عودة الانقلابات العسكرية إلى غرب أفريقيا.. الأسباب والتداعيات ومستقبل « الإيكواس »

انقلاب غينيا بيساو ومحاولة بنين الفاشلة تعيدان الجدل حول الاستقرار السياسي في المنطقة
شهدت منطقة غرب أفريقيا خلال نحو عشرة أيام فقط موجة جديدة من الاضطرابات السياسية، تمثلت في انقلاب عسكري ناجح في غينيا بيساو أطاح بالرئيس عمر سيسوكو إمبالو، ومحاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين لم تتمكن من الاستيلاء على السلطة، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة تساؤلات واسعة حول أسباب عودة الانقلابات العسكرية في هذه المنطقة ؟ .
وتأتي هذه التطورات بعد سلسلة انقلابات عسكرية سابقة ضربت دول الساحل الأفريقي، من بينها مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وقبلها غينيا كوناكري، ما يعكس تصاعد في وتيرة الانقلابات العسكرية بدول غرب أفريقيا.
خبير أفريقي: نجاح الأنظمة العسكرية شجّع موجة الانقلابات الجديدة
وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد تورشين، الخبير في شؤون القارة الأفريقية، في تصريحات خاصة لـ أفرو نيوز 24، إن عودة الانقلابات العسكرية إلى الواجهة في أفريقيا ترجع إلى عدة عوامل، في مقدمتها نجاح الأنظمة العسكرية التي وصلت إلى الحكم عبر الانقلابات في دول الساحل الأفريقي، وعلى رأسها المجالس العسكرية الحاكمة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وأضاف تورشين أن عجز المنظمات الإقليمية، وفي مقدمتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس)، عن إسقاط أو إضعاف هذه الأنظمة العسكرية أسهم في تشجيع النخب العسكرية في دول أخرى على التفكير في تكرار السيناريو ذاته.
بنين وغينيا بيساو.. تاريخ طويل من الانقلابات العسكرية
وأوضح الخبير في الشؤون الأفريقية أن دولاً مثل غينيا بيساو وبنين تمتلك تاريخاً طويلاً مع الانقلابات العسكرية، مشيراً إلى أن بنين شهدت ما يزيد على أربعة انقلابات، في حين شهدت غينيا بيساو ما بين خمسة إلى ستة انقلابات سابقة.
واعتبر تورشين أن الانقلاب في غينيا بيساو كان متوقعاً، في ظل هشاشة الأوضاع السياسية، بينما جاءت المحاولة الانقلابية في بنين على عكس التوقعات، خاصة وأن بنين تُعد من الدول التي شهدت تحولات ديمقراطية مبكرة منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وانهيار المعسكر الشيوعي.
دول هشة تحت التهديد.. مخاوف من اتساع رقعة الانقلابات
وأشار الدكتور محمد تورشين إلى أن هذه التحولات الخطيرة قد تمثل مدخلاً لموجة انقلابات جديدة في دول أفريقية أخرى، لا سيما الدول الهشة التي تعاني من أزمات سياسية وأمنية واقتصادية حقيقية.
وتوقع الخبير أن تؤدي سرعة وتيرة هذه التحركات العسكرية إلى خلق حالة من القلق داخل الأنظمة الحاكمة في دول غرب أفريقيا، نتيجة تنامي احتمالات تكرار سيناريو الانقلابات، خاصة في ظل استمرار الأزمات الداخلية وتراجع الثقة في بعض الحكومات المدنية.
مستقبل الإيكواس في ظل تراجع الديمقراطية بغرب أفريقيا
وحول مستقبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «الإيكواس»، أكد الدكتور محمد تورشين أنه لا يرى مؤشرات حقيقية على انهيار المنظمة، لكنه رجّح تراجع دورها السياسي مع انحسار المد الديمقراطي في المنطقة.
وأشار إلى أن قوة الإيكواس تستند إلى دول إقليمية كبرى، مثل نيجيريا وغانا، إضافة إلى ما تمتلكه من عوامل تماسك مؤسسي، إلا أن استمرار موجة الانقلابات العسكرية سيؤدي تدريجياً إلى تقليص نفوذها وتأثيرها في المشهد السياسي الإقليمي.
خلاصة المشهد.. غرب أفريقيا على صفيح ساخن
تعكس التطورات الأخيرة في غينيا بيساو وبنين أن منطقة غرب أفريقيا تواجه مرحلة بالغة الحساسية وأصبحت فوق صفيح ساخن لتضاف حالة عدم الاستقرار السياسي إلي كثير من الازمات التي تشهدها المنطقة والتي يأتي علي رأسها تنامي ظاهرة الأرهاب وانتشار الجماعات والمنظمات المتطرفة إضافة إلي الأطماع والتدخلات الخارجية ، وهو ما ينذر بمزيد من الاضطراب السياسي ما لم تُعالج جذور الأزمات التي تدفع باتجاه الانقلابات العسكرية.
إقرأ المزيد




