أخبار عاجلةاخبار افريقياالقرن الافريقى

إثيوبيا .. رحلة ” أبي أحمد ” من نوبل للسلام إلي قصف روضة للأطفال في ” تيجراي ”  

 

أدانات دولية واسعة صدرت الساعات القليلة الماضية من الأمم المتحدة وعدد من العواصم الكبري علي رأسها واشنطن ، بسبب قيام الطيران الحربي الإثيوبي بقصف روضة للأطفال في ميكيلي عاصمة إقليم تيجراي ، والتي راح ضحيتها عدد من الأطفال والمدنيين .

وأعادت صور الاطفال الضحايا الي الأذهان الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها الجيش الاثيوبي والميليشيات المتحالفة معه ضد شعبة من أبناء إقليم تيجراي من حوادث الاغتصاب والقتل والتعذيب وغيرها من الانتهاكات التي يعاقب عليها القانون الدولي ووثقتها منظمات دولية وأقرت بها لجان التحقيق التي شكلتها الحكومة الإثيوبية .

كما أعادت هذه الحادثة التساؤل حول موقف رئيس الوزراء الاثيوبي أبي أحمد الحاصل علي جائزة نوبل للسلام عام ٢٠١٩ من مثل هذه الجرائم التي يروح ضحيتها أبناء شعبة .

ويرصد ” أفرو نيوز ٢٤ ” في هذا التقرير رحلة صعود أبي أحمد للحكم في أديس أبابا وانتهاء بالحرب في إقليم تيجراي .

 

»» وصول أبي أحمد للحكم في إثيوبيا 

 

وصل أبي أحمد للحكم في أديس أبابا عام ٢٠١٨ خلفا لرئيس الوزراء السابق هايلي ماريان ديساليني ، وكان وقتها ابي أحمد يبلغ من العمر ٤١ عاما ، وتولى المنصب على خلفية الاحتجاجات المناهضة للحكومة ، حيث أثار الشعور بالتهميش ، لا سيما بين أكبر مجموعة عرقية في البلاد ” الأورومو ” ، موجة من التظاهرات ، قادها شباب أبناء الأورومو ، وهي القومية التي ينتمي إليها أبي أحمد مما ساهم في حدوث حالة من الهدوء والاستقرار .

وساهمت قرارات أبي أحمد عقب وصوله للحكم في مقر الحكومة الإثيوبية في ” آراد كيلو ” ، حيث أطلق سراح الآلاف من السجناء السياسيين ، ورفع القيود المفروضة على وسائل الإعلام الإثيوبية المستقلة ، ودعا الجماعات المعارضة التي كانت محظورة في البلاد للعودة إلى البلاد من المنفى.

 

كما دعم ابي أحمد امرأة ” سهلي ورقي ” لتصبح رئيسة ، وحرص علي التكافؤ بين الجنسين في مجلس الوزراء الاثيوبي وأنشأ وزارة السلام.

وعقب هذه القرارات زادت شعبية أبي أحمد سريعا ، خاصة وأنه حاول إظهار نفسة مقربا من الشباب الاثيوبي .

وخارجيا حصل مع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد إشادة واسعة خارج البلاد بسبب أفكاره الإصلاحية في الداخل ، ومساعية لحل الخلاف مع إريتريا والتوصل لاتفاق سلام معها ، لينهي خلاف استمر أكثر من ٢٠ عاما بين الحليفين السابقين ” إثيوبيا وإريتريا ” بسبب أزمة حدودية بشأن ” مثلث بادمي ” حيث وقعت إثيوبيا وإريتريا في مدينة جدة السعودية اتفاق السلام البلدين ، لتنتهي فصول القطيعة والحرب .

 

وجاء توقيع اتفاق جدة للسلام بعد د تطورات سريعة استهلها رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد وحكومته بتبعية مثلث «بادمي» المتنازع لإريتريا وأن قواته ستنسحب من المثلث، وتنفيذ قرار اللجنة الأممية الصادر في 2002 بتبعية المنطقة لأسمرا، وفقا لاتفاقية الجزائر (2000)، التي أنهت الحرب الحدودية بين الدولتين (1998 – 2000) والتي أزهقت أرواح أكثر من 80 ألف قتيل.

