أخبار عاجلةغرب افريقيا

الكاميرون: بعد غدًا 8 ملايين ناخب يصوتون لـ 12 مترشحًا وصدمة من رفض الشارع لترشح بول بيا (92 عامًا)

في الكاميرون وفي أجواءٍ سياسية مشحونة يغلب عليها التوتر والاحتقان، أعلنت لجنة الانتخابات الكاميرونية رسميًا تسجيل أكثر من 8 ملايين ناخب للمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 12 أكتوبر المقبل، والتي يخوضها اثنا عشر مرشحًا يتنافسون على أعلى منصب في البلاد.

لكنّ الحدث الأبرز لم يكن في الأرقام ولا في القوائم، بل في تصاعد الغضب الشعبي من ترشّح الرئيس العجوز بول بيا (92 عامًا)، الذي يحكم البلاد منذ أكثر من أربعة عقود، وفي المفاجأة غير المسبوقة التي أحدثها فيديو ابنته براندا بيا، حيث دعت علنًا إلى عدم التصويت لوالدها، معتبرةً أن “الكاميرون بحاجة إلى نفسٍ جديد”.

ومنذ إعلان الهيئة الانتخابية “إيليكام” القائمة النهائية للمرشحين، تصاعدت الانتقادات الشعبية تجاه النظام الحاكم، الذي يتّهمه الشارع بمحاولة فرض “استمرارية قسرية” في وقتٍ تطالب فيه قطاعات واسعة من الشباب والمعارضة بانتقال سلمي للسلطة.

ووفق البيانات الرسمية، يبلغ عدد الناخبين المسجلين 8,010,464 ناخبًا، بينهم أكثر من 3.7 ملايين امرأة و4.2 ملايين رجل موزعين على أكثر من 31 ألف مركز اقتراع داخل البلاد، إضافة إلى 108 مراكز اقتراع خارجية تمكّن نحو 34 ألف مغترب كاميروني من الإدلاء بأصواتهم.

لكن خلف هذه الأرقام تتوارى أزمة سياسية عميقة عنوانها “الشرعية والملل الشعبي”، إذ تشير استطلاعات غير رسمية إلى تراجع كبير في شعبية بيا، حتى داخل حزبه الحاكم التجمع الشعبي الديمقراطي (CPDM)، الذي فقد بريقه بين جيل الشباب الصاعد.

الصدمة الكبرى جاءت من داخل بيت الرئيس نفسه، بعدما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لابنته براندا بيا — وهي إحدى الشخصيات العامة الناشطة في المجتمع المدني — ظهرت فيه وهي تقول بوضوح: “أحترم والدي كرجل دولة، لكن الكاميرون لم تعد تحتمل حكمه. حان الوقت لأن يختار الشعب طريقه بحرية.”

الفيديو، الذي حصد مئات آلاف المشاهدات خلال ساعات، أحدث زلزالًا سياسيًا داخل القصر الرئاسي وأعاد إلى الواجهة النقاش حول قدرة بيا المتقدّم في العمر على إدارة البلاد، خصوصًا في ظل الغياب شبه التام عن الظهور الميداني ورفضه الحديث للإعلام منذ أكثر من عامين.

الشارع الكاميروني يعيش حالة احتقان غير مسبوقة، تتجلى في أحاديث المقاهي والأسواق ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث تعلو أصواتٌ تطالب بطي صفحة الماضي وفتح عهدٍ جديدٍ من الحكم المدني الديمقراطي.

الاحتجاجات الطلابية في ياوندي ودوآلا، وإن كانت محدودة نسبيًا، تحمل رمزية قوية، فالشباب الذين لم يعرفوا رئيسًا غير بول بيا باتوا يرفعون شعارًا لافتًا: “نريد مستقبلاً لا ماضيًا يعيش فينا.”

هذه الحالة الشعبية من الرفض لم تعد معزولة، إذ عبّرت عنها أحزاب المعارضة الرئيسية، وعلى رأسها حزب “النهضة الكاميرونية” بزعامة موريس كامتو، الذي رفض المجلس الدستوري ترشحه بدعوى “وجود ترشيحات متعددة”، وهو القرار الذي وصفه كامتو بأنه “مناورة سياسية لإقصاء المنافسين الجادّين”.

و مع دخول البلاد مرحلة الصمت الانتخابي، تتجه الأنظار نحو اليوم الحاسم في 12 أكتوبر، حيث يخشى المراقبون أن يؤدي الإصرار على بقاء بيا في الحكم إلى تفجّر أزمة شرعية جديدة قد تهزّ استقرار الكاميرون السياسي والاقتصادي.

ويشير محللون أفارقة إلى أن النظام الكاميروني يواجه اليوم امتحان البقاء، ليس فقط أمام المعارضة، بل أمام جيلٍ كاملٍ من المواطنين الذين يطالبون برئيسٍ يعيش واقعهم لا في ذاكرة السبعينيات.

في الكواليس، تسود حالة من القلق داخل الحزب الحاكم بعد انتشار مقاطع دعائية مضادة تطالب بالمقاطعة أو التصويت لأي مرشح آخر سوى بول بيا، ما اعتُبر تحولًا رمزيًا كبيرًا في الوعي الشعبي، خصوصًا بعد الموقف المفاجئ لابنته التي كسرت حاجز الصمت داخل العائلة الأولى.

ورغم محاولات الإعلام الرسمي إظهار المشهد وكأن البلاد تسير في أجواء طبيعية، إلا أن المؤشرات على الأرض تكشف عن مجتمعٍ متعبٍ من طول الانتظار، يتهيأ لمرحلةٍ يريد فيها أن يرى وجوهًا جديدة على رأس الدولة.

وفي الوقت الذي يرفع فيه أنصار بيا شعار “الاستمرارية من أجل الاستقرار”، يردّ الشارع بصوتٍ واحد: “لا استقرار بلا تغيير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »