إنسحاب ثلاث دول من غرب أفريقيا من المحكمة الجنائية الدولية

أعلنت ثلاث دول من غرب أفريقيا – مالي وبوركينا فاسو والنيجر – انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية، ووصفتها بأنها “أداة للقمع الاستعماري الجديد”.
هذا القرار لا يمكن النظر إليه بمعزل عن التحولات الجيوسياسية العميقة التي تشهدها منطقة الساحل الأفريقي، حيث تسعى هذه الدول الثلاث إلى إعادة رسم علاقاتها الدولية بعيدًا عن الوصاية الغربية التي ارتبطت لعقود طويلة بالمنظومة الاستعمارية ومخلفاتها.
لقد سبق لهذه الدول أن تخلت عن المظلة التقليدية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، احتجاجًا على ما اعتبرته “انحيازًا” لمصالح القوى الغربية. واليوم، يأتي قرار الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية ليضيف طبقة جديدة من التمرد السياسي على ما يوصف بـ”عدالة انتقائية”، لا تطال إلا القادة الأفارقة والدول الضعيفة، بينما تُستثنى منها القوى الكبرى التي ارتكبت تجاوزات جسيمة في مناطق مختلفة من العالم.
من الناحية الإجرائية، سيدخل هذا الانسحاب حيز التنفيذ بعد مرور عام على إخطار الأمين العام للأمم المتحدة، لكن المحكمة ستظل مختصة بالتحقيقات والقضايا التي فُتحت قبل ذلك التاريخ. ورغم ذلك، فإن الدول الثلاث تؤكد أنها بصدد إنشاء “آليات محلية وأصيلة” للعدالة والمساءلة، في محاولة لربط العدالة بالسيادة الوطنية والقيم المجتمعية الخاصة بها.
غير أن هذه الخطوة أثارت قلقًا واسعًا لدى منظمات حقوق الإنسان، التي تخشى أن يؤدي تقليص الرقابة الدولية إلى اتساع دائرة الانتهاكات بحق المدنيين، سواء على أيدي الجماعات المسلحة أو حتى من قبل القوات الحكومية، خصوصًا في بيئة تعصف بها الحروب الأهلية والتمرد المسلح.
في جوهره، يعكس هذا الانسحاب مسارًا أوضح نحو إعادة تموضع استراتيجي في منطقة الساحل؛ فالدول الثلاث التي شكّلت مؤخرًا تحالف دول الساحل تسعى إلى بناء نموذج جديد يقوم على الشراكات الإقليمية والبدائل الدولية غير الغربية، وهو ما قد يعيد رسم خريطة النفوذ في واحدة من أكثر مناطق القارة توترًا وحساسية.
إقرأ المزيد:-
« الجنائية الدولية » تصدر مذكرات توقيف بحق عناصر ميليشيا ليبية
مالي: الجنائية الدولية تصدر مذكرة اعتقال بحق إياد أغ غالي
التونسي هيكل بن محفوظ يؤدي اليمين قاضيًا بالمحكمة الجنائية الدولية