وزادت شعبية أبي أحمد خارجيا بعد الاتفاق وتوجت هذه الشعبية الخارجية بحصولة علي جائزة نوبل للسلام في أكتوبر ٢٠١٩ .

 

»» رحلة هبوط الشعبية داخليا وخارجيا 

 

مثلما صعدت شعبية أبي أحمد داخليا وخارجيا سريعا ، تحطمت هذه الشعبية سريعا نتيجة لسياساته الداخلية عقب اندلاع تظاهرات ضده شارك فيها الآلاف من قومية الأورومو في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وعدة مدن أخرى، مردده هتافات مناوئة له، احتجاجا على محاولة اعتقال الناشط السياسي والإعلامي البارز جوهر محمد .

وزادت الاحتجاجات ضد أبي أحمد خاصة عقب مقتل المغنى الأورومي الشهير ” هاشالو هونديسا ” الذى كان يعتبره شباب الأورومو إيقونة ثورتهم ، وعقب مقتله احتشد الآلاف حزنًا على مقتله، في تظاهرات شهدت أعمل شغب ، وتم حرق وتدمير العديد من المؤسسات الحكومية، ما أدى إلى اعتقال الناشط الأورومى جوهر محمد والسياسى جيربا بغلى .

وأسفرت هذه الأحداث عن مقتل أكثر من 200 مدني ، و بدأت السلطات الإثيوبية في القيام بعمليات اغتيال لشخصيات بارزة .

 

ولقمع العنف المتزايد ، عاد أبي إلى تكتيكات الحكومات الإثيوبية السابقة ، حيث تم قطع الإنترنت والهاتف عدة مرات ، كما تم القاء القبض على المشتبه بهم بشكل جماعي ، وأُطلق سراح بعضهم فيما بعد بعد أن أمضوا أسابيع أو شهور خلف القضبان دون محاكمة.

وبدأت عمليات اغتيال شخصيات بارزة ، والتي كانت نادرة في الماضي ، تتكرر بشكل ينذر بالخطر.

وزادت نتيجة لهذه السياسات الصراعات العرقية في الأقاليم الإثيوبية ، كما زادت حدة الانتقادات الداخلية لرءيس الوزراء الاثيوبي بسبب هذه السياسات .

 

»» حرب ” تيجراي” 

 

لم تتوقف سياسات أبو أحمد عند اعتقال معارضية ، لكن تخطتها بعد أن شن أبي أحمد حربًا أهلية في إقليم تيجراي شمال البلاد في نوفمبر 2020.

وبدأ الخلاف بين أبي أحمد والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي ، منذ أن تولية رئاسة الوزراء في العام 2018 ، حيث رأت الجبهة أن خططه تستهدف قياداتها ورموزها.

و ارتفعت وتيرة الخلاف بينهما عندما أقدمت تحرير تجراي، على إجراء انتخابات بشكل منفرد، رغم قرار الحكومة الفيدرالية بتأجيل الانتخابات العامة في البلاد بسبب جائحة كورونا .

وفي الـ 9 من سبتمبر، أجرت حكومة إقليم تجراي انتخابات الإقليم ، كما اختار برلمان إقليم تجراي، دبري صيون، رئيسا لحكومته، عقب انتخابات أعلنت أديس أبابا عدم دستوريتها.

وتصاعدت الاحداث بين الجانبين حتي أعلن رئيس الوزراء الاثيوبي أبي الحرب علي الاقليم في نوفمبر ٢٠٢٠ .

وتحدثت تقارير دولية عن اتهامات متزايدة للجيش الإثيوبي والميليشيات المتحالفة معه باركاب انتهاكات لحقوق الإنسان ، والاغتصاب الجماعي ، والقتل خارج نطاق القضاء ، واستخدام التجويع كتكتيك .

