أخبار عاجلةالرأي

رامي زهدي يكتب .. قراءة في القمة الأفروأمريكية (13- 15 ديسمبر 2022)

إفريقيا لم تعد أداة علي موائد تفاوض العالم بل طرف أصيل مؤثر 

جزء كبير من قوة إفريقيا الأن كطرف تعاون قوي يرجع للإدارة المصرية

القمة الإفريقية الأمريكية فرصة الولايات المتحدة الأمريكية لإثبات دعمها الحقيقي للقارة الإفريقية

إفريقيا تمتلك بدائل مرجحة لدور الولايات المتحدة الأمريكية، بينما لا تمتلك الولايات المتحدة بديلاََ عن القارة الإفريقية”

هل تدرك الولايات المتحدة الأمريكية الفرص الفائتة في ملف علاقتها الإستراتيچية بدول القارة؟

 

 

 

عبر عهود طويلة اختلفت الآراء والتحليلات حول مدي حسن نوايا الولايات المتحدة الأمريكية تجاه دول القارة الإفريقية سواء كمشمول القارة ككل او من حيث علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بكل دولة علي حدا، إفريقيا الأن تخطت مرحلة أن تكون أداة تفاوض، يتفاوض بمصالحها وملفاتها علي موائد التفاوض الدولية لتصبح طرف أصيل في قضايا العالم سواء الإستراتيچية او الإقتصادية، وجزء كبير من أسباب هذا التحول هو الإدارة المصرية التي إستطاعت عبر ثمانية سنوات مضت أن تغير تكنيك وأسلوب إدارة الملفات الإفريقية مع قوي العالم الخارجي وظهر ذلك واضحا عبر قمم عديدة تمت بين إفريقيا وقوي دولية كبري ومنظمات دولية، وصولا الي ما تم مؤخرا في مؤتمر الأطراف المناخية الذي عقد في مصر وإستطاعت مصر عبر الإعداد الجيد له وحسن الإدارة أن تفرض علي العالم مزيدا من المسؤولية والإحترام تجاه قضايا القارة الإفريقية وإستطاعت مصر ونجحت أن تكون محور الربط بين القارة والعالم

القمة الإفريقية الأمريكية تأتي في توقيت تبحث فيه الولايات المتحدة الأمريكية وتسعى لتغيير استراتيجيتها تجاه القارة الإفريقية، خاصة وأنه على مدار عقود طويلة ظلت الولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة للشعوب الإفريقية ليست بالصديق أو على الأقل ليست بالحليف القوي الذي يهتم بمصالح الشعوب الإفريقية، وبدا ان علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالأنظمة الحاكمة أقوي كثيرا من علاقتها بالشعوب، بينما يختلف ويتفق علي الأنظمة وتأتي وتذهب وتبقي الشعوب ثابتة، وتدرك الأن الشعوب الإفريقية أكثر من ذي قبل الصديق والغير صديق.

مشاركة الرئيس السيسي في القمة أمر هام ومؤثر لنجاح القمة ولدول القارة الإفريقية، مصر تتولي دائما الدفع بقضايا القارة الإفريقية وتبحث دائما عن جدية التناول والعمل في صالح القارة الإفريقية، وهي محور الربط الرئيسي بين دول القارة وقوي العالم الدولية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية.

القمة هامة للجميع، أولا للولايات المتحدة الأمريكية لإثبات حسن النوايا والإلتزام بالتعهدات تجاه القارة الإفريقية كأحد أهم القوى العالمية المؤثرة، كما أن غياب القمة منذ العام 2014 يعكس تراجعا في السياسية الأمريكية تجاه القارة، وعودتها الآن تبدو اعترافاََ ضمنيا بأن تباعد أمريكا عن إفريقيا يمثل خسائر فادحة بالنسبة لأمريكا ربما أكثر مما تفتقده إفريقيا في ظل تباعد الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في ظل تنامي التنافس الدولي على التواجد والتأثير في القارة الإفريقية.

يتوقع للقمة أن تعطي أهمية خاصة لملفات المنح الاقتصادية والفنية ونقل الخبرات الأمريكية للقارة، وكما كان شعاراََ جزئيا لقمة المناخ “الإنتقال من مراحل التعهدات لمرحلة التنفيذ” أصبحت الأن الفرص ضيقة للولايات المتحدة الأمريكية لغير الوفاء بما تعهدت به للقارة الإفريقية في وقت تحتاج فيه الولايات المتحدة الأمريكية للقارة الإفريقية بنفس القدر إن لم يكن أكثر، لأن دول القارة تمتلك بدائل متعددة للدور الأمريكي في القارة حتي لو كان أقل قوة نسبياََ في هذا التوقيت، بينما لاتمتلك الولايات المتحدة الأمريكية بديلاََ عن القارة الإفريقية.

من أبرز الملفات المتوقع طرحها خلال القمة، المنح الإقتصادية والفنية ونقل الخبرات الأمريكية للقارة الإفريقية خاصة فيما يتعلق بمواجهة الآثار السلبية الاقتصادية والمجتمعية للتغيرات المناخية، أيضا ملفات الإستثمار المباشر ودعم أطر التجارة البينية بين الاقتصاد الأقوى في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية وبين الاقتصاديات الإفريقية الناشئة القوية خاصة مصر، جنوب إفريقيا، نيجيريا، المغرب، كينيا والجزائر، و أيضا ملفات الأمن والسلم ومواجهة الإرهاب، ودعم الإستقرار في النقاط الحرجة في القارة الإفريقية مثل ليبيا، السودان، منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي ومنطقة الساحل والصحراء، كذلك التعاون الأمني والعسكري والاستخباراتي بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الإفريقية.

ويبدو أن الأمال منعقدة لتوقعات إيجابية بالتوازي مع زيادة حجم التطلعات، ولكن الدور الأكبر تتحمله الولايات المتحدة الأمريكية لإثبات حسن النية والمصداقية في الهدف لدعم جهود التنمية في القارة الإفريقية.

في وقت تتصارع فيه قوي العالم علي موضع قدم في القارة الإفريقية، أصبحت إفريقيا أكثر توازناََ لتضع يديها فقط في يد القوي المستعدة للتعاون المتكافئ مع القارة الإفريقية بمبدأ الند للند والمصالح المشتركة من خلال آليات دمج قوية ممنهجة للإقتصاد الإفريقي في الإقتصاد العالمي، بحيث يصبح الإقتصاد الإفريقي جزء فعال ومؤثر من إقتصاد العالم، ويعمل العالم علي حماية أمن وإستقرار أفريقيا بجدية وصدق إيماناََ بأن الأمن والإستقرار في العالم أصبح كل مترابط يؤثر الجميع ويتأثر بمجريات الأحداث مهما بدت بعيدة جغرافياََ أو غير مباشرة إستراتيچياََ.

 

• رامي زهدي :  خبير في الشؤون الأفريقية 

إقرأ أيضا : 

رامي زهدي يكتب : مشروعات البنية التحتية في إفريقيا … ممر الشركات المصرية نحو عمق القارة وطريق التنمية للشعوب الإفريقية  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »