أميمة عبد الله.. دينامو مبادرة العودة الطوعية وقلبها النابض

على رصيف رقم (8) بمحطة قطارات رمسيس في قلب القاهرة، يتجمع مئات السودانيين كل أسبوع في إطار مبادرة العودة الطوعية التي أطلقتها منظومة الصناعات الدفاعية السودانية، بعضهم يحمل حقائب صغيرة وكبيرة ، وبعضهم يجر خلفه ذكريات ثقيلة عاشها في الغربة القسرية بعد اندلاع الحرب.. تنتظرهم رحلة مختلفة ليست مجرد قطار أو حافلة، بل رحلة عودة إلى الوطن تحمل بين طياتها الأمل في بداية جديدة والحنين إلي الماضي وذكرياته.
وسط هذا المشهد المزدحم بالدموع والابتسامات، يبرز وجه مألوف لكثير من العائدين؛ إنها “أميمة عبد الله ” رئيسة لجنة العودة الطوعية التابعة لمنظومة الصناعات الدفاعية السودانية ، تلك المرأة السودانية التي تحولت إلى دينامو إنساني لا يهدأ.. تتحرك بخطوات سريعة بين عربات القطار، تسأل هنا، تطمئن هناك، وتذلل العقبات التي قد تعترض طريق أي مسافر.. وما إن يتحرك القطار الذي يقل أكثر من ألف مواطن، حتى تكون أميمة قد غادرت بالفعل إلى منطقة عابدين لتشرف بنفسها على انطلاق الحافلات التي تقل مئات آخرين نحو السودان.
أميمة عبد الله ليست مجرد مسؤولة إدارية، بل قلب نابض لمبادرة العودة الطوعية التي أطلقتها منظومة الصناعات الدفاعية السودانية، لتفتح باب الأمل أمام آلاف السودانيين المتواجدين في مصر العائدين إلى ديارهم مجانا بلا مقابل، سوى استعادة الكرامة والعودة إلى الجذور.
وفي مشهد إنساني مؤثر وعقب انطلاق الرحلة السادسة لقطار العودة الطوعية صباح أمس الأربعاء أقام مواطنو بحري احتفالًا تكريميًا خاصًا لأميمة عبدالله، تلك المرأة التي حملت على عاتقها تفاصيل المشروع، من تنسيق الرحلات إلى تلبية احتياجات العائدين, وأمام هذا المشهد الإنساني لم تتمالك أميمة عبد الله نفسها حيث غلبتها دموعها وسط تصفيق طويل من الحضور؛ دموع لم تكن ضعفًا، بل شهادة صادقة على حجم المسؤولية التي تحملتها، وعلى الامتنان العميق الذي يكنّه لها أبناء وطنها.
خلال التكريم، تحدث الفريق متقاعد المعز العتباني بكلمات لامست وجدان الجميع، مؤكدًا أن هذه هي المرة الأولى التي تخرج فيها منظومة الصناعات الدفاعية من إطارها العسكري إلى فضاء العمل الاجتماعي، مضيفًا: “هذا عمل عظيم، الشعب السوداني كله يشكر هذه المبادرة التي نقلت أبناءه من القاهرة حتى الخرطوم وكوستي والجزيرة والهلالية، وستظل مستمرة حتى يعود آخر سوداني يرغب في العودة.”
وأمام حالة الزخم الكبير الذي أحدثته مبادرة العودة الطوعية للسودانيين في مصر إلي السودان، لم تعد المبادرة مجرد مشروع لوجستي ينقل السودانيين من مكان إلى آخر، بل أصبحت رمزًا لإنسانية متجددة وسط ركام الحرب. وأميمة عبد الله، بدموعها وابتسامتها وإصرارها، جسدت صورة المرأة السودانية التي تقود في صمت وتمنح الآخرين فرصة للبدء من جديد.
إقرأ المزيد :
بالصور .. عودة 1500 سوداني من مصر عبر قطار العودة الطوعية السادس