وكالة الأنباء الفرنسية
تقترب النوق بهدوء نحو آلات الحلب في مركز فريد من نوعه يُدار بالكامل على يد نساء في جنوب تونس، حيث يُأمل أن يسهم حليب الإبل المعروف بخصائصه العلاجية في تنمية المناطق الصحراوية المهمشة في محافظة مدنين.
أطلقت لطيفة فريفيطة (32 عاماً) هذا المشروع الفريد في جنوب شرق تونس، والذي يختص ببسترة حليب الإبل، معتمدة على أبحاث أمال السبوعي، الباحثة في “معهد المناطق القاحلة” والتي طورت تقنيات مبتكرة لبسترة الحليب تحفظ فوائده الغذائية والعلاجية.
ويتميز حليب الإبل بنسبة حديد تفوق حليب البقر بخمس مرات، إضافة إلى كونه خالياً من مسببات الحساسية، ويُعزز الجهاز المناعي بفضل خصائصه المضادة للأكسدة، والبكتيريا، والالتهابات.
وقد أثبتت أبحاث أمال السبوعي، الحاصلة على شهادة دكتوراه في الكيمياء الحيوية، بالتعاون مع فريقها العلمي المكون من 80% نساء، أن لحليب الإبل تأثيراً مضاداً لمرض السكري، مما يساعد على تقليل جرعات الدواء أحياناً حتى النصف.
واجهت لطيفة تحديات عدة في بداية المشروع، أهمها إقناع المربين ببيع حليب الإبل، الذين كانوا يفضلون بيع لحم الناقة أو استهلاك الحليب دون تقدير قيمته. ومع مرور الوقت، نجحت في بناء علاقات ثقة مع المربين وأبرمت معهم اتفاقيات تعاون.
يتم اختبار عينات الحليب قبل البسترة التي تضمن حفظه طازجاً حتى 15 يوماً عند درجة حرارة 4 درجات مئوية، ما يضمن جودة المنتج وسلامته.
انطلقت شركة “شامليه” التي أسستها لطيفة عام 2023 بدعم من “معهد المناطق القاحلة”، وتوظف حالياً ثلاث نساء، وتبيع الحليب في 12 متجراً بسعر 12 ديناراً (حوالي 4 يورو) للتر الواحد، مع طلب متزايد على المنتج.
يُعد الحلب الآلي في المركز التجريبي في شانشو نقلة نوعية، إذ يسمح بالحلب بمعدل 6 إلى 7 لترات يومياً لكل ناقة، مقارنة بلتر إلى لترين في الحلب اليدوي.
يعمل المعهد على نقل خبراته إلى المناطق القاحلة، من خلال دعم حاملي المشاريع، خاصة الشباب، بهدف خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الاقتصاد المحلي، حيث ساهم المعهد منذ 2010 في تأسيس 80 شركة وفّر من خلالها 600 إلى 1000 وظيفة.
ويأمل المسؤولون في إنشاء أول مركز لتجميع حليب الإبل في المنطقة بحلول نهاية 2025، إلى جانب توسيع استخدام تقنية الحلب الآلي، مما سيضاعف من فرص العمل ويجعل من حليب الإبل “ذهباً أبيض” ينقذ المناطق الصحراوية ” المهمشة” اقتصادياً واجتماعياً.
اقرأ المزيد
نيجيريا تدشّن أكبر مركز طبي لعلاج الأورام في إفريقيا: قفزة نحو السيادة الصحية
