اخبار افريقيا

أزمة شرق الكونغو إلي مزيد من التصعيد : بوروندي تعتبر سيطرة إم 23 علي مدينة أوفيرا “إهانة” لواشنطن وتغلق الحدود

تفاقمت حدة التوتر في إقليم شرق الكونغو ومنطقة البحيرات العظمى، عقب التطورات الميدانية الأخيرة التي شهدتها المنطقة نتيجة الانتهاكات المتكررة لحركة “23 مارس” (M23) المدعومة من رواندا، لاتفاق السلام الذي جرى توقيعه في العاصمة الأمريكية واشنطن تحت رعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بين الرئيس الرواندي بول كاغامي ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي.

وفي تحول لافت، تمكنت قوات حركة M23 من السيطرة على مدينة أوفيرا الاستراتيجية الواقعة على الحدود مع بوروندي، الأمر الذي اعتبرته السلطات البوروندية “إهانة” مباشرة للولايات المتحدة الأمريكية، في ظل توقيع اتفاق السلام قبل أيام قليلة فقط.

بوروندي تغلق حدودها وتحول المعابر إلى مناطق عسكرية

وأعلنت حكومة بوروندي إغلاق حدودها مع جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد دخول حركة “23 إم” لمدينة أوفيرا، التي تقع على مقربة من العاصمة الاقتصادية لبوروندي بوجومبورا.

وبحسب ما ذكرته صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية، فقد أكدت مصادر أمنية بوروندية أن القرار جاء بعد التقدم السريع للجماعة المسلحة داخل أوفيرا، مما دفع بوروندي إلى تحويل معبري جاتومبا وفوجيزو الحدوديين إلى مناطق عسكرية مغلقة ومنع الحركة عبرها.

وذكر ضابط في الجيش البوروندي – دون الكشف عن اسمه – أن السلطات قامت بإغلاق نقطتي العبور في جاتومبا وفوجيزو منذ مساء الثلاثاء الماضي، موضحاً أن النقطتين أصبحتا الآن تحت سيطرة الجيش وتتم معاملتهما كمناطق عسكرية بالكامل.

تصعيد جديد يدخل المنطقة مرحلة خطرة

ويأتي دخول حركة “23 مارس” إلى أوفيرا كأكبر تصعيد عسكري منذ أشهر، خاصة أن البلدة تقع على ضفاف بحيرة تنـجانيقا وتشكل مقراً للحكومة المعيّنة من الكونغو الديمقراطية لإدارة إقليم “ساوث كيفو”، إضافة إلى كونها قاعدة عسكرية مهمة منذ سقوط مدينة بوكافو عاصمة الإقليم في فبراير الماضي بيد الحركة المسلحة.

وقد وثّقت لقطات مصورة – جرى التحقق من موقع تصويرها بواسطة وكالة فرانس برس – انتشار دبابات تابعة لحركة M23 وهي تجوب شوارع أوفيرا. كما أكدت مصادر محلية وعسكرية أن الميليشيا باتت تسيطر على مقر حاكم المقاطعة، ومبنى البلدية، والمعبر الحدودي مع بوروندي.

وأكد شهود عيان أن الشوارع خلت بالكامل من السكان، وأغلقت المتاجر والمحال أبوابها، بينما فرّ الجنود الكونغوليون من مواقعهم، ما دفع المدينة – التي يقطنها مئات الآلاف – إلى حالة من الارتباك التام وعدم اليقين بشأن الجهة المسيطرة.

تداعيات إقليمية بعد عام من سقوط غوما وبوكافو

التصعيد الجديد جاء بعد أقل من عام على سيطرة الجماعة المتمردة المدعومة من رواندا على مدينتي غوما وبوكافو، وهما من أهم المدن في شرق الكونغو الديمقراطية التي تعاني من صراع مسلح مستمر منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، رغم محاولات التهدئة الإقليمية والدولية.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال ضابط في الجيش البوروندي إنه توجه بنفسه إلى الحدود وشاهد مقاتلي حركة M23 يديرون نقطة التفتيش الكونغولية بأنفسهم، في مؤشر واضح على سيطرتهم الكاملة على المنطقة الحدودية.

كما أكد ممثلون عن المجتمع المدني ومسؤولون محليون في أوفيرا أن مقاتلي الحركة يتواجدون داخل مقر حاكم المقاطعة وفي البلدية، ما يعزز من مخاوف انهيار السيادة الإدارية للكونغو على المنطقة.

اتفاق سلام مهدد بالفشل… وبوروندي تتحدث عن “إهانة” لترامب

ويُعد الهجوم الحالي – الذي انطلق في الأول من ديسمبر – بمثابة الضربة الأقوى لاتفاق السلام الذي جرى توقيعه قبل أسبوع في واشنطن، والذي كان من المفترض أن يوقف المواجهات المسلحة في شرق الكونغو.

وقال وزير الخارجية البوروندي إدوارد بيزيمانا في تصريحات لوكالة فرانس برس إن: “توقيع اتفاقية ثم عدم تنفيذها يمثل إهانة للجميع، وخاصة للرئيس ترامب. إنها صفعة في وجه الولايات المتحدة وإهانة كبيرة”.

وطالب الوزير المجتمع الدولي بفرض عقوبات على رواندا بسبب دعمها المعلن وغير المعلن لحركة 23 مارس، متهماً كيغالي بالسعي إلى زعزعة الاستقرار في شرق الكونغو.

اتهامات متبادلة وتحذيرات دولية

وفي المقابل، أصدرت رواندا بياناً رسمياً اتهمت فيه بوروندي والكونغو الديمقراطية بانتهاك اتفاقية السلام عمداً، ما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي.

وكانت الولايات المتحدة وعدة قوى أوروبية قد دعت قبل ذلك بيوم واحد حركة M23 إلى “الوقف الفوري” لهجماتها، وطالبت رواندا بسحب قواتها من شرق الكونغو.

وبين الاتهامات المتبادلة، والتحركات العسكرية المتسارعة، وتحويل المعابر الحدودية إلى مناطق عسكرية، يبدو أن المنطقة تتجه نحو مرحلة جديدة أكثر تعقيداً قد تهدد الأمن الإقليمي بأكمله.

 

إقرأ المزيد :

” النار تحت الرماد ” .. اتفاق واشنطن للسلام في شرق الكونغو مهدد بالانهيار وتحذيرات من حرب إقليمية وشيكة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »