجلس الأعمال الأمريكي الإفريقي: هل تحاول واشنطن مواجهة النفوذ الصيني والروسي في القارةمن جانبه، قال الدكتور محمد تورشين، الخبير في شؤون القارة الإفريقية، إن إعادة تفعيل المجلس الاستشاري الرئاسي للأعمال في إفريقيا ربما تمثل محاولة من بعض نواب الكونجرس الأمريكي، خصوصًا الديمقراطيين، لمحاصرة النفوذ الروسي والصيني المتنامي. وأشار إلى أن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب لم تولِ اهتمامًا كبيرًا بإفريقيا، بل قلصت البعثات الدبلوماسية الأمريكية واكتفت بدبلوماسية المبعوثين.

وأوضح تورشين أن هذه الخطوة، حتى لو نجحت بجهود النواب وبعض الديمقراطيين في المؤسسات الخارجية أو مراكز الأبحاث، لن تحقق تأثيرًا ملموسًا على أرض الواقع ما لم تتبناها الإدارة الأمريكية بشكل مباشر، لأن مواجهة النفوذ الصيني والروسي في إفريقيا تتطلب ميزانية ضخمة واستثمارات هائلة لا تستطيع المبادرات المحدودة توفيرها.

وقال تورشين: “إعادة تفعيل مجلس الأعمال الأمريكي الإفريقي لن تُحدث تغييرًا كبيرًا، لأن المسألة تحتاج إلى قرارات حكومية ومشاريع اقتصادية كبرى ممولة من الإدارة الأمريكية نفسها حتى تكون فعّالة”.

 

اقرأ المزيد

السودان يرحب ببيان مجلس السلم والأمن الأفريقي الرافض ل « حكومة تأسيس الموازية »

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »