إطلاق أول مرصد إقليمي لقوانين السياحة في الشرق الأوسط
المرصد خطوة استراتيجية لترسيخ استدامة القطاع وتعزيز جاذبية الاستثمار

في تطور يعدّ محطة مفصلية لمستقبل السياحة في المنطقة، أعلنت منظمة السياحة العالمية (الأمم المتحدة للسياحة)، خلال مؤتمر إقليمي عُقد مؤخرًا، عن إطلاق أول مرصد إقليمي لقوانين وتشريعات السياحة في الشرق الأوسط، في مبادرة غير مسبوقة تهدف إلى صياغة إطار عمل متكامل يعزز نمو القطاع السياحي، ويوحد التشريعات المتفرقة التي تعاني منها الدول العربية.
هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية طال انتظارها، إذ أن التشريعات السياحية في المنطقة ما زالت شديدة التنوع، مما خلق تحديات أمام المستثمرين والشركات والسياح على حد سواء. واليوم، يأتي المرصد ليضع خارطة قانونية رقمية موحدة، تُسهم في تعزيز الشفافية والوضوح، وتُسهّل عمليات الاستثمار، وتفتح الباب أمام تعاون إقليمي أوسع في صناعة السياحة.
و لن يقتصر على جمع وتحليل القوانين الوطنية الخاصة بالسياحة، بل سيعمل على: صياغة إطار سياسات قانونية رقمية واضح وقابل للتطبيق، والمشاركة في حوار إقليمي ودولي حول القوانين السياحية، وكذلك التوصية بسياسات موحدة تدعم النمو المستدام، وأيضًا توفير منصة للمناصرة والتشبيك بين الحكومات والقطاع الخاص.
هذه المبادرة تأتي امتدادًا لنجاحات سابقة في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، حيث ساعدت الأطر القانونية الموحدة على تعزيز ثقة المستثمرين وتسريع نمو السياحة. وبالمثل، فإن الشرق الأوسط، الذي يعدّ اليوم من أسرع أسواق السياحة نموًا في العالم، بحاجة ماسة لمثل هذه الخطوة لتأمين بيئة قانونية متماسكة ومستقرة.
من المتوقع أن يركز المرصد على معالجة تحديات محورية مثل: تراخيص السياحة وتبسيط الإجراءات، وتوفير السلامة والأمن السياحي، ووضع اللوائح البيئية وممارسات السياحة المسؤولة، مما يظهر آثارً علي الاقتصاد الرقمي على السياحة، خاصة مع صعود المنصات الإلكترونية.
هذا التوجه من شأنه أن يزيل العوائق التي تواجه السياح والشركات، ويُعزز التنافسية الإقليمية لدول مثل السعودية والإمارات وقطر ومصر وعُمان، والتي تستثمر مليارات الدولارات في تطوير بنيتها التحتية السياحية.
تكتسب هذه الخطوة أهمية خاصة في ظل رؤية السعودية 2030 التي تضع السياحة كأحد ركائز تنويع الاقتصاد، ومساعي الإمارات لترسيخ مكانتها كمركز عالمي للطيران والسياحة، إلى جانب الجهود النشطة للأردن ولبنان لتعزيز السياحة المستدامة. هنا يبرز دور المرصد في حماية البيئة والمجتمعات المحلية، وضمان أن النمو السياحي لا يكون على حساب الاستدامة.
لا يقتصر أثر المرصد على الشرق الأوسط فقط، بل يمتد ليشكّل جسرًا مع أفريقيا، حيث يمكن أن تستفيد الدول الأفريقية من التجارب القانونية الموحدة التي سيطورها الشرق الأوسط، ما يعزز السياحة البينية ويُسهّل السفر متعدد الوجهات بين المنطقتين.
إجمالًا، يمثل مرصد قوانين السياحة في الشرق الأوسط أداة استراتيجية لترسيخ مكانة المنطقة على خريطة السياحة العالمية. فهو يضمن للمستثمرين بيئة مستقرة وقابلة للتنبؤ، وللسياح تجربة أكثر سهولة وموثوقية، وللحكومات إطارًا موحدًا يعزز التعاون والتكامل. وفي النهاية، فإن الأطر القانونية المتينة ستكون بمثابة حجر الأساس لتحقيق نمو مستدام، ومسؤول، وشامل في قطاع السياحة بالشرق الأوسط.
اقرا المزيد:-
ميتا تطلق برنامجًا لتطوير مهارات السياحة لمدة 4 أشهر لأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى
سيراليون: السياحة والاقتصاد الإبداعي فرص استثمارية صاعدة في غرب إفريقيا
السياحة العالمية: معدلات السفر العالمي تسجل ارتفاعًا في بنسبة 5% في النصف الأول من عام 2025