أخبار عاجلةاخبار افريقيااقتصاد افريقيجنوب افريقيا

تصاعد التوتر التجاري بين واشنطن وبريتوريا: رسوم « ترامب » الجمركية ترهق اقتصاد جنوب أفريقيا

دخلت الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على عدد من شركائها التجاريين، من بينهم جنوب أفريقيا، حيز التنفيذ رسميًا يوم الخميس، في خطوة أثارت قلقًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية والتجارية العالمية، وسط تحذيرات من تداعيات سلبية عميقة على سلاسل التوريد وأسعار السلع.

وفي ظل هذه التطورات، أجرى الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا محادثة هاتفية مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، يوم الأربعاء الموافق 6 أغسطس 2025، لمناقشة تأثير هذه الرسوم على العلاقات التجارية بين البلدين.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الجنوب أفريقية، فينسنت مانجوينيا، إن الزعيمين تبادلا وجهات النظر حول القضايا التجارية الثنائية، مؤكدًا التزام الطرفين بالحوار المستمر، ومشيرًا إلى أن فرق التفاوض التجاري في الجانبين ستواصل مناقشاتها بشكل أكثر تفصيلًا خلال المرحلة المقبلة.

شركات جنوب أفريقية تتكبد خسائر فور دخول القرار حيز التنفيذ

صحيفة “ذا سيتزين” الجنوب أفريقية كشفت في تقرير لها أن الشركات في جنوب أفريقيا بدأت بالفعل تعاني من تداعيات هذه الإجراءات، مشيرة إلى أن إحدى الشركات المحلية خسرت ما يقارب 750 مليون راند من العقود خلال عطلة نهاية الأسبوع فقط، نتيجة انسحاب شركاء تجاريين تأثروا بالرسوم المفروضة.

وقد أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارًا بإعادة فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على عدد كبير من الشركاء التجاريين، من بينهم جنوب أفريقيا، في إطار ما وصفه بإستراتيجية لإعادة صياغة النظام التجاري العالمي بما يخدم مصالح الاقتصاد الأمريكي. وجاء هذا القرار ضمن حزمة واسعة من الضرائب الجمركية التي تراوحت نسبها بين 10% و50%.

رامافوزا: القرار الأمريكي يحتم على جنوب أفريقيا التكيف السريع مع اضطرابات التجارة الدولية

وفي رسالته الإخبارية الأسبوعية التي نُشرت يوم الإثنين، قال رامافوزا إن القرار الأمريكي بفرض رسوم بنسبة 30% على واردات جنوب أفريقيا “يُبرز مدى الإلحاح الذي ينبغي أن تتعامل به البلاد مع الظروف المعقدة والمتغيرة التي تحكم التجارة الدولية”.

وأكد أن بلاده ليست الوحيدة المستهدفة، مشيرًا إلى أن التغيرات المتسارعة في النظام التجاري العالمي تمثل تحديًا مشتركًا. وقال:”التهاون لن يكون في صالحنا، وبناء اقتصاد قادر على التكيّف مع هذه التحديات بات أمرًا ضروريًا. ونحن كحكومة ملتزمون بالحوار المستمر مع الولايات المتحدة، وببناء منظومة تجارية أكثر مرونة وتنوعًا.”

انهيار العملة المحلية وتوقعات اقتصادية قاتمة

أدى إعلان ترامب إلى هزة في الأسواق المالية الجنوب أفريقية، حيث انخفض سعر صرف الراند إلى أدنى مستوياته خلال ثلاثة أشهر، في إشارة مباشرة إلى حالة عدم الاستقرار التي أحدثها القرار في السوق المحلي.

كما أشار الرئيس الأمريكي إلى إمكانية فرض رسوم إضافية بنسبة 10% على اقتصادات مجموعة “البريكس”، ما يعمّق من المخاوف لدى الدول الأعضاء، ومن ضمنها جنوب أفريقيا، في ظل تصاعد الضغوط الاقتصادية العالمية.

