أخبار عاجلةاخبار افريقياغرب افريقيا

الكاميرون تعيش ازمة سياسية بين صناديق الاقتراع ودوامة الطعون السياسية

البلاد تحبس أنفاسها و"الدستوري" أمام خيارين أما تأكيد فوز الرئيس أو إعادة الفرز أو التصويت

تشهد الكاميرون واحدة من أكثر الأزمات السياسية حدة منذ عقود، بعد أن تحولت نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 أكتوبر 2025 إلى شرارة توتر سياسي وقانوني واسع، وضع البلاد أمام اختبار حقيقي لمؤسساتها الديمقراطية. فخلال أيام قليلة من إعلان النتائج الأولية، تلقّى المجلس الدستوري خمسة طعون رسمية من أحزاب ومرشحين معارضين، جميعها تشكك في نزاهة العملية الانتخابية وتطالب بإلغائها كليًا أو جزئيًا.

يرى مراقبون أن الطعون المقدّمة تحمل دلالات سياسية عميقة، إذ تكشف عن أزمة ثقة متصاعدة بين المعارضة والمؤسسات الانتخابية، في حين يتمسك معسكر الرئيس بول بيا، الذي يحكم البلاد منذ أكثر من أربعة عقود، بشرعية النتائج ويدعو إلى احترام “الخيار الشعبي”، ووسط هذا الانقسام، تتجه الأنظار إلى المجلس الدستوري برئاسة كليمنت أتانجانا، الذي يملك مهلة 15 يومًا لإصدار قراره النهائي، في خطوة قد تعيد رسم المشهد السياسي بالكامل، أو تكرّس استمرار النظام القائم.

الطعون الخمسة: بداية معركة قانونية مشتعلة في الكاميرون

Issa Tchiroma 600x388 1 الكاميرون تعيش ازمة سياسية بين صناديق الاقتراع ودوامة الطعون السياسية

بدأت الأزمة القانونية عندما تقدم بيرتين كيسوب، رئيس حزب الكاميرون للعدالة الاجتماعية، بعريضة تطالب بإلغاء الانتخابات الرئاسية بدعوى “التزوير الواسع” و”المخالفات الجسيمة”، مؤكدًا أن العملية الانتخابية “لم تحترم روح الديمقراطية”.

وفي طعن ثانٍ، طالب كيسوب بإقالة أعضاء إدارة اللجنة الانتخابية (إيليكام) متهمًا إياهم بالانحياز وممارسة ضغوط مؤسسية على وكلاء الانتخابات، كما طالب بطلب ثالث بالإفراج عن مرشحين معارضين تم توقيفهم قبل التصويت، معتبرًا أن غيابهم ينتهك مبدأ المساواة أمام القانون.

بدورها، تقدمت مارتين بيفولو إيسونو، رئيسة الحركة الشعبية لظهور الكاميرون، بطلب رابع لإلغاء الانتخابات الرئاسية والإقليمية المقبلة في نوفمبر، متهمة السلطات بـ”العبث بإرادة الناخبين”، وباكتمال الطلبات الخمسة، دخلت الكاميرون مرحلة قانونية حساسة لم تعرفها منذ إنشاء المجلس الدستوري عام 2018، في انتظار ما إذا كانت الطعون ستُقبل أم تُرفض.

على النقيض من الأصوات المعترضة، أثار صمت جبهة الإنقاذ الوطني الكاميرونية (FSNC) دهشة المراقبين، إذ لم تقدم أي طعن رغم إداناتها العلنية لـ”سرقة الانتخابات”، ويرى محللون أن هذا الصمت يثير الشكوك حول نوايا الحزب، الذي يتزعمه عيسى تشيروما باكاري، بين من يراه “مناورة سياسية” للحفاظ على علاقاته مع النظام، ومن يعتبره “خطأً استراتيجيًا” يضعف مصداقيته كمعارضة حقيقية.

ويتهم البعض الحزب بأنه يراهن على “الشارع” كوسيلة ضغط خارج المؤسسات، وهو خيار محفوف بالمخاطر قد يزيد من حدة الاحتقان الشعبي في مدن مثل دشانغ وبافوسام وماروا التي شهدت بالفعل توترات بعد إعلان النتائج.

انقسامات داخلية وتأديبات حزبية في الكاميرون: المعارضة في مفترق طرق

mota et paul biya 600x400 1 الكاميرون تعيش ازمة سياسية بين صناديق الاقتراع ودوامة الطعون السياسية

وفي خضم الجدل، أصدر حزب الكاميرون للمصالحة الوطنية (PCRN) بيانًا يدعو إلى “الهدوء والانضباط”، مؤكداً التزامه بالنهج الجمهوري، وجاء البيان بعد موجة من التصريحات المتضاربة على وسائل التواصل الاجتماعي من بعض نشطاء الحزب، ما دفع قيادته إلى اتخاذ إجراءات تأديبية ضد من يخلّون بالانضباط أو يخالفون الخط الرسمي.

كابرال ليبي، زعيم الحزب ومرشحه الرئاسي، دعا أنصاره إلى انتظار القرار الرسمي للمجلس الدستوري، مشددًا على أن “المعركة السياسية لا تُحسم في الشارع بل بالقانون”، لكن خلف هذا الهدوء الظاهري، تلوح بوادر أزمة داخلية تهدد تماسك الحزب، خاصة بعد أن طالت العقوبات بعض القيادات المؤثرة.

تعيش الكاميرون اليوم على وقع مرحلة حرجة تُختبر فيها متانة مؤسساتها، فالمجلس الدستوري يقف أمام خيارين صعبين: إما تأكيد فوز الرئيس بول بيا، ما قد يُفجّر احتجاجات واسعة، أو الاستجابة للطعون وفتح باب إعادة الفرز أو التصويت، وهو سيناريو لم تعرفه البلاد من قبل.

“نحن في اللحظة التي يتعين فيها على القانون أن يحكم على العواطف”، يقول أحد أساتذة القانون في جامعة ياوندي، معبرًا عن حالة الترقب التي تسود المجتمع الكاميروني، وبين معارضة منقسمة، وأحزاب تحاول ضبط صفوفها، ونظام يسعى لإثبات شرعيته، تبدو الكاميرون مقبلة على مفترق طرق مصيري. فإما أن تنتصر للمؤسسات والقانون، أو تنزلق نحو فوضى سياسية قد تمتد آثارها إلى قلب إفريقيا الوسطى.

اقرا المزيد:-

الكاميرون : اعلان تشيروما نفسه فائزًا بالإنتخابات الرئاسية بداية زعزعة للإستقرار 

كاب فيردي تكتب التاريخ: تأهل تاريخي إلى كأس العالم 2026 علي حساب أسود الكاميرون

الكاميرون: 8 مليون ناخب يختارون رئيسهم اليوم وبول بيا العجوز الذي لا يترجّل يطرق أبواب الولاية الثامنة في البلاد

الكاميرون: بريندا أبنة الرئيس تدعو لعدم التصويت لوالدها في انتخابات الرئاسة المقبلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »