الكاتب النيجيري سليمان آل مختار يكتب : معادن « أرليت » الثروة تحولت موتا على أصحابها

تقع مدينة أرليت في منطقة أغاديس النيجرية، في قلب الصحراء الكبرى .. تأسست المدينة في الأصل كمنطقة رعوية للطوارق قبل اكتشاف اليورانيوم وتحولها إلى مركز تعدين رئيسي، ورغم أهميتها الاقتصادية لفرنسا وشركات مثل أورانو (Orano)، تواجه المدينة تحديات بيئية واجتماعية، بما في ذلك نقص البنية التحتية الأساسية وتدهور الظروف البيئية بسبب عمليات التعدين.
تمثل أرليت أحد أكبر احتياطيات اليورانيوم في النيجر حيث تقدر احتياطياته بـ 47.5 مليون طن من درجات خام اليورانيوم بنسبة 0.014٪.
وتعتبر مدينة أرليت مهد أنفس معادن النيجر ( اليورانيوم)، حيث تشهد المدينة اهتماما عالميا منقطع النظير؛ بسبب ثروتها في اليورانيوم، وبحسب الأرقام الرسمية للرابطة النووية العالمية، فإن أرليت تزود دول التكتل الأوروبي بنحو 25 بالمئة من إمدادات اليورانيوم، وذلك قبل انقلاب 26 يوليو، وأنتجت أرليت عام 2022 نحو 5 بالمئة من التعدين العالمي.
يُمثّل هذا اليورانيوم المُستخرج من مناجم أرليت جزءًا هامًا من احتياجات فرنسا من الطاقة النووية، والتي تُشكّل بدورها 70% من إجمالي إنتاج الكهرباء في البلاد.
تساهم النيجر بحوالي 15-19% من إمدادات اليورانيوم لفرنسا.
وكانت الشركة الفرنسية، “أورانو” (أريفا) سابقا هي المسؤولة عن استخراج اليورانيوم في أرليت منذ عام 1971.
وقد عرضت قناة ” الجزيرة ” فيلم وثائقي بعنوان: ” أيتام الصحراء، وذكر الفيلم: كيف أصبحت فرنسا دولة نووية بارزة على حساب السكان المدنيين الذين يموتون بسبب الإشاعات والمخلفات النووية،
وقد كشفت دراسة احدى اللجان البيئية: وجود عشرين مليون طن من النفايات المشعة، تركتها الشركة الفرنسية كوميناك في مصب للنفايات بالهواء الطلق وعلى الأرض مباشرة ، حينها اطلقت اللجنة ناقوس الخطر محذرة من خطورة هذه النفايات، والاحتمال الأكبر والوشيك لتسربها لتلوث المياه الجوفية بعد أن لوثت الهواء، الأمر الذي يشكل تهديدا كبيرا لسكان مدينة أرليت.
ورغم وجود هذه الشركة التي تدير المليارات سنويا من هذه الصناعة، فإن ذلك لم ينعكس بأي شكل من الأشكال على المنطقة وسكانها الذين يفتقدون أدنى مقومات الحياة، إذ لم توفر هذه الشركات العاملة في التنقيب أي خدمات أو بنيات تحتية،
بل وصل التجاهل إلى حد فاضح، بعد بناء خط شحن من كوتونو إلى بينين يتجاوز جميع القرى والمدن التي في طريقه.
انتقدت المنظمات غير الحكومية والناشطون المحليون الشركات العاملة في المناجم بسبب تأثيرها البيئي والصحي على المنطقة، مما أدى إلى تلوث بيئي كبير، بحسب ” سكاي نيوز عربية “.
رغم أهمية مدينة أرليت الاقتصادية، إلا أنها تعاني من نقص في البنية التحتية الأساسية، مثل : الكهرباء المستمرة والمياه والصرف الصحي، وتعتبر أحيانًا “مقبرة اليورانيوم” بسبب الظروف الصعبة للسكان المحليين، حسب مصادر إعلامية.
من المثير للدهشة: أن واحدًا من بين كل ثلاثة مصابيح مضاءة في فرنسا ، يعود فيه الفضل الى اليورانيوم النيجيري ، لكن في النيجر ما يقرب من 90 في المئة من السكان لا يحصلون على الكهرباء .
وبحسب أحد النشطاء الطوارق في المدينة، أضحت أرليت “مدينة فقر وفوضى”، وقال: “بل يمكن وصفها أنها أصبحت مدينة المخدرات والمهربين بسبب بؤسها”.المدينة الذي تضيء شوارع باريس بينما يعيش أغلب سكانها في الظلام الدامس.
هل انقلاب 26 يوليو سيفتح صفحات مشرقة على سكان أرليت بعد سحب رخصة تنقيب اليورانيوم من شركة أورانو وتأميم شركة “سومير”؟؟؟.
* سليمان متار مالم يحيى آل مختار .. كاتب من دولة النيجر .
اقرأ المزيد