أكبر موجة رسوم أمريكية منذ 100 عام

 

البيت الأبيض أعلن رسميًا أن الرسوم الجمركية الجديدة تتراوح بين 10% و50% وتشمل سلعًا من أكثر من 60 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي. ووفقًا لوكالة “أسوشيتد برس”، فإن هذه الخطوة تمثل أكبر تصعيد جمركي تشهده الولايات المتحدة منذ عام 1934.

وقد شملت الرسوم الجديدة:

15% على واردات من الاتحاد الأوروبي، اليابان، وكوريا الجنوبية.

20% على تايوان، فيتنام، بنغلاديش.

30% على جنوب أفريقيا.

39% على سويسرا بعد فشلها في إبرام اتفاق تجاري.

40% على لاوس وميانمار.

50% على الهند والبرازيل.

ووفقًا لتقديرات الوكالة، فإن متوسط أسعار المنتجات المستوردة سيرتفع بنسبة 18.3%، وهو أعلى معدل مسجل في الولايات المتحدة منذ أكثر من تسعين عامًا.

ترامب: الرسوم تحقق مكاسب مليارية للولايات المتحدة

في مقابلة أجراها ترامب مع منصة “تروث سوشيال”، صرّح بأن “مليارات الدولارات من الرسوم الجمركية الجديدة تتدفق الآن إلى الولايات المتحدة”، معتبرًا أن هذه الأموال تُسترجع من دول قال إنها “استغلت السوق الأمريكية لعقود طويلة”.

وأشار إلى أن فرض هذه الرسوم جاء بعد انقضاء مهلة تفاوضية منحتها الإدارة الأمريكية لشركائها التجاريين، وأن عددًا من الدول لم تتمكن من التوصل إلى اتفاقيات مناسبة، ما استدعى فرض الرسوم الجديدة.

اتفاقات سريعة ورفض من بعض الدول

 

وفي محاولة لتفادي التأثر الكامل بالرسوم، تمكنت بعض الدول من التوصل إلى اتفاقات سريعة مع واشنطن قبيل حلول الموعد النهائي، من بينها:

الاتحاد الأوروبي

اليابان

كوريا الجنوبية التي وافقت على رسوم بنسبة 15%.

كما تفاوضت المملكة المتحدة لتخفيض الرسوم إلى 10%. إلا أن دولًا أخرى مثل الهند وسويسرا والبرازيل فشلت في تحقيق نتائج مشابهة، ما عرّضها لرسوم مرتفعة تصل إلى 50%.

ردود فعل دولية: دعوات للحذر وتنويع الشراكات

من جانبه، حذر وزير التجارة الكوري الجنوبي من استمرار حالة عدم اليقين التجاري، رغم التوصل إلى اتفاق أخير مع إدارة ترامب، مشددًا على ضرورة تقديم دعم عاجل للقطاعات المتضررة، وتنويع الشراكات التجارية على المدى الطويل لتعزيز التنافسية.

وفي الهند، أعلنت “اتحاد المصدرين” أن نحو 55% من الصادرات الهندية إلى السوق الأمريكية ستتأثر سلبًا، مع احتمال فقدان عملاء دائمين، ما يشكل تهديدًا واضحًا للصادرات الهندية التقليدية.

جنوب أفريقيا أمام تحدٍّ مصيري لإعادة هيكلة سياستها التجارية

في خضم هذه الأحداث، تجد جنوب أفريقيا نفسها أمام تحدٍّ استراتيجي يتطلب إعادة تقييم سياستها التجارية بالكامل، وتنويع أسواقها التصديرية وتقوية شراكاتها الإقليمية والدولية. وبينما تستمر في الحوار مع واشنطن، تعمل بريتوريا أيضًا على تعزيز قدرتها الذاتية على التكيّف مع موجات التغير العنيفة في الاقتصاد العالمي.

 

إقرأ المزيد :

أزمة رسوم ترامب الجمركية الأمريكية تضرب سوق مكسرات المكاديميا في جنوب إفريقيا

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »