وقع وزير الزراعة والأمن الغذائي في جمهورية الكونغو الديمقراطية، جريجوار موتشيل موتومب، مذكرة تفاهم مهمة مع نظيره الصيني، وذلك على هامش فعاليات المعرض الاقتصادي والتجاري الصيني الإفريقي الذي استضافته مدينة تشانجشا بمقاطعة هونان الصينية.
ووفقًا لبيان رسمي أصدرته وزارة الزراعة الكونغولية اليوم السبت، فإن هذه الخطوة الدبلوماسية تُعد بمثابة هيكلة جديدة للتعاون الزراعي بين البلدين، الذي ظل لسنوات طويلة محصورًا في إطار النوايا الحسنة دون تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.
وأقيم حفل توقيع الاتفاق بحضور وفود رسمية رفيعة المستوى، ليؤسس بذلك قاعدة مؤسسية قوية تدعم طموحات جمهورية الكونغو الديمقراطية في تحويل مواردها الزراعية الهائلة إلى قوة اقتصادية إقليمية حقيقية. وطبقًا لإحصائيات البنك الدولي، تمتلك الكونغو الديمقراطية حوالي 80 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، لكن لا يُستغل منها حاليًا سوى أقل من 10%، وهو ما يُبرز التحدي الرئيسي الذي تسعى الحكومة الكونغولية لمعالجته من خلال خططها للإنعاش الزراعي.
وأكد الوزير موتشيل موتومب أن توقيع الاتفاقية يتماشى مع أولويات الرئيس فيليكس تشيسكيدي الهادفة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي وتعزيز صادرات المنتجات الزراعية. وأوضح أن الخبرة الزراعية المتقدمة للصين سيكون لها دور كبير في تمكين بلاده من أن تصبح أحد الموردين الرئيسيين للمنتجات الزراعية على مستوى القارة الإفريقية.
وأشار الوزير إلى أن الهدف الرئيسي للشراكة هو تحديث القطاع الزراعي بشكل شامل من خلال إدخال تقنيات زراعية حديثة أثبتت فعاليتها، إضافة إلى تعزيز القدرة التنافسية للمنتجات الكونغولية في الأسواق الإقليمية والدولية.
وأوضح موتومب أن هذه الاتفاقية تتجاوز كونها مجرد إعلان نوايا، إذ تنص بنودها على تنفيذ برامج تبادل علمي، وإيفاد بعثات من الخبراء، وتقديم الدعم المباشر لتطوير إنتاج البذور، وتحديث الميكنة الزراعية، وتحسين أساليب الري، وتخصيب التربة لضمان إنتاجية أعلى وجودة أفضل للمحاصيل.
وفي المقابل، أبدت الحكومة الصينية اهتمامًا كبيرًا باستيراد المنتجات الزراعية من الكونغو الديمقراطية، مما يُعد خطوة استراتيجية بالغة الأهمية، خاصة في ظل سعي الكونغو إلى تقليل فاتورة وارداتها الغذائية التي تصل قيمتها سنويًا إلى حوالي 2 مليار دولار أمريكي، وفقًا لإحصاءات هيئة الجمارك الكونغولية.
وترى الحكومة الكونغولية أن هذه الشراكة قد تُشكل نقطة تحول إذا ما تم تنفيذ بنودها فعليًا على أرض الواقع من خلال نقل التكنولوجيا والخبرات، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتطوير سلاسل القيمة والإنتاج المحلية. ويأتي هذا في وقت تواجه فيه البلاد تحديات اقتصادية كبيرة أبرزها ارتفاع معدل التضخم في أسعار الغذاء الذي تجاوز نسبة 20% سنويًا بحسب بيانات لجنة التنسيق التابعة للاتحاد الإفريقي، وهو ما يرجع بشكل أساسي إلى الاعتماد الكبير على الواردات وضعف كفاءة شبكات التوزيع الداخلية.
ويُذكر أن معرض تشانجشا، الذي استضاف هذه الاتفاقية، نجح هذا العام في جذب نحو 4700 مشارك وأكثر من 28 ألف زائر، ليُعزز مكانته كمحفل اقتصادي وتجاري رائد للتعاون الصيني الإفريقي منذ انطلاق دورته الأولى في عام 2019. وتُظهر بيانات وزارة التجارة الصينية أن حجم التبادل التجاري بين الصين وإفريقيا من المتوقع أن يلامس حاجز 282 مليار دولار أمريكي بنهاية عام 2023، مما يعكس الأهمية المتزايدة لهذه الشراكات الاستراتيجية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة للقارة الإفريقية.
إقرأ المزيد :
رويترز : مساع أمريكية لسحب القوات الرواندية من الكونغو قبل توقيع اتفاق السلام
