أخبار عاجلةغرب افريقيا

ساحل العاج 2030… رؤية واتارا لتأسيس قوة إفريقية صاعدة

تدخل ساحل العاج مع إعادة انتخاب الرئيس الحسن واتارا لولاية رابعة مدتها خمس سنوات، مرحلة مفصلية في تاريخها السياسي والاقتصادي.

فبعد عقد كامل من الإصلاحات العميقة وإعادة بناء الدولة عقب أزمة 2011، يتجه واتارا نحو تطبيق رؤية أكثر جرأة تمتد حتى عام 2030، يهدف من خلالها إلى ترسيخ الاستقرار، وتسريع التحديث الاقتصادي، وبناء دولة قادرة على المنافسة الإقليمية والدولية.

استقرار سياسي وأمني في ساحل العاج في بيئة إقليمية مضطربة

IMG 20251201 WA0047 768x512 1 ساحل العاج 2030… رؤية واتارا لتأسيس قوة إفريقية صاعدة

تأتي ولاية واتارا الجديدة وسط تصاعد للاضطرابات الأمنية في غرب إفريقيا وتزايد تهديدات الساحل، لذلك يجعل الرئيس من تعزيز الأمن الداخلي والجاهزية الدفاعية حجر الأساس لرؤية 2030، وتسعى الحكومة إلى: رفع معدل تواجد الشرطة من ضابط واحد لكل 509 مواطنين إلى 1/400، وكذلك اعتماد نظام وطني للإنذار المبكر، ورفع مؤشر التماسك الاجتماعي من 58% إلى 65%.

هذه الإجراءات تعكس إدراك القيادة الإيفوارية لأهمية الاستقرار كشرط ضروري لأية عملية تنموية مستقبلية.
وشهدت ساحل العاج خلال السنوات الأخيرة طفرة في البنية التعليمية، حيث ارتفع عدد المدارس الثانوية من 294 إلى أكثر من 900 مؤسسة بين عامي 2011 و2024، وزاد عدد الجامعات من 3 إلى 9.
وفي القطاع الصحي، أصبحت 82% من الأسر تبعد أقل من 5 كيلومترات عن مركز رعاية، مقارنة بـ 66% فقط قبل عقد من الزمن، فيما توسعت التغطية الصحية الشاملة لتشمل 16 مليون مواطن.

وفي برنامج 2025-2030 يعتزم واتارا: توظيف 70 ألف متخصص صحي جديد، والتوسيع شبكات الحماية الاجتماعية إلى 800 ألف أسرة، وهي خطوات تعكس توجهًا واضحًا نحو ترسيخ قاعدة صلبة للرأسمال البشري.

بعد تسجيل تسارع اقتصادي ملحوظ بمعدل نمو سنوي بلغ 7% خلال العقد الماضي، يتجه واتارا نحو نقلة نوعية قوامها التصنيع والتحول الهيكلي، تسعى الحكومة إلى: رفع مساهمة الصناعة من 15.7% إلى 20% من الناتج المحلي، ومعالجة 50% من الكاكاو و70% من الكاجو و100% من المطاط محليًا بدل تصديرها خامًا.

وكذلك زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة من 3019 ميجاوات إلى أكثر من 5000 ميجاوات، هذه الخطوات تمثل انتقالًا من اقتصاد يعتمد على الصادرات الزراعية الخام إلى نموذج صناعي تنافسي يخلق وظائف ذات قيمة أعلى.

ثورة بنية تحتية ونقل… ساحل العاج تربط نفسها بالقارة

يدرك واتارا أن البنية الأساسية هي ما يحول النمو الاقتصادي إلى واقع ملموس. لذلك يتضمن البرنامج: إعادة تأهيل أو تعبيد 35 ألف كيلومتر من الطرق، واستكمال الخط الأول لمترو أبيدجان، وكذلك إطلاق خط قطار فائق السرعة بين أبيدجان – ياموسوكرو – بواكيه.

توسيع مينائي أبيدجان وسان بيدرو في ساحل العاج.

Alassane Ouattara ساحل العاج 2030… رؤية واتارا لتأسيس قوة إفريقية صاعدة

ويُضاف إلى ذلك التحول الرقمي، مع نشر شبكة الجيل الخامس وبناء ثلاثة مراكز بيانات وطنية، وتركيب نقاط واي فاي عامة في المدارس والمستشفيات.

حكم رشيد… ورقمنة الدولة في ساحل العاج

يضع واتارا في ولايته الجديدة هدفًا استراتيجيًا يتمثل في تحديث الإدارة العامة لتكون أكثر شفافية وفعالية. ويتضمن ذلك: تعميم الرقمنة في الخدمات الحكومية، استكمال مشروع الرقم الوطني للتعريف.
وأيضًا تمكين السلطات المحلية من إدارة التنمية بشكل مباشر.
بهذا التوجه يسعى إلى بناء دولة مؤسسات قوية قادرة على مواكبة المتغيرات العالمية.
تواجه ساحل العاج خلال السنوات المقبلة تحديات كبيرة، أبرزها: خلق ملايين الوظائف لشباب يشكلون غالبية السكان، وأيضا الحد من تأثير الأزمات الإقليمية وهجرة الساحل، وإيجاد مصادر تمويل مستدامة لمشاريع البنية التحتية الضخمة، وتعزيز تنافسية الاقتصاد في مواجهة منافسة دولية شرسة.

وحدد واتارا أهدافًا كمية طموحة بحلول عام 2030 تشمل: رفع متوسط دخل الفرد إلى 4500 دولار، ورفع متوسط العمر المتوقع إلى 65 عامًا، وخفض معدل الفقر إلى 20%.

لا يهدف برنامج واتارا الجديد إلى إدارة خمس سنوات فقط، بل إلى وضع البلاد على مسار إستراتيجي لتأمين مستقبلها، ولتهيئة خليفة قادر على استمرار مسيرة التحول.
إنها رؤية طويلة المدى تتجاوز حدود السياسات اليومية نحو بناء قوة إقليمية صاعدة في غرب إفريقيا.

بهذه الخطط، تبدو ساحل العاج مقبلة على عقد قد يكون الأكثر تأثيرًا منذ استقلالها، إذا ما نجحت في تحويل هذه الطموحات إلى نتائج ملموسة على الأرض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »