إثيوبيا : شبح حرب أهلية جديدة يلوح في الأفق.. مواجهات مسلحة بين إقليمي تيجراي وعفر

عاد شبح الحرب الأهلية يلوح في الأفق من جديد في إثيوبيا ، حيث اندلعت موجة جديدة من المواجهات المسلحة بين الأقاليم الإثيوبية، بعدما أعلنت السلطات المحلية في إقليم عفر ليل الأربعاء تعرّضها لهجوم من قوات إقليم تيجراي المجاور، وأكدت عبر بيان رسمي سيطرتها على قرى وتعرض مدنيين لقصف مباشر.
وأوضحت إدارة عفر أنّ جبهة تحرير شعب تيجراي اقتحمت المنطقة بالقوة وسيطرت على ست قرى، وقصفت المدنيين بقذائف الهاون والمدفعية الثقيلة، مشيرة إلى أن الهجمات استهدفت منطقة ميغالي وأصابت رعاة مدنيين بالأسلحة الثقيلة. وأكدت أنها ستواصل “الدفاع عن نفسها” إذا استمرت الاعتداءات.
تيجراي: هجمات منسقة تهدد اتفاق بريتوريا
في المقابل، أصدرت الإدارة المؤقتة في إقليم تيجراي بيانًا حذّرت فيه من أن التطورات المتسارعة على حدود تيجراي – عفر تُقوّض اتفاق السلام الموقع في بريتوريا عام 2022. واتهمت جهات فاعلة في عفر بشن “هجمات منسقة” بدعم خارجي، وسط ما وصفتها بتقاعس الحكومة الفيدرالية عن تنفيذ التزاماتها.
وأضافت الإدارة أن جماعات مسلحة في عفر شنت “هجمات متكررة” على مناطق كونيبا وأبا علا منذ العام الماضي، لكنها امتنعت عن الإعلان عنها سابقًا مراعاةً للعلاقة التاريخية بين شعبي الإقليمين.
وأكدت أن تيجراي لا ترغب في “أي فوضى أو عدم استقرار”، لكنها شددت على ضرورة الالتزام الصارم ببنود اتفاق بريتوريا ولاسيما ترسيم الحدود الدستورية وعودة النازحين من الإقليم “على الفور” .
عفر ترد: لا أساس لاتهامات تيجراي
وأشارت سلطات عفر في بيان سابق بتاريخ 5 نوفمبر إلى أن قوات تيجراي عبرت الحدود ونفذت هجمات داخل أراضيها — اتهام رفضته الإدارة المؤقتة في تيجراي واعتبرته “ادعاءً غير قائم على حقائق”.
وجاء في البيان: “لا توجد حدود مدوسة لعفر والعكس صحيح”، مع اتهام أطراف لم تُسمّها بالسعي لجعل تيجراي ساحة قتال جديدة، محذّرة من تهديدات خطيرة لأمن المنطقة واستقرارها.
انتقادات للحكومة الفيدرالية.. وضغوط لاستكمال اتفاق السلام
أكدت إدارة تيجراي أن فشل الحكومة الفيدرالية في تنفيذ اتفاق بريتوريا “يقوض الثقة ويمد في معاناة المدنيين النازحين”. وشددت على أن حل الأزمة يجب أن يكون “من داخل تيجراي وبيد أبناء تيجراي”، مؤكدة استعدادها للتعاون مع الحكومة لإنجاز تنفيذ الاتفاق دون تأخير.
تأتي هذه التوترات وسط انقسامات سياسية وعسكرية داخل تيجراي، ووجود جماعات مسلحة منشقة تنشط على الحدود مع عفر.
تقارير عن دعم حكومي لجماعة مسلحة معارضة داخل عفر
وفي مايو الماضي، كشف تقرير لمجلة “أفريكا إنتليجنس” عن دعم حكومي لإنشاء جماعة معارضة مسلحة من تيجراي داخل عفر، عقب انقسام قيادة تيجراي في مارس وانضمام المسؤول السابق “جيتاشيو” للحكومة الفيدرالية.
وبحسب التقرير، فإن أنصار جيتاشيو يعملون على تأسيس قوة مسلحة في عفر، وهو ما نفاه رئيس الوزراء آبي أحمد لاحقًا، مؤكداً أن الحكومة “ذات نوايا سلمية”.
اتهامات متبادلة بتقويض السلام.. وتصريحات تصعيدية
اتهم جيتاتشو — مستشار رئيس الوزراء لشؤون شرق إفريقيا — قيادات داخل تيجراي بالسعي لخلق صراع جديد في عفر بهدف استفزاز الحكومة الفيدرالية وإعادة إشعال الحرب بدعم من إريتريا.
ودعا الجنرالين البارزين فيشا مانجوس ويوهانس ميديد إلى وقف “أنشطة التحريض على الصراع”. وأكد أن الحكومة امتنعت عن الرد رغم ما وصفه باستفزازات خطيرة تهدد اتفاق بريتوريا.
في المقابل، شدد تاديسي ويريدي، الرئيس المؤقت لتيجراي، على أن “الأرض الحرة ليست داخل تيجراي بل في عفر”. وأكد أن أي هجوم قادم سيتم اعتباره “هجوماً من عفر أو من الحكومة الفيدرالية”.
كما دعا الجماعات المسلحة في عفر إلى إلقاء السلاح والتوجه نحو الحوار.
خلفية الصراع: جروح الماضي ما زالت تنزف
شهد إقليم تيجراي حربًا أهلية مدمرة ضد الحكومة المركزية من 2020 إلى 2022 أودت بحياة ما يقارب 600 ألف شخص، وامتدت إلى عفر. ومع أن الحرب توقفت باتفاق بريتوريا، إلا أن العلاقات السياسية والأمنية لا تزال متوترة بشدة.
▪ جبهة تحرير شعب تيجراي حكمت إثيوبيا من 1991 حتى 2018
▪ تم منع الحزب من ممارسة نشاطه السياسي في مايو الماضي
▪ الحكومة اتهمت الجبهة الشهر الماضي بالإعداد لحرب جديدة والتعاون مع إريتريا
▪ وزارة المالية أوقفت تمويلًا بقيمة أكثر من ملياري بير (13.1 مليون دولار) عن تيجراي
▪ نحو مليون نازح ما زالوا بلا مأوى بسبب الحرب
وقال آبي أحمد أمام البرلمان إن الجزء الأكبر من ميزانية تيجراي “يُحوَّل لأغراض عسكرية”، متهمًا الجبهة بالتسبب في استمرار معاناة المدنيين.
الأزمة مفتوحة.. واتفاق بريتوريا أمام اختبار حقيقي
وتؤكد التطورات الأخيرة أن الصراع بين تيجراي والحكومة الفيدرالية الإثيوبية وإقليم عفر لم يُطوَ بعد، وأن اتفاق السلام ما يزال هشًا.
ومع توالي الاتهامات وتعمّق الانقسامات الداخلية، تقف الحكومة الفيدرالية أمام تحديات خطيرة للحفاظ على وحدة البلاد ومنع عودة الحرب الأهلية إلى شمال إثيوبيا.
اقرأ المزيد




