الكاميرون في مهمة شبه مستحيلة في تصفيات التأهل لكأس العالم 2026

تبدو رحلة الكاميرون في تصفيات كأس العالم 2026 وكأنها تسير على خيط رفيع بين الأمل واليأس. منتخب “الأسود التي لا تقهر”، الذي اعتاد أن يفرض هيبته في القارة السمراء ويكون ضيفًا دائمًا على كبرى البطولات العالمية، يجد نفسه هذه المرة أمام اختبار تاريخي قد يعصف بحلم المونديال، ويضع نقطة سوداء في سجلّه الكروي المليء بالإنجازات.

سيناريو غير مسبوق

بعد الجولة الثامنة، أصبح الوضع معقدًا إلى حد بعيد. الكاميرون تراجعت خلف الرأس الأخضر المتصدر بفارق أربع نقاط، لتجد نفسها مطالبة بالفوز في المباراتين المتبقيتين دون أي خطأ، وفي الوقت ذاته انتظار سقوط الرأس الأخضر. مهمة وصفها الإعلام المحلي بـ”المستحيلة”، خاصة أن المنافس يعيش حالة استقرار فني ومعنوي جعلته الأقرب إلى حسم التأهل.

الأرقام لا ترحم، والرياضيات قاسية على “الأسود”: ست نقاط كاملة أو وداع مؤلم. إنها معادلة تضع اللاعبين تحت ضغط نفسي خانق، وتجعل الجماهير تعيش حالة من التوتر غير المسبوق.

صدمة الرأس الأخضر

الخسارة الأخيرة أمام الرأس الأخضر بنتيجة (1-0) لم تكن مجرد هزيمة، بل كانت نقطة تحول قلبت مسار التصفيات رأسًا على عقب. “أسماك القرش الزرقاء” استغلت الفرصة وتشبثت بالصدارة، فيما غرق المنتخب الكاميروني في دوامة من التساؤلات: كيف انهار فريق كان يُحسب له ألف حساب في القارة؟ وكيف فقد لاعبوه القدرة على الحسم في اللحظات المفصلية؟

صحف ياوندي ودوّالا اعتبرت أن الهزيمة “كسرت شوكة الأسود” ووضعت البلاد أمام خطر الغياب عن المونديال لأول مرة منذ عقود، بينما وُصفت بأنها “الهزيمة التي هزّت كبرياء أمة بأكملها”.

غضب في الشارع الكاميروني

الجماهير، التي طالما تغنت بأهازيج المنتخب، تبدو اليوم ممزقة بين الإحباط والأمل. في المقاهي والشوارع وحتى على منصات التواصل، يتكرر نفس السؤال: هل انتهت أسطورة “الأسود التي لا تقهر”؟

بعض المشجعين صبوا جام غضبهم على الجهاز الفني، معتبرين أن مارك برايس لم ينجح في قراءة المباريات أو توظيف عناصر الفريق بالشكل الأمثل. آخرون يرون أن اللاعبين أنفسهم فقدوا روح التحدي والقتال، وهي السمة التي ميّزت الكاميرون عبر الأجيال.

برايس بين المطرقة والسندان

المدرب مارك برايس يجد نفسه في موقف بالغ التعقيد. فهو مطالب أولاً بإعادة شحن معنويات لاعبيه المرهقة نفسيًا، ثم الدخول في مباراتين أشبه بـ”المواجهات المصيرية”، حيث لا مجال فيها لأي خطأ تكتيكي أو فردي.

برايس قال في تصريحات مقتضبة: “سوف نقاتل حتى النهاية، لكن علينا أن نكون صريحين: المهمة صعبة للغاية.” كلمات تعكس واقعية مؤلمة، لكنها في الوقت ذاته تحمل بصيص أمل بأن المنتخب لم يرفع الراية البيضاء بعد.

التاريخ على المحك

الكاميرون ليست مجرد منتخب عادي في أفريقيا. إنها أول فريق أفريقي يصل إلى ربع نهائي كأس العالم (إيطاليا 1990)، وهي صاحبة ست مشاركات مونديالية صنعت من خلالها لحظات لا تُنسى. واليوم، يواجه هذا التاريخ المجيد خطر الانكسار.

فشل التأهل إلى مونديال 2026 لن يكون مجرد إخفاق رياضي، بل صدمة وطنية تضرب صورة الكرة الكاميرونية، وقد تفتح الباب أمام نقاشات كبرى حول البنية التحتية للمنتخب ومستقبل الجيل الحالي.

العد التنازلي للأمل

السيناريو واضح: الكاميرون تحتاج إلى معجزة كروية. الفوز في مباراتين حاسمتين وانتظار سقوط الرأس الأخضر في نفس التوقيت. قد تبدو المهمة شبه مستحيلة، لكنها ليست معدومة. كرة القدم علّمتنا أن لا شيء محسوم حتى صافرة النهاية.