الانتخابات في كوت ديفوار: المعارضة بين الصمت والانقسام قبل أيام من الاقتراع
توتر سياسي يسبق موعد التصويت

قبل أيام قليلة من انطلاق الانتخابات في كوت ديفوار، تعيش البلاد حالة من الترقب والقلق، وسط غياب واضح لتوجيهات المعارضة لأنصارها بشأن المشاركة في العملية الانتخابية المقررة في 25 أكتوبر الجاري.
وفي تقرير لموقع ” أفريكا ريبورت ” أوضح أنه رغم صدور تصريحات متفرقة من قادة المعارضة، فإنهم لم يعلنوا موقفًا موحدًا من المشاركة أو المقاطعة، ما جعل ملايين الناخبين في حيرة من أمرهم بين التصويت أو الامتناع أو دعم مرشح آخر.
وتُظهر الأرقام أن أكثر من 8.7 مليون ناخب مدعوون إلى صناديق الاقتراع، في وقتٍ تتصاعد فيه الأزمة السياسية بين المعارضة والسلطة الحاكمة.
معارضة مستبعدة تبحث عن دور
بالنسبة لأبرز وجوه المعارضة – لوران جباجبو، وتيجان ثيام، وباسكال أفي نجيسان – الذين استبعدهم المجلس الدستوري في 8 سبتمبر الماضي ، لم يعد الحديث عن الفوز بالانتخابات مطروحًا، بل عن كيفية تحديد موقف سياسي واضح أمام الشارع.
وتشهد ما تُعرف بـ”الجبهة الشعبية” اجتماعات مكثفة دون قرارات حاسمة، فيما تتردد شعارات مثل: “لن تُجرى انتخابات في 25 أكتوبر”، في مؤشر على الانقسام داخل صفوفها.
احتجاجات ومواجهات في الشارع
في الميدان، تتصاعد التوترات الأمنية .. فقد أُغلقت الطرق في مناطق دابو، وإيسيا، وجيبروا، وياموسوكرو، وتوقفت الدراسة في عدد من المدارس على خلفية المظاهرات والاشتباكات مع قوات الأمن.
ووفقًا للسلطات، تم اعتقال أكثر من 700 شخص منذ 11 أكتوبر، وحُكم على 26 منهم بالسجن ثلاث سنوات.
وفي المقابل، وصف سوميلا بريدومي، المتحدث باسم الحزب الديمقراطي في كوت ديفوار (PDCI)، من باريس، الوضع الحالي بأنه “دولة بوليسية”، مؤكدًا أن “الكفاح سيستمر”.
ذكريات الأزمة الدامية تلوح في الأفق
الذاكرة الوطنية لا تزال مثقلة بأحداث الأزمة الانتخابية بين عامي 2010 و2011، والتي خلفت أكثر من 3 آلاف قتيل.
هذه الذكريات المأساوية تُلقي بظلالها على مواقف المعارضة الحالية، وتفسّر تردد القادة في تبني أي موقف تصعيدي قد يعيد البلاد إلى دائرة العنف.
صمت لوران جباجبو يثير التساؤلات
داخل حزب الشعوب الأفريقي – كوت ديفوار (PPA-CI)، يخيّم صمت لوران جباجبو , ورغم أن أنصاره يؤكدون أنه “سيتكلم قريبًا”، فإن الغموض ما زال يلفّ موقفه.
في المقابل، أطلق تيجان ثيام تصريحات مثيرة من باريس في 18 أكتوبر قائلاً: “يمكننا تحرير كوت ديفوار في سبعة أيام، لا تخافوا”.
إلا أن هذه الدعوة أثارت تساؤلات حتى داخل الحزب الديمقراطي، خاصة مع خضوع ثيام لمحاكمة في إنجلترا بتهمة المشاركة في لجنة انتقالية خلال مقاطعة عام 2020.
الناخبون بين الارتباك والانتظار
يعيش أنصار المعارضة حالة من الارتباك، إذ لم يتلقوا توجيهات واضحة من قادتهم.
بينما قرر بعضهم دعم جان لوي بيلون، المرشح الوحيد للحزب الديمقراطي الإيفواري الذي لا يزال في السباق، ينتظر آخرون تعليمات قد لا تأتي أبدًا.
بريدومي استبعد فكرة إنشاء تحالف وطني جديد، مؤكدًا أن جميع الأطراف “تسعى للحوار”، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الشعبية لاتخاذ موقف موحّد.
حملة “لنقطع كل شيء” تشعل الشوارع
وسط هذا الفراغ السياسي، ظهرت الناشطة بولشيري جباليه كصوتٍ معارض صريح.
من موقع سري، تدير مجلس تنسيق المقاومة المدنية (CCRC) الذي أُنشئ في 17 أكتوبر، وتقود حملة بعنوان “لنقطع كل شيء”.
حثّت غباليه أنصارها في 19 أكتوبر على “البقاء في الشوارع حتى يوم التصويت”، مؤكدة أن حركتها تواجه اتهامات من السلطات بالتخطيط لانقلاب بالتعاون مع “تحالف دول الساحل”، وأن أقاربها يتعرضون للملاحقة.
أغلب أتباعها من فئة الشباب الذين يرون فيها رمزًا جديدًا للمقاومة، في وقتٍ فقدت فيه الأحزاب التقليدية القدرة على تعبئة الجماهير.
دون ميلو يملأ فراغ المعارضة
يُنظر إلى أهوا دون ميلو، نائب الرئيس السابق، باعتباره المرشح القادر على كسب جزء من أصوات المعارضة.
وقد أعلن مرشحون مستبعدون مثل لاموسا جينكو (عن حزب التجديد الديمقراطي) وفييني كوفي كيفين (المؤيد لكوت ديفوار) دعمهم له.
يقول جينكو: “لا يمكن لكوت ديفوار أن تبني مستقبلها على البن والكاكاو والمطاط فقط، دون ميلو هو الوحيد الذي يتحدث عن السياسة النقدية”، مؤكداً أن المقاطعة “ليست خيارًا” وأن السلام هو الهدف.
دعوات للهدوء وتجنب التصعيد
من جانب آخر، دعا فنسنت توه بي، محافظ أبيدجان السابق، وحليفه أسالي تيموكو إلى التريث، معتبرين أن “إصدار توجيه متسرع قد يقضي على أي حركة انتخابية”.
وشجع كلاهما مؤيديه على استلام بطاقاتهم الانتخابية قبل انتهاء المهلة في 22 أكتوبر، دون إعلان موقف واضح من التصويت.
بيلون: دعوة للوحدة ونبذ الانقسام
يواصل جان لوي بيلون، البالغ من العمر 60 عامًا، حملته الانتخابية ممثلًا عن حزب المؤتمر الديمقراطي، داعيًا إلى الوحدة.
وقال في 18 أكتوبر: “أدعو أخي تيجان ثيام إلى أن نضع الغرور جانبًا ونتحد من أجل البلاد”.
وفي الوقت الذي يرى فيه بعض قادة الحزب الديمقراطي أن “غباغبو وثيام لا يسعيان إلى التناوب بقدر ما يريدان استبدال الرئيس واتارا”، يبقى المشهد السياسي في كوت ديفوار مفتوحًا على كل الاحتمالات قبل ساعات من لحظة الحسم.
إقرأ المزيد
خبر غير سار لعشاق الشوكولاتة .. غانا وكوت ديفوار ترفعان أسعار الكاكاو