مطار الخرطوم الدولي على وشك العودة للحياة

بعد عامين من الصمت على المدارج، يقف مطار الخرطوم الدولي على أعتاب مرحلة جديدة تعيد رسم خريطة الطيران في السودان. فمنذ أن استعادت القوات المسلحة السيطرة عليه في مارس 2025، انطلقت خطة إعادة تأهيل طموحة تتعامل مع أضرار بالغة أصابت البنية التحتية والمعدات التشغيلية جراء النزاع.
ووفق تقييم أولي أعدته سلطة الطيران المدني، تضررت أنظمة الملاحة الجوية (VOR/DME وILS)، إضافة إلى شبكات الإضاءة الأرضية، وأجزاء من المدارج الرئيسية والثانوية، فضلًا عن تلف في أنظمة الاتصالات وأجهزة الفحص الأمني. التقديرات الأولية تشير إلى أن إعادة التشغيل الكامل قد تتطلب استثمارات تتراوح بين 80 و120 مليون دولار، مع جدول زمني يمتد من 6 إلى 9 أشهر.
أولويات الخطة
إعادة تأهيل مدرج الإقلاع 18/36 ومدرج الهبوط 04/22 لضمان جاهزية استقبال الطائرات متوسطة وعريضة البدن، تركيب أنظمة ملاحية جديدة متوافقة مع معايير ICAO Annex 14 لزيادة القدرة على التشغيل الليلي وفي الظروف الجوية الصعبة.
تحديث البنية الأمنية بالمطار باستخدام أنظمة فحص بالأشعة (EDS) وكاميرات مراقبة ذكية مرتبطة بغرفة تحكم مركزية.
إعادة تجهيز صالات الركاب بطاقة استيعابية مبدئية تصل إلى 2.5 مليون مسافر سنويًا، مع توسعة مستقبلية إلى 5 ملايين.
تعمل الحكومة السودانية على حشد دعم إقليمي ودولي، وفي مقدمة الشركاء المملكة العربية السعودية، التي أبدت استعدادًا لتقديم تمويل وخبرات تشغيلية عبر صندوق التنمية السعودي ومؤسساتها الهندسية، مع اهتمام بربط المطار الجديد بشبكة رحلات تربط الخرطوم بجدة والرياض بشكل مباشر.
ورغم عدم تحديد موعد رسمي لإعادة التشغيل، تشير تصريحات وزير النقل إلى إمكانية عودة النشاط التدريجي قبل نهاية 2025، بدءًا برحلات الشحن الجوي والرحلات الإقليمية القصيرة، يليها استئناف الرحلات الدولية طويلة المدى. إعادة فتح مكتب الخطوط الجوية السودانية في المطار يونيو الماضي يمثل إشارة قوية إلى قرب الإقلاع.
يبقى التحدي الأكبر في استعادة ثقة شركات الطيران العالمية والمستثمرين، وضمان توافر الكوادر الفنية المدربة بعد سنوات من النزاع. كما أن الحصول على اعتماد السلامة الجوية من هيئات مثل EASA وFAA سيكون خطوة حاسمة لفتح المجال أمام رحلات أوروبية وأمريكية.
إعادة تشغيل مطار الخرطوم الدولي ليست مشروعًا لوجستيًا فحسب، بل هي رسالة سياسية واقتصادية مفادها أن السودان يعود إلى الخريطة الجوية الإقليمية بثقة. وإذا سارت الخطة كما هو مرسوم لها، فقد نشهد هبوط أول رحلة تجارية على مدرج الخرطوم قبل أن تغيب شمس 2025، إيذانًا بعودة الأجنحة السودانية للتحليق نحو العالم.