حيث انتقدت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشال باشليه “الوحشية القصوى” التي تطغى على النزاع في إقليم تيجراي، جاء ذلك خلال عرض مفوضة حقوق الإنسان لنتائج تحقيق مشترك أجري مع الإثيوبيين وخلص إلى احتمال وقوع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبتها كل الأطراف.

 

وأكدت باشليه في جنيف على أن “خطورة الانتهاكات التي رصدناها تؤكد ضرورة محاسبة المسؤولين عنها مهما كان المعسكر الذي ينتمون إليه”.

 

وتم إجراء التحقيق بشكل مشترك بين مكتب باشليه والمفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان التي أسستها الحكومة الإثيوبية، وشمل النزاع الذي تشهده البلاد منذ سنة.

وأفاد التقرير “ثمة أسباب معقولة تدفع للاعتقاد بأن كل أطراف النزاع في منطقة تيجراي ارتكبوا، بدرجات متفاوتة انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وقانون اللاجئين الدولي، قد يشكل بعضها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.

 

»» أبي أحمد في نظر المجتمع الدولي من حاكم إصلاحي الي الإدانة

 

وجراء ما تكشف من انتهاكات وجرائم ارتكبت ضد المدنيين في إقليم تيجراي ، بدأت كثير من الدول توجيه الإدانات له ولحكومتة ، لتتحول النظرة الدولية له من حاكم إصلاحي الي توجيه سهام النقد له في قيام كثير كانت رحلته من محبوب المجتمع الدولي إلى الإدانة سريعة ، وتغيرت لهجة التعبيرات الدولية من القلق لتكون انتقادات قاسية بشكل متزايد.

 

حتي أن الولايات المتحدة الأمريكية ، التي كانت في يوم من الأيام حليفًا قويًا في لاديس أبابا في الحرب ضد الإرهاب ، بدأت في فرص قيودًا على التأشيرات على المسؤولين الاثيوبيين الذين يثبت أنهم مسؤولون أو متواطئون في تقويض حل الأزمة في تيجراي”.

كما فرضت واشنطن قيودا على المساعدات الاقتصادية والأمنية.

 

ومن ضمن الإجراءات التي اتخذتها الادارة الاميركية ضد حكومة أبي أحمد ، وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن، في سبتمبر ٢٠٢١ ، أمرًا تنفيذيًا يسمح بفرض عقوبات واسعة النطاق على المتورطين في الصراع الدائر في إثيوبيا، وذلك مع استمرار ورود تقارير عن فظائع في إقليم تيجراي شمال إثيوبيا.

 

وأوضح بايدن في بيان أن “الصراع الدائر في شمال إثيوبيا مأساة تسببت في معاناة إنسانية هائلة وتهدد وحدة الدولة الإثيوبية”، مشددا علي أن “الولايات المتحدة مصممة على الضغط من أجل حل سلمي لهذا الصراع وسنقدم الدعم الكامل لمن يقودون جهود الوساطة”

وفي تقرير ل ” بي بي سي ” يقول Adem K Abebe ، المحلل الإثيوبي المقيم في هولندا ، إن بعض الأورومو “الذين دعموه أو كانوا محايدين تجاهه قد انقلبوا الآن ضده”.

 

ويضيف أنه أثناء وجوده في تيغراي حيث كانت هناك شكوك تجاهه حتى منذ البداية ، “تحول انعدام الثقة تجاهه إلى كراهية”.

وبينما كان يتمتع ببعض الدعم بين عرقية الأمهرة ، فقد تأثر ذلك مؤخرًا بتكرار الهجمات العرقية ضد أمهرا الذين يعيشون في مناطق أوروميا وبنيشنقول-جوموز.

 

وقال آدم لبي بي سي إن التحولات في المواقف تجاه رئيس الوزراء هي “جزئياً نتيجة للتوقعات غير الواقعية وعبادة الشخصية التي سعى السيد أبي لبنائها”.

 

واصاف ” ووعد “بالسلام والديمقراطية والازدهار بينما يواجه عدم الثقة بين أجزاء كبيرة من السكان والآن بين الحلفاء الغربيين الرئيسيين” ، لكن ليس من الواضح إلى أي مدى يزعج هذا السيد أبي أحمد .

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »