أخبار عاجلةالرأي

محمد عبدالقادر يكتب: احذروا الفتنة .. إنها مباراة فى كرة القدم يا سادة

لا أعتقد أن علاقة برسوخ و أهمية واستراتيجية ما بين السودان ومصر ستفسدها مباراة فى كرة القدم، ظني أن ديربي اليوم بين الهلال ( سيد البلد) والأهلي ( فريق القرن) ستمضي بفريق من وادي النيل إلى مرحلة جديدة فى دوري المجموعات أيا كان الفائز فيها ، هو لقاء أشقاء بينهم ( ملح وملاح) وعلاقات خالدة تباركها حيثيات التاريخ وتعمقها احداثيات الجغرافيا التى خلقت من أبناء وادي النيل شعبا واحدا فى بلدين.

أحزنتني جدا حالة التعبئة السالبة و التراشق الذي يفارق ضوابط التشجيع النظيف والمحترم ويجنح إلى إثارة مدمرة تستهدف علاقات البلدين والشعبين، وطفقت أردد أن ما بين الأشقاء الخرطوم والقاهرة سيظل عصيا على التراجع ، وسيذهب الزبد جفاء ويبقي ما ينفع شعبي وادي النيل.

لا شك عندي أن هنالك جهات تحاول على الدوام زرع الفتنة بين الاشقاء فى مصر والسودان، وهنالك من يدير المؤامرات ليل نهار للنيل من هذه العلاقة ، ولكن هيهات فقد وعت الشعوب واستطاعت بفهمها أن تضرب فى عصب التدبر والتفكير في جدوى هذه العلاقة بالنسبة لشعبي البلدين..

ماذا سيستفيد ملايين السودانيين الموجودين فى مصر من أي توتر يشوب هذه العلاقة وقد اختاروا القاهرة على غيرها من العواصم فتملكوا فيها واصبحوا بين أهلها مواطنين صالحين لهم ذات الحقوق التى يتمتع بها المصريون ، ومتى قصرت مصر فى حق أي سوداني هبط إليها فصارت سكنا لأسرته وملاذا لتعليمهم ينعمون فيها بالعلاج والأمن والاستقرار وخصوصية التعامل من الأشقاء المصريين.

فى العام 2015 أجريت حوارا مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لمست صدقه فى التعامل مع ملف السودان، وقد أوفى بكل ما وعد فى ذلكم الحوار الذى نشر تحت عنوان ( كفاية اللراح)، وها نحن نستمتع اليوم بعلاقة مستقرة أوجدت للسودانيين مقاما محترما فى مصر بعد أن تمت مساواتهم بالمواطنين هنالك فى التملك والإقامة وتلقي التعليم واتخاذ ما يلزم فى دروب الحياة التى سهلت إقامة السودانيين فى مصر وضاعفت أعدادهم ، هذا علاوة بمن يدخلونا يوميا عبر خطوط الطيران المختلفة وبالبر كذلك.

تعلم مصر كذلك أن السودان يؤمن ظهرها ويخاطب احتياجاتها ويحفظ أمنها القومي وسيشكل امتدادا لمخزونها من الثروات ، وتعي مصر فى هذا التوقيت أهمية أن يكون كلا البلدين عمقا للآخر يؤمن أمنه واستقراره، وتجتهد القاهرة فى بعث علاقات وادي النيل إلى مصاف التكامل الذى يجعل من مصر هدفا لحياة واهتمامات واستثمارات السودانيين، وتوشك العلاقة الآن بما تجسده من اخاء صادق وإيمان عميق بأهمية إدخالها فى آلة حاسبة تحقق مصالح البلدين والشعبين ، توشك أن تصل إلى مصاف التكامل الذى نرتجيه جميعا ولا أظننا سنسمح لها أن تعود الى الوراء بسبب مباراة فى كرة القدم.

انتصر الهلال أو الأهلى اليوم فالكاسب شعب وادي النيل، ومن حقنا أن نتمناها سودانية ومن حق الآخرين أن يرجونها مصرية ولكنا ينبغي أن نحافظ جميعا على هذا التنافس فى سياقه الشريف المنزه عن الأغراض والأجندة التى ترسمها بعض الجهات المتربصة بعلاقات البلدين والشعبين.

ما بين السودان ومصر أكبر من (مباراة كرة قدم)، وأعمق من أجندة الموتورين الساعين للخراب والفتنة التى لن تفيد أيا من الأطراف لا سودانيين ولا مصريين وستحقق أهداف جهات أخري ظلت تجتهد فى إفساد العلاقات المتطورة بين السودان ومصر لكنها فشلت والسبب أن الشعوب باتت واعية فى تدبر أمرها ومعرفة مصالحها جيدا.

نتمنى أن ينتهي (ماتش) الهلال والأهلي بنتيجة يتقبلها جمهور الطرفين لأن الصاعد منها سيكون من وادي النيل، ونأمل أن يرتفع وعي الجماهير التقيد بحدود التشجيع فى الملعب فقط وأن تنتهي المباراة فى الإستاد ليخرج بعدها أبناء وادي النيل وهم أكثر ترابطا ورسوخا فى ذاكرة علاقات الشعوب المتميزة.

(نتمناها زرقاء) بالطبع لأن حظوظنا أكبر ، ونؤمن بحق الأهلى فى الإنتصار لأنه فريق مجبول على البطولات والنتائج الكبيرة، وأيا كان المنتصر فإنها ( مباراة كرة قدم ياسادة)!!.

إقرأ المزيد : 

هل يتأثر مرمى العلاقات المصرية السودانية من أهداف مباراة الأهلي والهلال ؟

إقرأ المزيد : 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »