مدغشقر: العقيد مايكل راندريانيرينا يؤدي اليمين الدستورية رئيسًا جديدًا بعد انقلاب عسكري أطاح براجولينا

في تطور سياسي دراماتيكي، شهدت مدغشقر، اليوم الجمعة، مراسم أداء اليمين الدستورية للعقيد مايكل راندريانيرينا، ليصبح الزعيم الجديد للبلاد عقب انقلاب عسكري خاطف أطاح بالرئيس أندريه راجولينا، الذي فرّ من البلاد بعد سيطرة الجيش على الحكم.
وجرت المراسم في المحكمة الدستورية العليا بالعاصمة، بحضور قضاتها التسعة الذين ارتدوا أرديتهم الحمراء الرسمية، وضباط من الجيش ودبلوماسيين أجانب. وقد استبدل العقيد راندريانيرينا، البالغ من العمر نحو خمسين عامًا، زيه العسكري ببدلة داكنة وربطة عنق زرقاء، في مشهد رمزي يعكس انتقاله من الميدان العسكري إلى سدة الحكم المدني.
جاء صعود العقيد إلى الرئاسة بعد ثلاثة أيام فقط من إعلان الجيش توليه السلطة، في أعقاب احتجاجات شبابية واسعة استمرت لأسابيع ضد تردي الخدمات المعيشية، وانقطاع الكهرباء والمياه، وغلاء الأسعار، واتهامات الفساد الموجهة للنظام الحاكم، وخلال هذه الأحداث، فرّ الرئيس راجولينا إلى الخارج، وسط تقارير تفيد بأنه غادر على متن طائرة عسكرية فرنسية، مشيرًا إلى أن حياته باتت في خطر بعد تمرد داخل الجيش بقيادة راندريانيرينا. وفي غيابه، صوّت البرلمان على عزله رسميًا، قبل أن يعلن العقيد تولي الجيش السلطة.
شهد الانقلاب تأييدًا شعبيًا واسعًا في الشوارع، حيث رحب آلاف المواطنين بخطوة الجيش، دون تسجيل أعمال عنف كبيرة. في المقابل، كان الرد الدولي فاتراً، إذ اكتفت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بإدانة ما وصفاه بـ”التغيير غير الدستوري للحكم”، فيما لم تصدر فرنسا – المستعمر السابق – أي موقف حاد تجاه التطورات الأخيرة.
العقيد راندريانيرينا، قائد وحدة النخبة العسكرية “كابسات”، لم يكن شخصية بارزة في المشهد السياسي، لكنه قاد التمرد الأخير الذي أطاح بالرئيس. وكان قد سُجن قبل عامين بتهمة محاولة تمرد، قبل أن يُفرج عنه لأسباب صحية بعد ثلاثة أشهر من الاحتجاز.
وفي أول تصريحات له بعد توليه الرئاسة، قال العقيد: “لقد تحملنا المسؤولية كمواطنين ووطنيين. من الآن فصاعدًا، سنعيد لمدغشقر مجدها، ونحارب انعدام الأمن، ونعمل على معالجة الأزمات الاجتماعية التي أنهكت شعبنا”.
وأعلن الرئيس الجديد أن مدغشقر ستدار مؤقتًا بواسطة مجلس عسكري يرأسه بنفسه، لمدة تتراوح بين 18 شهرًا وعامين، على أن تُجرى بعدها انتخابات عامة جديدة، ويأتي هذا التحول في بلد يعاني من أزمات اقتصادية خانقة، إذ يعيش نحو 75% من السكان تحت خط الفقر، وفق بيانات البنك الدولي، ويُعد من أكثر الدول تقلبًا سياسيًا في القارة الأفريقية، إذ شهدت منذ استقلالها عام 1960 سلسلة من الانقلابات ومحاولات التمرد.
في المقابل، أصدر مكتب الرئيس المخلوع راجولينا بيانًا قال فيه إن قرار المحكمة الدستورية بدعوة راندريانيرينا لأداء اليمين “باطل وغير شرعي”، متهمًا بعض القضاة بالتعرض للتهديد، في حين دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى العودة للنظام الدستوري واحترام سيادة القانون، وأكد الاتحاد الأفريقي تعليق عضوية مدغشقر إلى حين عودة الحكم المدني، وبهذا، تدخل مدغشقر مرحلة انتقالية جديدة في تاريخها المضطرب، وسط ترقب دولي لمآلات انقلاب جديد يُضاف إلى سجل طويل من الانقلابات العسكرية في الجزيرة الواقعة قبالة الساحل الشرقي لأفريقيا.
إقرأ المزيد:-
آخر التطورات في مدغشقر .. الحاكم العسكري ينصب نفسه رئيسا والاتحاد الأفريقي يعلق عضوية البلاد
مدغشقر: الرئيس راجولينا يهرب من البلاد الي وجهة غير معلومة
انقلاب عسكري في مدغشقر.. وحدة النخبة تطيح بالرئيس راجولينا وسط فوضى سياسية واحتجاجات غاضبة