السنغال تتجه لطرح ثالث في أسواق الاتحاد الاقتصادي لغرب أفريقيا وتطلق سندات للمغتربين لإنعاش الاقتصاد

تستعد السنغال، بقيادة الرئيس باسيرو ديوماي فاي، للتوجه مجددًا إلى السوق الإقليمية التابعة للاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا خلال عام 2025، وذلك للمرة الثالثة في أقل من عام، في إطار سعيها لتغطية احتياجاتها التمويلية المتزايدة وسط تحديات اقتصادية وضغوط ديون متفاقمة.
وذكر موقع 360 أفريك الإخباري أن السنغال تعتزم إطلاق حملة جديدة لجمع تمويلات عبر السوق الإقليمية، حيث تسعى للحصول على مبلغ يقدر بـ 300 مليار فرنك أفريقي (ما يعادل 542 مليون دولار أمريكي). وستتم تعبئة هذه الأموال من خلال قروض مشتركة بمشاركة مجموعة من البنوك، وذلك لتمويل جزء من احتياجات الدولة السنغالية.
الطرح الثالث خلال 2025
يمثل هذا التوجه الطرح العام الثالث للسنغال في 2025، بعد أن جمعت في مارس الماضي 416 مليار فرنك أفريقي في داكار، ثم جمعت في يوليو نحو 364 مليار فرنك أفريقي. ومع اكتمال العملية الثالثة، تكون داكار قد حصلت على أكثر من تريليون فرنك أفريقي عبر هذه الآلية في أقل من عام.
دعوة سونكو للمغتربين ودعم خطة الإنعاش
في موازاة ذلك، دعا رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو قبل أيام الجاليات السنغالية بالخارج إلى المشاركة في تمويل خطة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي (PRES)، التي تبلغ قيمتها الإجمالية 5,667 مليار فرنك أفريقي. وتهدف هذه الخطة إلى إنعاش الاقتصاد الوطني الذي يواجه ضغوطًا هائلة، في وقت يصل فيه الدين العام إلى 119% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما لا تزال مساعدات صندوق النقد الدولي معلقة.
وقد اختار سونكو مدينة ميلانو الإيطالية لإطلاق نداء غير مسبوق أمام قاعة مكتظة بالمغتربين السنغاليين، حيث دعاهم إلى الاكتتاب في “سندات المواطن والوطن” الجديدة. ويُتوقع أن تطرح هذه السندات بدءًا من 18 سبتمبر بآجال استحقاق تتراوح بين 3 و10 سنوات، وبمعدلات فائدة بين 6.4% و6.95%.
حجم التعبئة المحتملة
وفقًا لتقديرات أولية، قد يصل حجم التعبئة من خلال هذه السندات إلى نحو 1,800 مليار فرنك أفريقي، وهو ما يمثل ما يقرب من ثلث المرحلة الأولى من برنامج دعم المغتربين، الأمر الذي يجعل مشاركة الجاليات السنغالية بالخارج عنصرًا حاسمًا في مستقبل الخطة الاقتصادية.
قوة تحويلات المغتربين
ويستند هذا التوجه إلى بيانات رسمية تؤكد أهمية تحويلات المغتربين كرافد للاقتصاد الوطني. فبين عامي 2000 و2024، تلقت السنغال نحو 41.6 مليار دولار من تحويلات مواطنيها بالخارج، وفقًا للبنك الدولي، لتحتل المرتبة الخامسة في أفريقيا. ورغم أن الرقم لا يزال أقل بعشر مرات مقارنة بتحويلات نيجيريا، إلا أن مساهمة المغتربين السنغاليين ارتفعت عشرة أضعاف خلال هذه الفترة، ما يجعلها موردًا موثوقًا يمكن الاعتماد عليه في ظل صعوبات الاقتراض الخارجي.
حوافز حكومية لاستقطاب المغتربين
لتشجيع مواطنيها بالخارج على المشاركة، أعلنت الحكومة السنغالية عن حزمة من الإجراءات المحفزة، منها:
- تسهيل إجراءات الحصول على جوازات السفر.
- ضمان تأمين العودة إلى الوطن.
- إتاحة خيارات ميسرة للسكن.
- إنشاء صندوق خاص بقيمة 800 مليون فرنك أفريقي اعتبارًا من 2025.
- تخصيص يوم 17 ديسمبر يومًا وطنيًا للمغتربين.
أزمة ديون خانقة وتحديات اقتصادية
لكن هذه الجهود تأتي في ظل وضع اقتصادي صعب، إذ أدى اكتشاف ما يعرف بـ “الدين الخفي” إلى تعقيد المشهد. فقد قُدِّر هذا الدين في البداية بنحو 7 مليارات دولار، قبل أن تعيد وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني تقييمه إلى 13 مليار دولار، وهو ما رفع إجمالي الدين العام للسنغال إلى نحو 119% من الناتج المحلي الإجمالي.
هذا الوضع دفع صندوق النقد الدولي إلى تعليق مساعداته لداكار، كما أدى إلى تخفيض التصنيف الائتماني السيادي، ما يعقّد قدرة السنغال على الحصول على تمويلات منخفضة التكلفة من الأسواق العالمية.
مستقبل التمويل في السنغال
أمام هذه التحديات، تسعى الحكومة السنغالية إلى تحويل الانتماء الوطني للمغتربين إلى رافعة مالية قادرة على دعم الاقتصاد. وفي حال نجاح هذه الاستراتيجية واستجابة السنغاليين بالخارج للاكتتاب، قد تتمكن داكار من استعادة ثقة المانحين الدوليين والحصول على دفعة قوية نحو التعافي الاقتصادي. أما في حال الإخفاق، فستبقى البلاد تحت وطأة الاعتماد على الأسواق مرتفعة التكلفة، مع استمرار عبء الدين العام.
إقرأ المزيد :
ميناء داكار في السنغال يتصدر تصنيف أفضل موانئ الحاويات بإفريقيا جنوب الصحراء لعام 2024