الرأي

السفير عبد المحمود عبد الحليم يكتب : القاعة ١٠٢ وزفرات الملاح القديم 

فيها وقف بروفيسور عبد الله الطيب مقدما لكتابه ” التماسة عزاء بين الشعراء ” فلمن نقدم العزاء وقد احترقت ” ألون أو تو ” بذكرياتها وتاريخها الحافل.. هنا وقفت مسز كووك.. إنجليزية في خريف العمر مات خطيبها في الحرب العالمية فوهبت حياتها للتدريس والحزن وكانت تجد نفسها في رائعة كولريدج ” الملاح القديم ” حتى حفظناها عن ظهر قلب، وبصوتها ذاك الذي اقترح أحد الزملاء اتخاذه مقياسا لترددات الحزن بمثل اعتمادنا لريختر في قياس الزلازل كانت تلقى قصائد شكسبير وت اس إليوت والقاعة تنصت.

ثم وقف أستاذ محمد الواثق ففتك بأم درمان وذمها ولم يهدأ الجو الساخن إلا بمحاضرات الفلسفة وفريقها القوى الذى أشبعنا علما افلاطونيا وماركسياً ووجوديا ومودوديا وشكاً ديكارتيا , ودونك جعفر شيخ إدريس وإبراهيم أحمد عمر وشاهين وكمال شداد حتى إذا انتصف النهار جاء بروفيسور يوسف فضل حسن بسيرة الأولياء والصالحين وطبقات ود ضيف الله وسيد الربابة وعلوة والمغرة وخراب سوبا والحركة الوطنية وكان بروف هيكوك قد منحنا طاقة إيجابية نحتاجها أماسي قهوة النشاط حيث ملأ القاعة زهوا في تمجيد الحضارة السودانية القديمة ، وجاءها من العلوم السياسية دكتور ابوساق ونيبلوك ومحمد بشير حامد .. أتاها الطلاب لأنشطة وندوات من كل حدب وصوب.

مر من هنا عبد الله على إبراهيم وعلى عبد القيوم ومحمد أحمد سالم والخاتم عدلان وعبد الهادى الصديق وصدقى كبلو وأحمد عثمان مكى وسبدرات وفضل الله محمد ومبارك بشير ،وشهدت اجتماعات لجنة تطوير الريف والإعداد لفعاليات ليلة العجكو وجلست على مقاعدها سيدة كرار ودينا عمر عثمان والعز فضل الله وفاطمة السنوسي….ونسبة لموقعها الوسطي فقد كانت حفية بزيارات الأصدقاء من داخليات شمبات والطب والاستمتاع بأنشطتها وفعالياتها..،….من بين خسارات البلد في الحرب اللعينة
احترقت القاعة ون أو تو بيد آثمة لا تعرف قدرها… فوامعتصماه …
“ all the perfumes of Arabia will not sweeten this little hand “
كل عطورات الجزيرة العربية ليس بوسعها تنظيف هذه اليد’
قالتها ليدى ماكبث فى رواية ” ماكبث” لشكسبير بعد أن شاركت في قتل الملك دنكان فأى عطور في الدنيا ياترى كافية لغسل ايادى من دمروا القاعة ون او تو…
ارى محمد عبد الحى منتحبا وقد احترقت مع القاعة المقتنيات التي كان يفاخر بتملكه لها عند عودته إلى سنار فقد كان قد وقف في القاعة مزهوا :
الليلة يستقبلني اهلى. ..
اهدوني مسبحة من أسنان الموتى
إبريقا جمجمة
ومصلى من جلد الجاموس…

…ضاعت كلها وتبقت زفرات وصدى آهات مسز كوك.

 

إقرأ المزيد :

السفير عبد المحمود عبد الحليم مغردا حول مؤتمر لندن بشًأن السودان: رياح بحر الشمال قد تأتي بما لا تشتهي سفن « ديفيد لامي »

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »