يبلغ من العمر 91 عاما .. الرئيس الكاميروني يعلن ترشحه لولاية رئاسية جديدة

أعلن الرئيس الكاميروني بول بيا، أكبر رؤساء العالم سنًا، عزمه الترشح لولاية رئاسية جديدة في الانتخابات المقررة يوم 12 أكتوبر 2025، وذلك في خطوة أثارت موجة واسعة من الجدل في الأوساط السياسية والشعبية، داخل الكاميرون وخارجها، حول مدى أهليته الصحية والجسدية للاستمرار في الحكم بعد أكثر من أربعة عقود قضاها في السلطة.
وجاء إعلان بيا عبر منشور رسمي نُشر على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال: “أنا مرشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 12 أكتوبر 2025. كونوا على ثقة بأن تصميمي على خدمتكم يتناسب مع التحديات الخطيرة التي نواجهها. معًا لا يوجد تحديات لا يمكننا التغلب عليها. الأفضل لم يأتِ بعد.”
ويبلغ بول بيا من العمر 91 عامًا، ويُعد الرئيس الأطول حكمًا في القارة الإفريقية ومن بين الأطول حكمًا في العالم، حيث يتولى قيادة البلاد منذ عام 1982، عقب استقالة سلفه أحمدو أهيدجو ، وإذا فاز في الانتخابات المقبلة، فقد يبقى في منصبه حتى سن الـ100 تقريبًا، ما يثير تساؤلات حول مستقبل الحكم في الكاميرون واستقرار البلاد في حال حدوث فراغ مفاجئ في القيادة.
وتكررت التساؤلات بشأن الحالة الصحية لبيا خلال السنوات الماضية، خصوصًا مع قلة ظهوره العلني واعتماده بشكل كبير على رئيس ديوان الرئاسة في تسيير شؤون الدولة. وقد ازدادت هذه التساؤلات حدة العام الماضي عندما اختفى عن الأنظار لمدة 42 يومًا، مما أثار شائعات بشأن تدهور صحته، وهو ما دفع الحكومة إلى نفي تلك الشائعات، معتبرة أن مناقشة صحة الرئيس “مسألة تتعلق بالأمن القومي”، وقامت بفرض قيود على تناولها في الإعلام المحلي.
ورغم أن ترشح بول بيا لولاية جديدة كان متوقعًا على نطاق واسع، إلا أن إعلانه الرسمي تأخر حتى مساء الأحد، حين نُشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وكان أعضاء في حزب حركة الشعب الديمقراطية الكاميرونية الحاكم قد دعوا علنًا منذ العام الماضي إلى إعادة ترشيحه، مؤكدين دعمهم الكامل له، فيما يرى المعارضون أن حكمه الطويل أضر بمسيرة البلاد التنموية والسياسية.
وقد أدى إعلان بيا إلى انقسامات داخل التحالف الحاكم، حيث أعلن حليفان سياسيان سابقان عن انسحابهما من الائتلاف، وتقدّما بخطط منفصلة لخوض الانتخابات المقبلة كمستقلين، ما يعكس حجم التباين داخل الدائرة السياسية المقربة من الرئيس.
وكان بول بيا قد ألغى في عام 2008 القيود الدستورية على عدد فترات الرئاسة، مما مهد الطريق أمامه للترشح مرات غير محدودة. وفي انتخابات عام 2018، فاز بنسبة 71.28% من الأصوات، وسط اتهامات من المعارضة بحدوث تزوير واسع النطاق وتجاوزات أثرت على مصداقية العملية الانتخابية.
وتواجه الكاميرون اليوم عددًا من التحديات المعقدة على الصعيدين الأمني والاقتصادي. وتشمل تلك التحديات الصراع الانفصالي المستمر في المناطق الناطقة باللغة الإنجليزية، والتوغلات المتكررة من جماعة بوكو حرام في الشمال، إضافة إلى تدهور مستويات التنمية والشفافية والعدالة الاجتماعية، وفق تقارير منظمات دولية.
وفي ظل هذه الأوضاع، يرى مراقبون أن استمرار الرئيس في الحكم قد يُؤدي إلى أزمة خلافة في حال تدهورت صحته بشكل مفاجئ أو غادر المشهد السياسي، خاصة أن الكاميرون لم تعرف سوى رئيسين فقط منذ استقلالها عن فرنسا وبريطانيا في أوائل الستينيات.
إلى جانب بول بيا، أعلن عدد من الشخصيات السياسية البارزة في البلاد نيتهم خوض السباق الرئاسي، من بينهم:
موريس كامتو، مرشح “حركة النهضة الكاميرونية”، والذي حلّ في المركز الثاني خلال انتخابات 2018.
جوشوا أوسيه، مرشح “الجبهة الديمقراطية الاجتماعية”.
أكيري مونا، المحامي البارز والناشط الحقوقي.
كابرال ليبي، مرشح “حزب المصالحة الوطنية الكاميروني”.
وقد انتقد هؤلاء المرشحون حكم بيا الطويل، مؤكدين أن استمرار سيطرته على السلطة يُقوض فرص التغيير الديمقراطي والتنمية المستدامة في البلاد، داعين إلى إصلاحات جوهرية لضمان شفافية ونزاهة الانتخابات المقبلة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات، يتابع المجتمع الدولي مجريات الأحداث في الكاميرون عن كثب، في ظل مخاوف متزايدة من أن يؤدي غياب التوافق السياسي إلى اضطرابات داخلية قد تهدد استقرار الدولة الواقعة في وسط إفريقيا والغنية بمواردها الطبيعية، وعلى رأسها الكاكاو والنفط.
اقرأ المزيد
مصر والاتحاد الأوروبي يبحثان سبل تعزيز التعاون في ملف الهجرة