أخبار عاجلةالرأي

آسيا العتروس تكتب : بمزيد الاغتيالات .. إسرائيل تحتفي بذكرى إعدام شيرين أبو عاقلة ؟!

مع بدء العد التنازلي للذكرى الأولى لاغتيال شهيدة الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة في 11 ماي 2022 يفتتح كيان الإحتلال الإسرائيلي موسم الاعدامات الميدانية من الضفة الى القطاع والتي تستهدف القيادات من النشطاء الفلسطينيين ،  كما تستهدف إسرائيل الأطفال والنساء دون تمييز بين رضيع نائم في مهده أو أم تحتضن أطفالها .

اعدامات تحمل توقيع جيش الإحتلال بالتزامن مع احتفالات العالم الحر بذكرى الإنتصار على الفاشية والنازية التي تتسلل في ثوب جديد لتمارس إرهاب الدولة المنظم في حق شعب يقتل أبناءه كل يوم دون أدنى رادع أو محاسب .

فآلة القتل والدمار الاسرائيلي لا تهدأ ولا تتوقف عن جرف مزيد الأرواح واستباحة حياة البشر ،  بل هي لا ترتوي وطوال أكثر من سبعة عقود من نشأة الإحتلال ومع عودة ذكرى النكبة و النكسة و ما بينهما تؤكد الأحداث أننا إزاء سلطة احتلالية عنصرية تقوم على سياسة القتل البطيء والتصفية العرقية وعلى عقلية إلغاء وإنكار وجود الشعب الفلسطيني و تزوير روايته ومحو ذاكرته و تاريخه .

, وفي الذكرى الأولى لاغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة التي استهدفت في الرأس برصاص قناص إسرائيلي على باب مخيم جنين معقل المقاومة الفلسطينية وفي الذكرى الأولى لاغتيال زميلتها « غفران وراسنة » الصحفية الشابة التي استهدفت بعد ساعات بدورها برصاصة في الصدر , اختارت حكومة ناتنياهو إحياء الذكرى على طريقتها الدموية بمزيد الإغتيالات انطلاقاً من جنين إلى نابلس وصولا إلى غزة التي عاشت على وقع عدوان همجي استهدف قيادات من حركة الجهاد الفلسطينية ، وامتدت لقصف بيوتهم التي لم تكن آمنة و قتلت أطفالا و نساء في إطار سياسة العقاب الجماعي التي دأبت عليها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة .

تحت شعار عملية السهم الواقي أطلق الإحتلال عدوانه على غزة المحاصرة منذ أكثر من عقد ونصف ليضيف بذلك إلى سجله الدموي مزيد الجرائم التي لا يبدو أن الجنائية الدولية تتجه إلى  انصافها ، أطلقت تل ابيب على عدوان شعار عملية “السهم الواقي “في رسالة لإيهام الداخل الاسرائيلي قبل الخارج بأن حكومة ناتنياهو التي تضم أعتى المتطرفين ومجرمي الحرب تقوم بعملية دفاعية في مواجهة المقاومة الفلسطينية و ربما اعتقدت أنها بهذا الشعار يمكن أن تحقق للإسرائيليين الأمان الذي يتطلعون اليه ، و هذه في الحقيقة أوهام رافقت مختلف الحكومات الإسرائيلية بما في ذلك الحكومات التي جعلت من مفاوضات السلام في تسعينات القرن الماضي مطية لتحقيق أهداف ديبلوماسية تقودها إلى التطبيع المجاني فتحصل على الأرض و السلام معا دون تقديم أي تنازلات لأصحاب الأرض و أصحاب الحق المسلوب ، و لكن ظلت سلطات الإحتلال تكتشف في كل مرة أنه كلما أصرت على امتهان الفلسطينيين و كسر إرادتهم ، كلما ظهر جيل جديد يتوارث ثقافة المقاومة و يواصل المعركة بكل الطرق المتاحة وحتى إذا انعدمت الطرق و سادها الظلام فانه يصنع لنفسه مسلكا بين المخيمات و السجون و الأسوار الشائكة ، و هكذا كان مع أسطورة أسرى سجن جلبوع الستة الذين تمكنوا من حفر نفق و الهروب من أحد أعتى السجون الإسرائيلية و أكدوا للاحتلال أنهم ” سيزيف ” العصر الذي لا تخذله ارادته في الصعود الى القمة و دفع الصخرة في كل مرة .

صحيح أن الأسرى أعيد اعتقالهم و الأرجح انهم كانوا يعرفون أنه سيتم العثور عليهم فالضفة محاصرة بآلات الكاميرا وأعين الاحتلال في كل مكان و من شبه المستحيل التسلل الى خارج فلسطين المحتلة و الأرجح أيضا أن هدفهم منذ البداية كان مقارعة الإحتلال و تقزيمه و تصغير المؤسسة الامنية الإسرائيلية و هو ما تم .

الأكيد أن العدوان الأخير يبقى عنوان إختبار حاسم للقرار الفلسطيني و لوحدة المقاومة التي اغرتها السلطة الزائفة تحت مظلة الاحتلال عن الإنتصار للهدف الاول المقدس و هو دحر الإحتلال .

و لاشك أن هناك من الأسباب و الدوافع ما يكفي لدفع الفصائل الفلسطينية في هذه المرحلة إلى استعادة البوصلة التائهة و إلى الاستفادة من كل الإختبارات القاسية و المجازر الدموية التي دفع ثمنها غاليا الفلسطينيون على مدى عقود و الاحتكام الى صوت العقل للخروج من هذه الدائرة الخانقة التي فاقمت معاناة الفلسطينيين .

استهداف القادة الثلاثة من حركة الجهاد الاسلامي بالطائرات الحربية في بيوتهم وسقوط عدد من الشهداء بينهم أطفال و نساء في جريمة جديدة من جرائم الإحتلال الفاشي العنصري ،  عملية تستوجب من كل الفصائل بما في ذلك فتح والسلطة الفلسطينية حسم خيارها وإعادة تفعيل البوصلة نحو فلسطين وحدها فقد بات واضحا أنه سيكون من السذاجة الرهان على مجتمع دولي لا يرى ما يحدث من إرهاب الجيش الاسرائيلي ، و سيكون من البلاهة التعويل على عدالة دولية فاقدة للوعي المطلوب .

ستتكرر جرائم الإحتلال و سيجد ناتنياهو ما يكفي من التبريرات لتسويقها و هو يعلم مسبقا أنه يمكن لأحد من القوى الكبرى أن تمنعه حتى روسيا التي أعلنت أمس مقتل أحد مواطنيها و إبنه في غزة لن تتجاوز خيار الإدانة اللينة .

ولا شئ اليوم يمكن أن يغير حال الفلسطينيين غير استعادة وحدتهم تحت راية واحدة عنوانها فلسطين ولا شيء غير ذلك وهم قادرون على ذلك كما كانوا دوما إذا انتصروا على خلافاتهم و حساباتهم و صراعاتهم المقيتة التي صرفتهم عن مواجهة الإحتلال و اغرقتهم في مواجهة و تصفية بعضهم البعض .

 

* آسيا العتروس .. كاتبة صحفية تونسية

آسيا العتروس تكتب : اجتماع حاسم للتعاون الخليجي لإنهاء عزلة سوريا.. ديبلوماسية الكوارث تأتي أكلها؟ 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »