تيكاد 9.. إفريقيا ترسم ملامح شراكة استراتيجية مع اليابان
30 مليار دولار استثمارات يابانية في إفريقيا عبر قمة تيكاد 9

جسدت المشاركة الإفريقية في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا (تيكاد 9)، الذي استضافته مدينة يوكوهاما اليابانية خلال الفترة من 20 إلى 22 أغسطس 2025، التزامًا جماعيًا تجاه مستقبل القارة، ورسالة واضحة بأن إفريقيا أصبحت تمتلك زمام أجندتها التنموية.
وقد شهدت القمة حضورًا إفريقيًا واسعًا تخطى مستويات مشاركة قمة 2019، التي حضرها 43 رئيس دولة، ما يعكس إدراك القادة الأفارقة للأهمية الاستراتيجية لهذه المنصة الدولية متعددة الأطراف، وجاء شعار المؤتمر “توموني إفريقيا – معًا مع إفريقيا” ليعبر عن روح الصداقة والتعاون التي تميز العلاقات بين اليابان والقارة السمراء.
مصر.. حضور قيادي ورؤية واضحة
برزت المشاركة المصرية كأحد أهم محاور القمة، حيث مثل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، الرئيس عبدالفتاح السيسي. شارك مدبولي في الجلسات الرئيسية إلى جانب القادة الأفارقة والدوليين، وألقى كلمة خلال جلسة السلم والاستقرار، سلط فيها الضوء على التحديات التي تواجه القارة مثل النزاعات المسلحة والإرهاب وتغير المناخ والفقر والبطالة.
وأكد مدبولي على ضرورة دعم الشركاء الدوليين، وفي مقدمتهم اليابان، لجهود الدول الإفريقية في مواجهة تلك التحديات، مشيرًا إلى التجربة المصرية الرائدة في ملف إعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات، وتعزيز التعاون عبر الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية. كما أعلن عن اعتزام القاهرة استضافة النسخة الخامسة من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة في أكتوبر المقبل.
تونس ودول إفريقية أخرى.. رسائل دعم وشراكة
إلى جانب مصر، شاركت تونس بوفد رسمي رفيع المستوى برئاسة رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري، التي أجرت لقاءات ثنائية مع مسؤولين يابانيين وأفارقة لتعزيز الشراكات. وتمحورت النقاشات حول “التعاون لإيجاد حلول مبتكرة مع إفريقيا”، بما يؤكد ملكية الدول الإفريقية لأجندتها التنموية، ورغبتها في صياغة شراكات متوازنة قائمة على المصالح المشتركة.
أجندة اقتصادية وتنموية متكاملة
ركزت القمة على ملفات محورية مثل الأمن الغذائي، التحول الرقمي، الطاقة المتجددة، وتمكين الشباب. كما شكل المؤتمر منصة استراتيجية لاستعراض خطط اليابان التي أعلنت عن استثمارات بقيمة 30 مليار دولار حتى عام 2025، تركز على التعليم والصحة وتنمية رأس المال البشري، في محاولة لتقديم نموذج تنموي مختلف عن النهج الصيني القائم على مشروعات البنية التحتية الضخمة.
منصة لتعزيز الشراكات المتوازنة
في ختام القمة، أكدت المشاركة الإفريقية الواسعة أن تيكاد 9 لم يعد مجرد منصة تقليدية بين مانح ومتلقي، بل أصبح إطارًا استراتيجيًا لتعزيز التعاون الدولي العادل ونقل المعرفة وتوطين الخبرات. وهو ما يعكس إدراك إفريقيا لأهمية بناء شراكات متوازنة قادرة على مواجهة التحديات العالمية المعقدة، من أزمات الطاقة والمناخ إلى اختلال سلاسل الإمداد.