طرابلس تشتعل: اشتباكات عنيفة .. وموجة استقالات وزارية تضرب حكومة الدبيبة

تتجه الأوضاع الأمنية والسياسية في العاصمة الليبية طرابلس إلى مزيد من التصعيد والتعقيد ، مع تزايد حدة الاشتباكات بين قوات اللواء 444 قتال التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، و”جهاز الردع”، في مشهد أعاد العاصمة إلى أجواء التوتر والانقسام. جاءت هذه التطورات بعد يوم واحد من مقتل عبد الغني الككلي (غنيوة)، قائد جهاز دعم الاستقرار، خلال اجتماع رسمي بمقر اللواء 444.
ووفقا لعدد من المراقبين فإن قرارات رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية كانت الشرارة التي فجرت الوضع، حيث تبعتها حالة من الاحتقان الشعبي، تطورت سريعًا إلى مظاهرات حاشدة غاضبة في شوارع طرابلس تطالب بإسقاط الحكومة وتشكيل حكومة موحدة.
رد الفعل الشعبي لم يتوقف عند حدود المظاهرات، إذ أعلن خمسة وزراء من حكومة الوحدة الوطنية استقالاتهم رسميًا، احتجاجًا على سياسات الدبيبة، معتبرين أن ما يحدث يمثل خيانة لإرادة الشعب ، من أبرزهم وزير النفط محمد عون، الذي قال في تصريح لاذع موجّه إلى الدبيبة: “لقد حانت لحظة الحسم، قدم استقالتك. ما تفعله من إطلاق للنار مسبة على وجهك.”
وفي حصيلة دامية لأحداث الثلاثاء 13 مايو، أكدت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان سقوط 53 قتيلًا مدنيًا، بينهم أربع نساء، بالإضافة إلى 10 جثث متفحمة لم تُعرف هويتهم بعد. وأشارت إلى استخدام مفرط للقوة ضد المتظاهرين السلميين.
من جهته، حمّل تجمع الأحزاب السياسية في ليبيا بعثة الأمم المتحدة للدعم السياسي المسؤولية عن سلامة المدنيين، منتقدًا تقاعسها في حماية المظاهرات السلمية التي قمعتها القوات الأمنية بالرصاص الحي. ودعا التجمع إلى تدخل دولي عاجل ومحاسبة المتورطين، كما طالب باستقالة الدبيبة فورًا.
المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا انضمت بدورها إلى الإدانات، معتبرة أن استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين في منطقة طريق السكة يُعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، ودعت إلى فتح تحقيق فوري من قبل النائب العام، ومحاسبة المسؤولين.
وأكدت المنظمة على ضرورة احترام القانون رقم (65) لسنة 2012 الذي يضمن حق التظاهر السلمي، وكذلك الالتزام بالعهود الدولية الخاصة بالحريات والحقوق السياسية، ومنها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي تعد ليبيا طرفًا فيه.
من جهتها، أعلنت بلديات كبرى في المنطقة الغربية مثل رقدالين، زوارة، صبراتة، صرمان، الزاوية وغيرها انسحابها من دعم حكومة الدبيبة، داعية إلى عصيان مدني مفتوح حتى رحيل الحكومة وتشكيل بديل يمثل تطلعات الشعب.
رغم الأزمة، أكدت المؤسسة الوطنية للنفط أن عمليات الإنتاج والتصدير تسير بشكل طبيعي وآمن. وذكرت أن إنتاج النفط الخام بلغ في آخر 24 ساعة 1,376,415 برميلًا، والمكثفات 40,914 برميلًا، بينما وصل إنتاج الغاز الطبيعي إلى 2.560 مليار قدم مكعب. وطمأنت المؤسسة شركاءها المحليين والدوليين بأن قطاع الطاقة مستقر ولا يشهد أي انقطاعات.
في تطور آخر، شهدت مدينة ترهونة انقطاعًا مفاجئًا في خدمة الإنترنت منذ فجر اليوم، وسط تكهنات بوجود أسباب أمنية وراء هذا الانقطاع الذي قد يكون مرتبطًا بمحاولات الحد من التنسيق بين المتظاهرين.
وعلى الصعيد الدولي، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا رسميًا أعربت فيه عن قلقها العميق إزاء الأوضاع في ليبيا، داعية جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتغليب لغة الحوار. كما دعت المواطنين المصريين المتواجدين في ليبيا إلى البقاء في منازلهم وتوخي أقصى درجات الحذر حتى استقرار الأوضاع.
وتُشير تطورات الأحداث في طرابلس إلى أن البلاد تقف على حافة تحوّل كبير قد يُغيّر المشهد السياسي بالكامل. فمع تزايد الضغط الشعبي، وانسحاب البلديات، واستقالات الوزراء، يبدو أن حكومة الوحدة الوطنية تواجه أخطر تحدٍ منذ تشكيلها.
اقرأ المزيد