مصر تطرح خيار اللجوء إلى التحكيم الدولي في أزمة السد الإثيوبي .. فهل تستمع أديس أبابا لصوت العقل ؟
وزير الخارجية: مصر لن تتهاون في حماية حقوقها بنهر النيل
طرح الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة، في بيان مصر أمام الشق رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة، موقف القاهرة من قضية السد الإثيوبي. وأكد الوزير أن مصر على أتم الاستعداد لتناول هذه القضية عبر آليات القضاء والتحكيم الدولي، حال صدقت النوايا لدى إثيوبيا ووافقت على الاحتكام للآليات القانونية الملزمة.
ويثير طرح وزير الخارجية المصري لخيار اللجوء للتحكيم الدولي في قضية أزمة سد النهضة التساؤلات حول ما إذا كانت حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ستستجيب لصوت العقل وتوافق على اللجوء للتحكيم الدولي كحل عادل للخلاف القائم حول ملء وتشغيل السد ؟.
السفير صلاح حليمة: إثيوبيا تفرض الأمر الواقع وتخالف القانون الدولي
وفي تصريحات خاصة لـ”أفرو نيوز 24″، أوضح السفير الدكتور صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق ونائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية، أن إثيوبيا انتهجت سياسة التصرفات الأحادية وفرض الأمر الواقع في بناء السد وملئه وتشغيله.
وأكد أن هذا السلوك يمثل انتهاكًا صارخًا ومتكرراً للاتفاقيات الدولية والمواثيق ذات الصلة، مشيرًا إلى أن إثيوبيا خالفت القانون الدولي للمجاري المائية في مواده (5 و6 و7)، بالإضافة إلى خرقها اتفاق إعلان المبادئ في مادته الخامسة.
مسارات مصر السلمية لحل النزاع وغياب الاستجابة الإثيوبية
وأشار السفير حليمة إلى أن مصر التزمت بجميع السبل السلمية لتسوية النزاع، حيث لجأت إلى إعلان المبادئ (المادة العاشرة) دون جدوى، كما طرحت القضية على مجلس الأمن الدولي ثلاث مرات، مطالبة بالتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم وعادل ومنصف بشأن الملء والتشغيل.
وأوضح أن هذا المطلب يحظى بتأييد من عدد كبير من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وقع بالفعل على بيان مشترك مع الرئيس عبد الفتاح السيسي للتوصل إلى اتفاق خلال أربعة أشهر، وهو ما لم يحدث. كما صدر بيان رئاسي عن مجلس الأمن الدولي أكد ضرورة التوصل إلى اتفاق في أسرع وقت، إلا أن إثيوبيا لم تلتزم بذلك.
مصر تطرح التحكيم الدولي كخيار قانوني عادل
وأضاف السفير حليمة أن مصر طرحت استعدادها للجوء إلى التحكيم الدولي في إطار القانون الدولي، وهو مسار يتطلب موافقة إثيوبيا والالتزام بالحكم الصادر عنه. وأكد أن هذا المسار مطروح إلى جانب مسار مجلس الأمن، وكذلك وساطة أطراف دولية مؤثرة مثل الولايات المتحدة الأمريكية.
وشدد على أن المطلوب في المرحلة الحالية هو التزام إثيوبيا بالقوانين والاتفاقات الدولية، والتخلي عن سياسة التصرفات الأحادية وفرض الأمر الواقع، وذلك لتجنب وقوع أضرار جسيمة على دولتي المصب، قد تهدد حياة ووجود شعبيهما. واعتبر أن استمرار التعنت الإثيوبي قد يرقى إلى مستوى العدوان، وهو ما يتعين منعه قبل حدوثه، وفقًا لمواد الفصلين السادس والسابع من ميثاق الأمم المتحدة، واللذين يتيحان تسوية النزاعات سلميًا واللجوء إلى الدفاع الشرعي عن النفس إذا تعرضت حياة الشعوب للخطر.
مخاطر سد النهضة في ظل غياب الضمانات الدولية
وأكد السفير حليمة أن الخطر الجسيم قد يظهر في حالات الجفاف أو الجفاف الممتد والسنوات الشحيحة، إضافة إلى احتمالية انهيار السد لعدم مطابقته لمعايير الأمان الدولية. كما حذر من المخاطر المرتبطة بالتصرفات المائية غير المنضبطة، والتي قد تؤدي إلى كوارث بيئية وإنسانية تهدد استقرار المنطقة.
خبير سوداني: إثيوبيا ترفض التحكيم والمحاكم الدولية
وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور أحمد المفتي، الخبير السوداني في القانون الدولي وعضو الوفد التفاوضي السابق حول سد النهضة، أن التحكيم الدولي يظل خيارًا اختياريًا، وأن إثيوبيا سبق أن رفضته بشكل قاطع، كما أنها ترفض أيضًا اللجوء إلى المحاكم الدولية في هذه القضية.
كلمة وزير الخارجية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
كان الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية أكد خلال بيان مصر أمام الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن القاهرة تؤمن بأن التعاون وفق القانون الدولي يمثل الركيزة الأساسية للاحترام المتبادل والسبيل الأوحد لتحقيق المنفعة المشتركة.
وأضاف أن التجارب السابقة أثبتت أن الإجراءات الأحادية تؤدي إلى تعميق الأزمات وزيادة الفجوات، مشيرًا إلى أن إثيوبيا اختارت مخالفة القانون الدولي وفرض الأمر الواقع بسياساتها الأحادية المزعزعة للاستقرار في القرن الإفريقي وحوض النيل الشرقي.
وشدد عبد العاطي على أن مصر لن تنسى حقوقها ومصالحها الوجودية في نهر النيل، قائلاً: “إذا صدقت النوايا فنحن على استعداد للاحتكام إلى آليات القضاء والتحكيم الدولي، أما إذا استمرت المماطلة وتهديد حياة ملايين البشر في دولتي المصب، فإننا لن نتهاون في حماية حقوقنا، وإننا قادرون على ذلك، ويكفل لنا ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي حماية مصالحنا الوجودية.”
وزير الري: السد غير قانوني والدولة لن تسمح بتهديد المصريين
من جانبه، أكد الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، أن الدولة المصرية لن تسمح بأي أعمال أحادية من شأنها التأثير على حقوق المواطن المصري في مياه النيل.
وأوضح الوزير في لقاء مع الإعلامية لميس الحديدي ببرنامج “الصورة” المذاع على قناة النهار، أن سد النهضة أقيم بالمخالفة للقانون الدولي وإعلان المبادئ، مشددًا على أن الموقف القانوني والفني لمصر ثابت قبل وبعد افتتاح السد.
وقال سويلم: “سواء تم افتتاح السد أو غيره، يظل ما يعنيني هو الموقف القانوني والفني، وهو أن سد النهضة غير قانوني وغير شرعي، وسيبقى كذلك، وهذه الرسالة يجب أن تصل إلى كل المصريين.”
إقرأ المزيد
