الأوضاع في مدغشقر إلي مزيد من الغموض : الرئيس راجولينا يختبئ في “مكان آمن” والمعارضة تتحرك لعزله

تتجه الأوضاع في مدغشقر نحو مزيد من الغموض والتأزم السياسي، مع تصاعد حدة التوتر بين الحكومة والمعارضة، واستمرار موجة التظاهرات الشبابية الواسعة التي اجتاحت العاصمة أنتاناناريفو ومدنًا أخرى، احتجاجًا على تدهور الأوضاع المعيشية وغياب الخدمات الأساسية.
وفي تطور دراماتيكي جديد، أعلن الرئيس أندريه راجولينا أنه لجأ إلى “مكان آمن” بعد تلقيه تهديدات مباشرة لحياته، وذلك عقب أسابيع من الاحتجاجات المناهضة لحكومته.
وذكر موقع “زون بورس” الإخباري الفرنسي أن راجولينا لم يحدد مكان وجوده الحالي، لكنه لمح في منشور على حساباته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي إلى أنه كان يشرف على تسليم شحنة مولدات كهربائية إلى مدغشقر، في إشارة فُسرت على نطاق واسع بأنه غادر البلاد.
يأتي هذا التطور بعد أن أعلن مكتب الرئيس، خلال عطلة نهاية الأسبوع، عن محاولة للاستيلاء على السلطة، في وقت تشهد فيه البلاد اضطرابات سياسية متزايدة.
المعارضة تبدأ إجراءات لمساءلة الرئيس تمهيدًا لعزله
وفي خضم هذه الأحداث، أعلن سيتيني راندرياناسولونياكو، زعيم المعارضة في مدغشقر، يوم الاثنين، أن نواب المعارضة في الجمعية الوطنية سيباشرون إجراءات لمساءلة الرئيس أندريه راجولينا تمهيدًا لعزله.
وقال راندرياناسولونياكو في تصريحاته:”دستورنا يمنحنا الحق في مساءلة الرئيس، وسنقوم بعزله”،
وذلك في إشارة إلى راجولينا الذي ما يزال مكانه مجهولًا، بعد أن أفادت تقارير إذاعة فرنسا الدولية بأنه نُقل جواً على متن طائرة عسكرية فرنسية إلى وجهة لم تُكشف.
وكان مكتب راجولينا قد أعلن في وقت سابق أنه سيلقي خطابًا إلى الشعب يوم الاثنين، إلا أن الكلمة لم تُبث حتى الآن، مما زاد من الغموض حول مصير الرئيس، خاصة بعد فقدانه دعم وحدة عسكرية رئيسية أعلنت انضمامها إلى صفوف آلاف المتظاهرين الشباب المطالبين باستقالته ومتهمين حكومته بالفساد وسوء الإدارة.
من أزمة كهرباء ومياه إلى انتفاضة شعبية
اندلعت شرارة الاحتجاجات في 25 سبتمبر الماضي بسبب أزمة حادة في المياه والكهرباء، غير أن الغضب الشعبي تصاعد سريعًا ليتحول إلى انتفاضة شعبية ضد الحكومة، وسط اتهامات بالفساد وغياب الشفافية وتفاقم الأوضاع الاقتصادية.
ويقول مراقبون إن المظاهرات الحالية تعد الأضخم منذ سنوات، إذ خرج آلاف الشباب إلى الشوارع مطالبين بإصلاحات سياسية واقتصادية عاجلة، بينما تواجه قوات الأمن صعوبة في احتواء الغضب الشعبي المتنامي.
ومنذ استقلال مدغشقر عن فرنسا عام 1960، تشهد البلاد سلسلة متكررة من الأزمات السياسية والانقلابات العسكرية، إلى جانب تدهور اقتصادي مزمن وانقسامات حادة بين الحكومة والمعارضة.
الاتحاد الأفريقي يحذر من أي تغيير غير دستوري
وفي خضم هذه التطورات، أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف عن “قلقه العميق” إزاء ما يجري في مدغشقر، وذلك خلال جلسة عاجلة لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي.
وأكد يوسف، في بيان رسمي، رفض الاتحاد الأفريقي القاطع لأي تغيير غير دستوري للحكومة، داعيًا جميع الأطراف السياسية والعسكرية والمدنية إلى ضبط النفس وتغليب لغة الحوار الوطني ضمن الإطار الدستوري.
وأضاف أن الاتحاد الأفريقي على استعداد تام لـ”التنسيق مع الوسطاء الإقليميين والدوليين لدعم حل سلمي وشامل يقوده الأفارقة أنفسهم”، مشددًا على ضرورة حماية المسار الديمقراطي في البلاد.
الأوضاع الأمنية تربك حركة الطيران الدولي
في ظل التدهور الأمني المتصاعد، أعلنت عدة شركات طيران، من بينها الخطوط الجوية الإثيوبية وشركة “إير أوسترال” الفرنسية، عن تأجيل رحلاتها إلى مدغشقر، مشيرة إلى أن القرار جاء بسبب “الظروف الأمنية غير المستقرة” في العاصمة أنتاناناريفو.
وأكدت شركة مطارات رافينالا، المشغلة لمطار إيفاتو الدولي (TNR)، أن الوضع الأمني الراهن فرض تعليقًا مؤقتًا لبعض الرحلات الجوية، بينما قررت الخطوط الجوية الفرنسية (إير فرانس) إلغاء رحلاتها المقررة يومي 12 و13 أكتوبر الجاري.
وقالت الشركة إن ترتيبات جديدة سيتم اتخاذها لتعويض المسافرين المتأثرين بهذه الإلغاءات، مشيرة إلى أن المطار لا يزال مفتوحًا أمام حركة الطيران حتى إشعار آخر، وأن هيئة الطيران المدني في مدغشقر هي الجهة الوحيدة المخولة قانونًا بإصدار قرار الإغلاق الكامل للمطار.
مطارات مدغشقر تلتزم بالمعايير الدولية رغم الأزمات
ورغم هذه الاضطرابات، تواصل شركة مطارات رافينالا، المشغلة للمطارات الدولية في أنتاناناريفو ونوسي بي (Nosy Be)، الحفاظ على التزاماتها التشغيلية، إذ حصلت مؤخرًا على اعتماد “المستوى 3 لمبادرة كربون المطارات” من المجلس الدولي للمطارات، تأكيدًا لحرصها على تطبيق معايير الاستدامة البيئية في ظل الأزمة السياسية والاقتصادية المتفاقمة.
إقرأ المزيد: