أخبار عاجلةالرأي

الكاتب الغيني محمد قطرب باري يكتب : جدليّة انتساب أصل الفولان إلى العرب .. عرضٌ واستعراضٌ ونقدٌ 

بادئ ذي بدء ,مِمّا لا يُدعَ مجالاً للشكّ أنّ هناك روايات متعدّدة في أصل نسب الفولان …انطلاقاً مِن الرواية التي تنسب الفولان إلى نوح عليه السلام، وإلى أنّ أصلهم يرجع إلى قبائل جهينة وتميم اللذين جاءا من جزيرة العرب ، ووصولاً إلى الرواية الأخرى التي تقول بأنّ أصلهم من الهنود أو اليهود. 

لكنّ الرواية الأكثر إشاعةً هي التي تقول بأنّ : ” جدّ الفولان هو عقبة بن نافع” يعني أصلنا من العرب وجدّنا الأكبر هو الصحابيّ عقبة بن نافع, هذه هي الرواية التي نالتْ قبولاً واسعاً عند ثمّة مِن علماء الفولان الذين كتبوا عن تاريخ الفولان كأمثال الشيخ أحمد بللو ، وعبد الله بن فودي شقيق عثمان بن فودي، وغيرهم من القدامى وبعض المعاصرين.

– بِغضّ النظر عن كل الروايات المنسوبة لانحدار أصل الفولان إلى العرب ، فإنّ مقالي هذا ، يُفنّد القول المشهور الذي رُسِّخ في الصدور ، ودُوِّن في السطور على أنّ أصل الفولان من العرب ، ومحلّ التنفيد والتمحيص هو القول : “أنّ عقبة بن نافع هو جدّ الأكبر للفولان “. 

أوّلاً : لا غضاضة بأنّ عقبة بن نافع كان صحابياًّ عربياًّ ، ولا مِرية أيضاً أنه تزوّج من امرأة أفريقية ويُقال بأنها فولانية، لو سلَّمنا جدلاً بأنّ هذه المرأة ” فولانية ” كما هو شائع ، هل هذا يعني بأنّ جدّ الفولان هو عقبة بن نافع ، رغم أنه صهر الفولان فحسب ، ولم يكن فولانيا ؟ ومعلومٌ أنّ المصاهرة لن تخلق نسباً .

ثانياً : يجب أن يعلم كلّ من يؤمن بهذه الرواية الشائعة ، قبل وصول عقبة بن نافع في شمال إفريقيا عام 680 الميلادي ، كان للفولان وجود في إفريقيا ، وليس منطقياًّ أنْ يكون عقبة هو جدّ الأكبر للفولان، ببساطة ؛ لأنّه تزوّج من فولانيّة ، ولا يُعقَل أنْ يكون هو جدّ الأكبر للفولان.

ثالثاً : لا يجوز شرعاً الإنتساب إلى غير الأب ، والصحابي عقبة بن نافع ليس أباً للفولانيين وإنّما صهرهم كما هو مؤكّد – تاريخياًّ – أنه تزوج من امرأة أفريقية التي تُدعى بأنها فولانية. 

يقول الله تعالى: ( ادعوهم لآبائهم فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم) ، ويقول الصادق الصدوق صلوات الله وتسليماته عليه : (مَنِ ادّعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ) متفق عليه. 

رابعاً : لقد أثبتَ الشيخ أنتا جوب العالِم الانثربولوجي الكبير بأنّ أصل الفولان ليس من العرب بل هم شعب مستقلّ ، وكذلك عندما نُراجِع زُهور البساتين للشيخ موسى كمارى سنجد أنه قام بتصحيح هذه المغالطات التاريخية على أن الفولان من العرب. 

وهناك التحليل الجيني ADN أثبت ذلك أيضاً ، وهذه الدراسات الجادّة والتحقيقات الفذّة هي التي بحاجة مسيسة إلى المزيد في تمحيص كل الرواية التي تحاوِل عربنة الأفارقة – كالفولان-  

خامساً : في إفريقيا يكفي أن يقول رجال الدين أنّ أصلهم من العرب، سينالوا شرف العروبة في المجتمع .

* وللأمانة في غابر الأزمان في إفريقيا ، كان بعض الشيوخ يعتزّون بالعرب من أجل الإسلام ، وحبّاً لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولذلك هناك في بعض القبائل الأفريقية تجد ثمة من أسماء محمد في أسرة واحدة على سبيل المثال : محمد الأول ، محمد الثاني ، محمد الثالث ، محمد الرابع ، محمد الخامس، هذا موجود في الكثرة عند بعض العوائل والقبائل في قارتنا الحبيبة ، تيمُّنا بالحبيب المصطفى الذي اصطفاهُ الله رحمةً للعالمين، ومناراً للمتقين، وحجّة على الناسِ أجمعين. 

* أخيراً لا آخراً :لو تأمّلنا حول جدليّة التاريخ الأفريقي ، سنجد أنّ تاريخ الفولان أكبر تاريخ مزوَّر ، حيث ما زال جمع غفير من الفولان يحاولون – بكل قوّة – إثبات نسل الفولان إلى العرب ، على الرُّغمِ أنّ لا توجد علاقة بين الفولان والعرب ، اللهمّ إلاّ علاقة الدين الإسلامي فحسب وبعض المصاهرة ، والمصاهرة لا تعني طمس أصل النسب. 

وكذلك من ناحية اللغة – اللسانيات- ليستْ بين اللغة الفولانية والعربية تقارُباً كبيراً في النطق ولا في الحروف ، وإنْ وُجِدَتْ بعض التداخل اللفظي بين اللغتين، وهذا وارِدٌ في كل اللغات البشرية ، ويسمى في علم اللغة بالصراع اللغويّ.

من ناحية الثقافة : لا يوجد أدنى تشابه بين الثقافتين، فللعرب ثقافتهم وِفقَ بيئتهم ودُولهم، وكما للفولان ثقافتهم حسب البيئة والدولة. 

حتى الفولان الذين يقلّدون العرب في الثقافة ، إنهم انسلخوا من ثقافتهم الفولانية الأصيلة، لسوء التمييز بين الثقافة والدين ، لأنّ هناك إشكالية كبيرة في عدم التمييز بين ذا عن ذاك ، وهذه الإشكالية ليستْ عند الفولان فحسب، بل عند الأفارقة المسلمين على وجه العموم، حيث إلى يومنا الراهن يقع معظم الأفارقة حول عدم التمييز بين ما هو الإسلام وما هو الثقافة العربية ، في الملابس بل حتى في الطقوس . 

*  محمد قطرب باري إبن فوتا جالو من غينيا أفريقيّ الهوى والهويّة .

إقرأ المزيد 

الكاتب الغيني محمد قطرب باري يكتب :  الصراع الإعلامي المتأجّج بين رُوّاد التواصل الاجتماعي من أجل التحالف الثلاثي L’AES ومنظمة إيكواس

 

– المقالات المنشوره علي موقع أفرو نيوز 24 تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »