أخبار عاجلةشرق افريقياغرب افريقيا

إيكواس تضغط علي الانقلابين في غينيا بيساو بـ ٣ محاور غير قابلة للتفاوض

وتطلب الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين، ونشر نتائج للانتخابات والعودة السريعة للنظام الدستوري.

في خطوة تعكس الجدية المتزايدة للتعامل مع الأزمات الدستورية، توجهت بعثة رفيعة المستوى من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) إلى بيساو، في أول تحرك ميداني ملموس بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس عمر سيسوكو إمبالو في 26 نوفمبر.

تضع هذه المهمة، التي يقودها الرئيس الحالي للإيكواس جوليوس مادا بيو، المنظمة الإقليمية في اختبار حقيقي لمدى فاعلية آلياتها في إدارة الأزمات السياسية، خاصة في دولة مثل غينيا بيساو ذات التاريخ الطويل مع التدخلات العسكرية.

الضغوط المباشرة والمساومات الخفية: معادلة إيكواس لإعادة الشرعية

قمة إيكواس إيكواس تضغط علي الانقلابين في غينيا بيساو بـ ٣ محاور غير قابلة للتفاوض

ركزت مطالب إيكواس، كما جاءت على لسان الوفد ووزير خارجية سيراليون، على ثلاثة محاور غير قابلة للتفاوض من وجهة النظر الإقليمية والدولية: الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين، ونشر النتائج الكاملة للانتخابات الرئاسية التي جرت في 23 نوفمبر وقاطعها الانقلاب، والعودة السريعة للنظام الدستوري. هذه المطالب تشكل الحد الأدنى لشرعية أي حوار لاحق، وتهدف إلى حرمان العسكر من أهم أوراق الضغط لديهم، وهي الرهائن السياسيين والغموض حول نتائج الإرادة الشعبية.

من الناحية التكتيكية، يبدو أن إيكواس تعمل على مسارين متوازيين: مسار الضغط العلني عبر التنديد بالانقلاب والمطالبة بالعودة الفورية للدستور، ومسار اتصال وحوار غير مباشر مع القيادة العسكرية لفهم دوافعهم واستكشاف نياتهم الحقيقية. تصريح وزير خارجية غينيا بيساو، جواو برناردو فييرا، حول “إتاحة الفرصة للقيادة العسكرية لشرح أسباب الانقلاب” يشير إلى أن الإيكواس، رغم إدانتها، تحاول تفكيك الرواية الداخلية للانقلابيين والتي تتركز حول “استعادة النظام والأمن”، وهو ذريعة كلاسيكية تتيح في بعض الأحيان مساحة للمناورة.

الاقتراح العسكري بفترة انتقالية مدتها عام واحد يعد محاولة لكسب الوقت وتصميم واقع جديد، لكن إيكواس، بتأجيل البت فيه لقمة الرؤساء في 14 ديسمبر، تحتفظ بورقها وتضع الانقلابيين في حالة ترقب. اجتماع الوفد مع اللجنة الوطنية للانتخابات للحصول على “البيانات الحقيقية” هو محاولة ذكية لتجاوز الرواية العسكرية والوصول إلى المعلومات الأولية، مما قد يخلق حقيقة سياسية جديدة تتمثل في نتائج انتخابية معترف بها إقليمياً، يصبح بعدها تجاهلها من قبل العسكر مكلفاً جداً.

التحديات والمآلات: تاريخ من الانقلابات وأولويات الإقليم

وزير الخارجية الأمريكي مع مجموعة إيكواس إيكواس تضغط علي الانقلابين في غينيا بيساو بـ ٣ محاور غير قابلة للتفاوض

تمثل أزمة غينيا بيساو تحدياً معقداً لإيكواس لعدة أسباب. أولاً، الدولة ذاتها لديها تاريخ من عدم الاستقرار، حيث شهدت انقلابات وعدم استقرار سياسي مزمن، مما يجعل مهمة بناء توافق وطني مستدام صعبة. ثانياً، تأتي هذه الأزمة في وقت تعاني فيه الإيكواس من اختبارات مصداقية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث تتصدر الحلول العسكرية والشراكات الأمنية البديلة المشهد. فشل الإيكواس في فرض إرادتها في بيساو قد يضعف موقفها الإقليمي بشكل أكبر.

ومع ذلك، فإن لدى إيكواس أوراق ضغط مهمة، أهمها الاعتماد الاقتصادي والشخصي للنخبة في غينيا بيساو على محيطها الإقليمي، وخشية العسكر من العزلة الدولية التي قد تتبع العقوبات المستهدفة. التركيز على “إطلاق سراح المعتقلين” ليس فقط لسبب إنساني، بل لأنه يفكك تحالفات الانقلاب المحتملة مع أحزاب سياسية يكون قادتها رهائن.

المشهد المستقبلي سيتحدد بناء على نتائج اجتماع 14 ديسمبر لقمة الإيكواس. الخيارات تتراوح بين فرض عقوبات تدريجية على قادة الانقلاب وحلفائهم، أو قبول صيغة انتقالية قصيرة بشروط إقليمية صارمة تضمن العودة السريعة للسلطة المدنية المنتخبة. النجاح الحقيقي للإيكواس لن يقاس فقط بعودة النظام الدستوري، بل بقدرتها على تسهيل حوار وطني شامل يعالج الجذور الهيكلية للانقلابات في غينيا بيساو، والتي تشمل ضعف المؤسسات، والفقر، وتجارة المخدرات، وتغلغل المصالح العسكرية في الاقتصاد. بدون معالجة هذه الملفات، قد تكون أي عودة للدستور مجرد استراحة قبل انقلاب قادم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »