الكاميرون : اعلان تشيروما نفسه فائزًا بالإنتخابات الرئاسية بداية زعزعة للإستقرار

في الكاميرون أعلن عيسى تشيروما باكاري، مرشح حزب “جبهة الإنقاذ الوطني الكاميروني” والوزير السابق، نفسه فائزًا في الانتخابات الرئاسية يوم 13 أكتوبر 2025، عبر رسالة مسجلة بثها من منزله وقامت بنشرها شبكات التواصل الاجتماعي.
وقد وصف بيان صادر عن وزارة الإدارة الإقليمية هذا الإعلان بأنه “احتيال” و”سلوك غير مسؤول”، ومحاولة لـ”تعطيل العملية الانتخابية” من خلال ما وصفته الوزارة بـ”الخطة الشيطانية”.
وأكدت الوزارة أن الهيئة الوحيدة المخولة قانونًا بإعلان النتائج النهائية هي المجلس الدستوري، الذي من المتوقع أن يعلن النتائج في موعد أقصاه 26 أكتوبر .
ةتدخل الكاميرون هذه الانتخابات في ظل ظروف سياسية بالغة التعقيد، يمكن تفصيلها على النحو التالي: يترشح الرئيس الحالي بول بيا (92 عامًا) لولاية ثامنة، في ظل هيمنة حزبه “التجمع الديمقراطي للشعب الكاميروني” على مؤسسات الدولة، ويستفيد بيا من نظام انتخابي يُحسم في جولة واحدة، مما يمنحه أفضلية حاسمة، وقد أدى استبعاد موريس كامتو، أبرز منافسي بيا وزعيم “حركة نهضة الكاميرون”، بشكل نهائي من السباق الانتخابي إلى خلق فراغ قيادي في صفوف المعارضة، وقد فشلت المحاولات اللاحقة لتوحيد صفوفها خلف مرشح توافقي، مما أدى إلى توزع الأصوات بين 11 مرشحًا من المعارضة .
وتجري الانتخابات في ظل وجود ثلاث بؤر نزاع مسلح رئيسية، لا سيما الصراع المستمر مع الجماعات الانفصالية في المنطقتين الناطقتين بالإنجليزية، هذا الأمر يهدد بشمولية العملية الانتخابية وقد يحرم شرائح واسعة من الناخبين من المشاركة الفعلية.
يأتي إعلان تشيروما في سياق سعي أطراف المعارضة لكسب موقع في المشهد السياسي، ويمكن تحليل التداعيات المحتملة على النحو التالي: يمثل هذا الإعلان تحدياً مباشراً لشرعية العملية الانتخابية برمتها، وإن عزم الحكومة المعلن على “الحفاظ على النظام العام” في مواجهة ما وصفته بـ”الخطة الشيطانية” يشير إلى إمكانية دخول البلاد في مرحلة من التوتر والاحتقان السياسي .
وقد بثّ تشيروما رسالته مباشرة إلى الناخبين عبر المنصات الرقمية، متجاوزًا القنوات الرسمية، وقد يكون هذا مؤشرًا على تحول في استراتيجيات المعارضة، خاصة في ظل التنافس على كسب تأييد الناخبين في المناطق الناطقة بالإنجليزية التي تشهد أصلاً احتجاجات وانقسامات، وحتى قبل الإعلان الرسمي للنتائج، تشير معظم التحليلات إلى أن تشرذم المعارضة يمنح الرئيس بول بيا أفضلية كبيرة للفوز بولاية جديدة، ويُراهن بعض المرشحين في هذه الانتخابات على ضمان مواقع لهم في الحكومة المقبلة أو على التحضير لمرحلة ما بعد حكم بيا، أكثر من رهانهم على الفوز بالرئاسة نفسها .
لا تقتصر تبعات هذه الأزمة على الداخل الكاميروني فحسب، بل تمتد إلى المحيط الإقليمي والدولي، فالكاميرون، التي تواجه نزاعات مسلحة وتحديات اقتصادية واجتماعية حادة، تعد دولة محورية في استقرار region وسط أفريقيا. وقد تؤدي أي حالة من عدم الاستقرار السياسي الداخلي إلى تفاقم التحديات الأمنية القائمة، وتزيد من حدة أزمة اللاجئين، وتؤثر على المصالح الاقتصادية والدبلاسية للقوى الدولية الفاعلة في المنطقة مثل فرنسا والصين .