أخبار عاجلةالرأي

آسيا العتروس تكتب : غزة و لقاء العريشة 

ما أروع و ما أنبل أن نلتقي زميلات و زملاء لنا في غزة و نستمع لشهاداتهم و آلامهم و معاناتهم التي يخر لوقعها الحجر , ما أجمل اللقاء حتى و إن كان افتراضيا مع أصدقاء و زملاء لنا في غزة يواجهون خطر الموت على مدار الساعة .

اللقاء الذي نتحدث عنه تم صباح السبت من تونس مع كل من الزملاء جبريل أبو كميل تحسين الأخطل و الإعلامية علا كتاب .. اللقاء الذي سأسميه بلقاء ” العريشة ” ،  لسبب مهم و هو أن الزملاء لم يجدوا مكانا يجتمعون فيه غير عريشة من الأعشاب و بعض أغصان الشجر بعد أن تدبروا أمرهم للحصول على الإنترنت لبعض الوقت تحسبا لإمكانية رصدهم و قصفهم من جيش الإحتلال تم بمشاركة نقابة الصحفيين التونسيين و المنظمة الدولية للصحفيين FIJ و مراسلون بلا حدود .

أهمية اللقاء بالنسبة للزملاء في غزة أنه يكسر الطوق المفروض عليهم منذ أحد عشر شهرا حتى الآن و هو بالنسبة لمن واكب اللقاء يشكل بما تضمنه من معلومات دقيقة وثيقة إدانة إضافية لكيان الإحتلال و تعمده استهداف الصحفيين و عائلاتهم بما يجعل تواجد الصحفيين في أي مكان في غزة خطر على ذويهم و عائلتهم .

يقول الصحفي المصور جبريل أبو كميل الذي يواصل مهمه نقل ما يجري في غزة للعالم “لقد كنا نعمل من الدرجة الصفر ..و لكن اليوم كل شيء تحت الصفر ..” و يضيف أن ما يجري حرب ممنهجة تستهدف الفلسطينيين و لهذا يتم منع الصحفيين الأجانب نهائيا من دخول قطاع غزة التي تشهد تدمير البنية التحتية ومختلف المؤسسات الإعلامية كل ذلك إلى جانب استهداف الصحفيين في الميدان و قطع الاتصالات و تدمير البنية التحتية ما يجعل العمل الصحفي عى درجة من الخطورة على الصحفي و على عائلته.

حتى هذه المرحلة يقول أبو كميل أن لا أحد يعرف عدد المفقودين و أن الرقم لا يمكن تخيله و يتجاوز ما يتم تداوله .. ما ينقل عما يجري في غزة على حد تعبيره نقطة من بحر المعاناة التي يصعب شرحها .. أنت صحفي أنت إذن مستهدف ..

علا كتاب و الحديث عن المعاناة الصحفية بتاء التأنيث لا يختلف في شيئ عن بقية زملاء المهنة ..المعاناة واحدة و إن اختلفت الأسماء و المواقع ، و القصف لا يستثني أحدا ولا يفرق بين صحفي و صحفية و لا حتى بين طفل و صحفي .

لم يكن هينا على الصحفية علا كتاب الوصول إلى موقع العريشة للمشاركة في اللقاء الافتراضي وقد أصبح التزود بالوقود من القائمة الطويلة للمستحيلات في غزة حيث أصبح التنقل يعتمد الوسائل البدائية و يعتمد على الدواب في أغلب الاحيان حتى لنقل المرضى .

تقول علا في هذه المصافحة الافتراضية أن ما عرفه أهالي غزه منذ أحد عشر عاما لم يسبق أن عرفها الفلسطينيون على مدى مائة عام من الإحتلال الإسرائيلي , وجود الصحفي في أي مكان يمكن أن يكون خطرا على كل من يحيط به لأنه مستهدف في كل حين .. و هذا الواقع لم يظهر بعد السابع من أكتوبر و لكنه سابق لعملية طوفان الأقصى .

أضطر الصحفيون كغيرهم من أهالي القطاع للنزوح عشرات المرات و منهم من لم يزر عائلته منذ أشهر و هم مستهدفون حتى داخل المستشفيات و مقرات الأونروا و المؤسسات الأمنية ، في خضم هذا المشهد المعقد و غير المسبوق يصر صحفيو غزة على أن كل ما يتعرضون له لا يمكن أن يسقط إيمانهم بقيم الحرية و حقوق الانسان .

طبعا تعجز كل لغات العالم عن ترجمة و نقل معاناة أهل غزة و الضفة و معاناة الصحفيون هناك ، لقد بات واضحا  أن مختلف المنظمات و الهيئات الحقوقية سقطت في الاختبار و فشلت في كسر الحصار الإعلامي المفروض على غزة أو في الضغط على كيان الإحتلال المارق من أجل دخول الصحفيون الأجانب إلى القطاع للوقوف على حقيقية المشهد هناك بعد أن سقطت السردية الاسرائيلية الزائفة ، و في انتظار صحوة دولية إنسانية تضع حدا بقى الصحفي الفلسطيني عنوان المعركة في ظل منع دخول الصحفيون الأجانب إلى القطاع يبقى العجز و القهر سيد المشهد و يبقى ربما مراجعة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي عرف النور في نهاية الحرب العالمية الثانية أولية الأولويات في عالم لم تعد فيه لقيم و المواثيق الدولية و الانسانية معنى .

* آسيا العتروس.. كاتبة صحفية تونسية 

اقرأ المزيد 

آسيا العتروس تكتب: ربع قرن على تأسيس المنتدى الصيني الأفريقي .. خطوة مهمة في انتظار الأهم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »