الكاتب السوداني مجدي عبد العزيز يكتب : منع التهجير .. وترسيخ الدور ..النصر الاستراتيجي لمصر

▪️ربما لا يتسق مع الدقة ان قلت : ان المنطقة بأسرها كانت على ( شفا ) الانفجار في الفترة الماضية – دون الإشارة علي أن شواهد هذا الإنفجار وبداياته اشتعلت فعلاً بسلوك إسرائيل العدواني ورئيس وزرائها المتغطرس ..
▪️في هذه البيئة المعتمة والفالتة خرجت مصر لتعيد هندسة التوازن وتفرض حضورها كصاحبة القرار والقدرة، لا بالشعارات ولا بالصخب، بل بالحكمة والحنكة والاتزان.
▪️في اعتقادي الجازم وبكل القياسات والأوزان والمقاربات المبذولة الآن في ميدان الجغرافيا والسياسة الإقليمي والدولي إن هذا الاتفاق الأخير بشأن غزة أتي تتويجًا لرؤية مصرية راشدة قادها الرئيس عبدالفتاح السيسي بعقل الدولة وضمير الأمة، ليبرهن أن النصر في هذا العصر لا يُقاس بمدى الدمار ولا بعدد الصواريخ، وإنما بقدرة الدولة على حفظ الدماء وصون الأرض وفرض المعادلة السياسية لمصلحة الأمن القومي .
▪️لقد انتصرت مصر بالوعي الإستراتيجي وبالدبلوماسية القوية و الهادئة في نفس الوقت ..
وحين تاهت بوصلات كثيرة في زحمة المواقف، ظلت القاهرة على ثباتها، تُدير الاتصالات، وتنسّق الجهود، وتضع نصب عينيها أهدافًا واضحة تمثلت في العمل علي إنقاذ أرواح الأبرياء، وإسناد الغزاويين في التمسك بأرضهم ، والمحافظة على ثوابت الأمن القومي والإقليمي دون تفريطٍ أو مزايدة.
▪️الاتفاق الذي تمّ في شرم الشيخ مؤخراً جاء ثمرة جهد طويل وصبور بدأ منذ اليوم الأول للعدوان ..
فالقاهرة كانت، وستظل، البوابة العربية الوحيدة التي لم تُغلق في وجه الفلسطينيين، واليد الممتدة بالمساعدة لا بالاشتراط ، فهي التي دفعت بقوافل الإغاثة المصرية إلى عمق المأساة، وحملت على عاتقها الوجدان الإنساني للأمة كلها، لتثبت أن مصر لا تدافع عن حدودها فحسب، بل عن قيمة الإنسان وكرامة الأمة.
▪️استراتيجياً، ما تحقق هو نصرٌ هادئ لكنه بالغ العمق والتأثير.
فقد أكدت مصر موقعها التاريخي في ملف القضية الفلسطينية المركزية والصراع مع الدولة العبرية ، كما أكدت دورها في إبرام الاتفاقات ، وتحقيق ما يستحقه الفلسطنيين .
وهي التي أحبطت سيناريوهات التهجير القسري نحو سيناء، وفرضت سيطرتها الكاملة على معبر رفح في إطار إنساني وأمني منضبط، وأمّنت حدودها من أي تهديدٍ محتمل، وتكرّس حضورها في آلية المراقبة الدولية لسريان الهدنة .
▪️لقد أدار الرئيس عبدالفتاح السيسي هذه المعركة المعقدة بعقل القائد ومسؤولية الدولة ، وقدّم صورة القيادة التي تفهم موازين القوى وتقرأ التاريخ والجغرافيا في آنٍ واحد.
▪️ومع إعلان الهدنة، كانت مصر قد حققت انتصارها الكامل :
•منعت التهجير،
•وأمّنت حدودها،
•ورسخت لدورها،
•وقدّمت درسًا في القيادة المتزنة التي تجمع بين المرونة والحزم، وبين الواقعية والإيمان بالحق.
▪️بالتأكيد كان ذلك هو النصر الاستراتيجي الحقيقي .. أن تنتصر مصر لنفسها وللأمة من دون أن تُطلق رصاصة وان كان ردعها علي اهبة الاستعداد ،، وأن تفرض إرادتها بالحنكة والتدبير ..
لتبعث القاهرة رسالة للعالم بأن مصر التي عرفت الحرب والسلام، والمجد بعد النكسة والبناء بعد العواصف ما زالت تحمل الأمانة عن أمتها وعن ضمير الإنسانية.
▪️ومع كل قافلة مساعداتٍ تعبر الحدود، ومع كل طفلٍ يعود إلى بيته شمال غزة، كانت مصر تكتب سطرًا جديدًا في سجلها القومي عنوانه : ( الإنسانية حين تكون قوة، والعقل حين يكون نصرًا ) .
▪️بلا شك أنّ مصر وهي تُنهي فصول هذا الاتفاق تثبت أنّ الدفاع عن الحق الفلسطيني لا تنازل أو تراجع عنه بكل الوسائل المشروعة ، وكذلك أيضاً بقدرة الدول على انتزاع المساحة الممكنة من الواقع لصالح الإنسان والقضية .
وبهذا المعنى، فإنّ ما حققته مصر في ملف غزة هو حقاً نصرٌ عظيمٌ وكبير للأمة العربية بأسرها ، يعيد الثقة في القدرة على صناعة القرار، ويؤكد أن القاهرة رغم المحاولات البائسة واليائسة لإقصائها او إضعاف وتحجيم دورها قادرة على أن تُلهم، وتُوازن، وتنتصر للحق وللعقل وللإنسان .
،، والي الملتقي ،،
* مجدي عبد العزيز .. رئيس تحرير موقع ” الرواية الاولى ” .
اقرأ المزيد