“العمدة رحيم”: قصة شاب صعيدي يُعيد نبض الحضارة المصرية من قلب المتحف البريطاني

في أعماق صعيد مصر، وتحديدًا من قرية نائية تابعة لمركز إدفو بمحافظة أسوان، خرج إلى العالم شابٌ لم يكن عاديًا… بل كان يحمل حلمًا كبيرًا ورسالة أعظم. هو عبد الرحيم أحمد، المعروف اليوم بين الجاليات المصرية والعربية في لندن بلقب “العمدة رحيم”، والذي تحوّل من مجرد زائر للمتحف البريطاني إلى صانع محتوى شهير يُشعل مواقع التواصل برسالة وطنية وإنسانية مدافعا عن الآثار المصرية القديمة .
بداية الرحلة: من أسوان إلى لندن
يقول “العمدة رحيم” في حديثه لـ afronews24: “منذ سنوات، وصلت إلى لندن مثل أي شاب يسعى وراء المعرفة والاستكشاف. كنت أتجول في المدينة حتى توقفت أمام مبنى ضخم يحمل لافتة: المتحف البريطاني. دخلت وأنا مندهش، لكن المفاجأة كانت أن غالبية الزوار يتجهون إلى قاعة واحدة فقط… قاعة الآثار المصرية!”
ويضيف بحسرة: “في البداية شعرت بالفخر، لأن الناس مبهورة بعظمة أجدادنا. لكن سرعان ما تحول الفخر إلى وجع… شعرت وكأن هذه الآثار اختُطفت من أرضها، من حضن مصر. وما زاد ألمي أن بعض من خانوا الأمانة وساعدوا في تهريبها كانوا من أبناء بلدي، مقابل حفنة من الدولارات.”
موقف لا يُنسى… ورد فعل مختلف
تأثر “رحيم” بشدة بتجربته داخل المتحف البريطاني، ويؤكد أنه عاد إلى مقر إقامته في لندن حزينًا وعاجزًا: ويقول “تمنيت أن أمتلك قوى خارقة أعيد بها تلك الكنوز لمصر، لكنني تذكرت كلمات والدي، وهو معلم وتربوي بارز في أسوان: الحياة موقف، والمواقف لا تُنسى.“ومن هنا قرر أن يتحرك، ولكن بأسلوب مختلف… بأسلوب هذا العصر.
من الجلابية إلى السوشيال ميديا… كيف بدأ التحول؟
بدأ “رحيم” رحلته على مواقع التواصل الاجتماعي، ينشر مقاطع فيديو عبر يوتيوب، تيك توك، وإنستجرام، يتحدث فيها عن الحضارة المصرية.. لكن التفاعل كان ضعيفًا… حتى اكتشف العنصر المفقود: الهوية.
“في أحد الأيام وضعت الجلابية والعمامة في حقيبتي وارتديتهما داخل المتحف البريطاني. وفجأة، بدأت الجموع تلتف حولي، يطلبون التصوير معي! عندها شعرت أنني بهذا الزي أستطيع أن أكون رسولًا للتراث، سفيرًا للهوية.”
شاهد أحد مقاطع العمدة رحيم هنا: العمدة رحيم في المتحف
تحديات في الطريق… ولكن الدعم كبير!
ورغم أنه ليس متخصصًا في علم الآثار، إلا أن “رحيم” اعتمد على المعلومات المرفقة بجوار كل قطعة أثرية داخل المتحف لتقديم محتوى توعوي بطريقة مبسطة وجذابة , ويقول “لست زاهي حواس أو مصطفى وزيري، لكنني أقدّم المعلومة بطريقتي، دون التطرق لأسماء من هرب أو باع القطع، حفاظًا على سلامتي.”
وعن ردود الفعل، قال: “البريطانيون في المتحف يرحبون بي كثيرًا، وبعضهم يناديني بـ ‘المستر رحيم’. أما المصريون، فتفاعلهم رهيب! الآلاف يتابعونني ويشجعونني، ويطالبونني بفضح الخونة، لكنني وعدت نفسي ألا أذكر أسماء.”
المهمة القادمة: المتحف المصري الكبير
لم يتوقف “العمدة رحيم” عند حدود المتحف البريطاني، بل يضع الآن كل جهوده للترويج لحدث يعتبره الأهم في حياته: افتتاح المتحف المصري الكبير , مضيفا “أقوم بذلك بإرادتي الكاملة، لم يطلب مني أحد. إنها رسالتي وواجبي تجاه بلدي. أتمنى أن يكون الافتتاح بمستوى حضارة عمرها أكثر من 7000 عام.”
“العمدة رحيم”: سفير الهوية المصرية
في الختام ، “رحيم” ليس مجرد صانع محتوى أو مهاجر صعيدي، بل هو قصة مصري أصيل يحرس التاريخ بلباسه التقليدي وهاتفه المحمول. يمشي في المتحف البريطاني وكأنه ممثلٌ رسميٌ لحضارة لا تموت، ينقل رسائلها للعالم، ويُعيد نبض الفراعنة إلى الحياة، من قلب لندن.
إقرأ المزيد :
الرياض ترسخ مكانتها كوجهة سياحية عالمية وتستقبل أولى رحلات “فيرجن أتلانتيك”من مطار هيثرو بلندن