أخبار عاجلةاخبار افريقياشرق إفريقيا

تنزانيا: بدء الإنتخابات الرئاسية ..وسامية سولوهو على أعتاب ولاية ثانية

في تنزانيا فتحت مراكز الاقتراع أبوابها صباح اليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025 في مختلف أنحاء البلاد، في انتخابات وطنية تمثل محطة فارقة في مسار البلاد السياسي والاقتصادي على حد سواء. وتخوض الرئيسة سامية سولوهو حسن سباق الولاية الثانية وهي تستند إلى رصيد ثقيل من الإنجازات التنموية التي غيرت وجه الاقتصاد التنزاني خلال سنوات قليلة، في مقابل مناخ سياسي مشحون تثير حوله منظمات حقوقية تساؤلات بشأن مستوى الحريات والتعددية السياسية.

و منذ توليها الحكم في مارس 2021 عقب رحيل الرئيس جون ماغوفولي، أعادت سامية حسن رسم أولويات الدولة، فانتقلت بتنزانيا من حالة الانغلاق السياسي والتباطؤ الاقتصادي إلى مرحلة من الانفتاح النسبي والإصلاح الاقتصادي المدروس.

فقد وضعت البنية التحتية في صدارة أجندتها، لتصبح تنزانيا واحدة من أبرز الاقتصادات الصاعدة في شرق إفريقيا. أبرز إنجازاتها يتمثل في مشروع السكك الحديدية الكهربائية الذي جعل البلاد أول دولة في المنطقة تمتلك نظام نقل حديدي مكهرب، بخط يمتد من دار السلام إلى دودوما بطول 440 كيلومتراً، بتكلفة 3.1 مليار دولار. المشروع خفّض زمن الرحلة إلى أقل من النصف وفتح آفاقاً جديدة للنقل التجاري الإقليمي.

أما في مجال الطاقة، فقد تحوّل سد ومحطة جوليوس نيريري الكهرومائية إلى رمز للنهضة التنزانية الحديثة. هذا المشروع، الذي تبلغ تكلفته 3.6 مليار دولار وينفذه التحالف المصري بين المقاولون العرب والسويدي إليكتريك، يعد من أكبر مشاريع الطاقة في إفريقيا بطاقة إنتاجية تبلغ 2115 ميجاوات.

وقد شددت الرئيسة سامية على أن المشروع “ليس مجرد محطة كهرباء، بل مشروع سيادة وطنية وتنمية مستدامة” يهدف إلى تلبية احتياجات نحو 17 مليون أسرة وتحقيق الاكتفاء الطاقوي للبلاد.

بفضل سياسات الانفتاح الاقتصادي وإصلاح بيئة الاستثمار، تمكنت تنزانيا من جذب رؤوس أموال جديدة تجاوزت قيمتها 80 مليار دولار في مشاريع قومية ضخمة، أبرزها السكك الحديدية القياسية (SGR)، وميناء باجامويو الصناعي، وخط أنابيب النفط الخام الشرقي الأفريقي (EACOP)، ومشروع الغاز الطبيعي المسال في ليندي.

هذه المشروعات لم تكن مجرد بنية تحتية، بل رافعة استراتيجية رفعت معدلات النمو الاقتصادي إلى 5.4% في عام 2024 مع توقعات بالوصول إلى 6% خلال الأعوام المقبلة. كما تضاعف عدد المشاريع المسجلة في مركز الاستثمار التنزاني من 207 عام 2020 إلى أكثر من 900 مشروع في 2024، ما يعكس الثقة المتزايدة في بيئة الأعمال.

تبنت الرئيسة سامية أسلوباً إصلاحياً متدرجاً، اتسم بالبراجماتية والهدوء السياسي مقارنة بسلفها، مع تركيز واضح على الاستقرار الاقتصادي وجذب الشركاء الدوليين. وقد حظيت توجهاتها بإشادة من البنك الإفريقي للتنمية وصندوق النقد الدولي، اللذين وصفا التجربة التنزانية بأنها نموذج لتوازن النمو مع السيطرة على الديون. كما لاقت خطواتها في تمكين المرأة ودمج الشباب في الاقتصاد إشادة أممية بوصفها “تحولاً تنزانياً هادئاً يقوده الحس النسائي بالحكمة والمسؤولية”.

ورغم هذه الطفرة التنموية، يبقى ملف الحريات السياسية مصدر قلق داخلي وخارجي. فقد وثّقت منظمات حقوقية مثل العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش حالات تضييق على المعارضة واعتقالات لناشطين، ما أثار تساؤلات حول حدود الانفتاح السياسي في ظل احتكار حزب تشاما تشا مابيندوزي (CCM) للسلطة منذ الاستقلال عام 1961.

ويرى مراقبون أن نجاح التجربة التنزانية في المستقبل مرهون بمدى قدرة الرئيسة على الموازنة بين التنمية الاقتصادية والانفتاح السياسي، بما يعزز شرعية الدولة ويضمن استقرارها طويل المدى.

وختامًا تدخل تنزانيا انتخابات 2025 وهي في لحظة حاسمة من تاريخها: نهضة اقتصادية واعدة يقابلها اختبار ديمقراطي حساس.

أما الرئيسة سامية سولوهو حسن، فقد تمكنت من تثبيت مكانتها كأحد أبرز الوجوه النسائية في إفريقيا الحديثة، لكنها اليوم أمام تحدٍ جديد — أن تثبت أن التنمية الحقيقية لا تكتمل إلا بفتح الأفق السياسي وتوسيع مساحة المشاركة الشعبية في صنع القرار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »