الجزائر تختتم معرض التجارة البينية الإفريقية الرابع بصفقات قياسية تتجاوز 48 مليار دولار

الجزائر تكرس مكانتها كقاطرة اقتصادية إفريقية
اختتمت الجزائر، أمس الأربعاء، فعاليات النسخة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، وذلك وسط إشادة واسعة من المشاركين بالتنظيم المحكم والنتائج التي فاقت جميع التوقعات. وقد أثبتت الجزائر من خلال هذا الحدث قدرتها على لعب دور محوري في دفع عجلة التكامل الاقتصادي والتجاري بالقارة الإفريقية، ما يعزز مكانتها كقاطرة اقتصادية في إفريقيا.
صفقات قياسية وحصة بارزة للجزائر
كشف رئيس بنك التصدير والاستيراد الإفريقي (أفريكسيم بنك) أن القيمة الإجمالية للعقود المبرمة خلال هذه الطبعة بلغت 48.3 مليار دولار، وهو رقم قياسي تجاوز التوقعات الأولية المحددة بـ 44 مليار دولار.
نالت الجزائر حصة وازنة تعادل 23.6% من إجمالي العقود، أي ما يعادل 11.4 مليار دولار من العقود التصديرية الموقعة.
كما وصلت القيمة الإجمالية للصفقات المعلن عنها في الجزائر إلى 23 مليار دولار، موزعة بين 11.4 مليار دولار من العقود الموقعة و11.6 مليار دولار من التزامات التصدير التي سيتم استكمالها في مرحلة لاحقة.
وتعكس هذه النتائج قوة العرض الجزائري في مجالات الإنتاج والانفتاح على الأسواق الإفريقية، إضافة إلى المكانة المحورية التي بدأت الجزائر تكرسها في مسار الاندماج الاقتصادي للقارة.
أرقام غير مسبوقة في العارضين والزوار
شهدت طبعة الجزائر الرابعة أرقامًا قياسية على مختلف المستويات. فقد جمع المعرض 2,148 عارضًا، من بينهم 1,923 مشاركًا حضوريًا و225 افتراضيًا، متجاوزًا بذلك سقف التوقعات الذي حُدد عند 2,000 عارض.
أما على صعيد الحضور الجماهيري، فقد بلغ عدد الزوار 112,476 زائرًا، منهم 60,650 زائرًا حضورياً و51,826 افتراضيًا، وهو رقم تجاوز بشكل كبير التوقعات المسبقة التي لم تكن تتعدى 35 ألف زائر.
حضور رفيع المستوى ودعم سياسي واسع
تميز المعرض أيضًا بمشاركة سياسية عالية المستوى، حيث حضر 14 رئيس دولة وحكومة، إلى جانب 6 ممثلين رفيعي المستوى عن دولهم، في حين لم يتجاوز عدد القادة الحاضرين في الطبعة السابقة 8 فقط.
وقد اعتُبرت هذه المشاركة الرفيعة المستوى دليلاً على المكانة التي يكتسبها المعرض في تعزيز التعاون الإفريقي، وإشارة واضحة إلى الثقة التي توليها الدول الإفريقية لدور الجزائر المتنامي.
إشادة إفريقية بالنجاح الكبير للجزائر
أشاد العديد من المشاركين، سواء من العارضين أو الوفود الرسمية، بجودة التنظيم الذي وفر أفضل الظروف لإجراء الفعاليات. واعتبروا أن هذا التنظيم يعكس التزام الجزائر بتعزيز روابطها مع الدول الإفريقية وبناء شراكات استراتيجية متينة.
وفي هذا السياق، أكد الرئيس النيجيري الأسبق ورئيس المجلس الاستشاري للمعرض أوليسيجون أوباسانجو أن “هذه الطبعة فاقت كل التوقعات وأظهرت قوة إفريقيا”، معتبرًا أن نجاح الجزائر في استضافة هذا الحدث يعكس العزم الإفريقي على تجاوز التحديات الاقتصادية والانخراط في مسار التكامل القاري.
رؤية جزائرية لمستقبل التكامل الإفريقي
جسّد نجاح المعرض رؤية رئيس الجمهورية الجزائرية لجعل الجزائر محطة إفريقية موفقة بكل المقاييس، حيث دعا إلى توحيد جهود الدول الإفريقية من أجل الخروج من دائرة التهميش، والمساهمة في صناعة القرار الاقتصادي العالمي.
وأكد الرئيس الجزائري أن “إفريقيا هي المستقبل”، داعيًا إلى مضاعفة الجهود لتسريع تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (زليكاف) باعتبارها أداة أساسية لبناء سوق موحدة قادرة على تحفيز الاستثمار والتجارة.
تعزيز البنية التحتية وتسهيل المبادلات التجارية
خلال النقاشات والحوارات الاقتصادية التي احتضنها المعرض، جرى التركيز على ضرورة استكمال مشاريع البنية التحتية اللوجستية، وتبسيط الإجراءات الجمركية، وتشجيع الإنتاج المحلي، وخلق سلاسل قيمة إقليمية. واعتُبرت هذه الخطوات عوامل محورية من شأنها أن تسهم في بروز إفريقيا كقوة اقتصادية عالمية خلال العقود المقبلة.
كما تم التأكيد على أهمية استغلال الإمكانات الإفريقية الكبيرة في مجالات الفلاحة والطاقة والصناعة، لما توفره من فرص واسعة لإنجاز مشاريع مشتركة بين الدول الإفريقية.
دور محوري للمؤسسات الجزائرية في القارة
مثّل المعرض فرصة مهمة للمؤسسات الجزائرية لتعزيز حضورها في الأسواق الإفريقية، والقيام بدور استراتيجي في تنويع الصادرات الجزائرية خارج قطاع المحروقات. واعتبر خبراء أن المشاركة الجزائرية القوية تعكس التحول الاقتصادي الجاري في الجزائر نحو دعم القطاعات المنتجة وتوسيع قاعدة الشراكات التجارية.
مبادرة تاريخية لدعم الشباب الإفريقي
من بين أبرز ما ميّز الطبعة الرابعة للمعرض، إعلان رئيس الجمهورية الجزائري عن إطلاق صندوق خاص لتمويل المؤسسات الناشئة والمبتكرين الشباب في إفريقيا. وقد وُصفت هذه المبادرة بالتاريخية، حيث تهدف إلى تمكين الشباب الإفريقي والجاليات المقيمة خارج القارة من الانخراط في مشاريع تنموية مبتكرة تعزز قدرات القارة الاقتصادية.
مراسم الاختتام والدعوة لمواصلة الزخم
أشرف على مراسم اختتام المعرض مدير ديوان رئاسة الجمهورية بوعلام بوعلام، بحضور مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالاتصال كمال سيدي السعيد، ومحافظ المعرض العربي لطرش، إلى جانب أعضاء من الحكومة ومسؤولين سامين.
وخلال مراسم الاختتام، تمت الدعوة إلى ضرورة الحفاظ على الزخم الكبير الذي تحقق، ومواصلة استثمار الفرص الجديدة التي فتحتها هذه الطبعة من أجل إطلاق الإمكانات الكاملة لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، بما يتيح تعزيز الاندماج الاقتصادي للقارة ورفع مكانتها على الساحة الدولية.
اقرأ المزيد