أخبار عاجلةاخبار افريقياالقرن الافريقىمصر

الدكتور نبيل فهمي وزير الخارجية السابق في حوار مع ” afronews24 ” : من مصلحة إثيوبيا التوصل لإتفاق مع مصر والسودان  بشأن سد النهضة ..  ” 2 – 2 “

>> هناك قوانين دولية تحكم أسلوب التعامل مع الممرات الدولية التي تمر علي أكثر من دولة

>>  ذكرت لـ” أدهانوم ” : دعنا نصل إلي اتفاق تعاوني وسنتحول من طرف يشعر بقلق من التصرف الأثيوبي الي طرف مشارك في تمكينكم من تحقيق أهدافكم التنموية

>>  العالم عاد مرة أخري بعد إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية إلي الاستقطاب بين الغرب وآخرين

>>  تعريف القوة والصراع إختلف عن الماضي  فاليوم تايوان تستطيع التأثير علي الاقتصاد العالمي بمعدلات تتجاوز كثيرا حجمها الطبيعي

>> الحرب الأوكرانية من أعراض أخطاء النظام الدولي الذي اسسته الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي عقب الحرب العالمية الثانية

>> سواء أردنا أو لا نريد العالم يتجه نحو منظومة متعددة الأطراف والجوانب

 

 

يواصل الدكتور نبيل فهمي وزير الخارجية السابق حواره الذي تنفرد به “afronews24  ” ، حيث يتطرق في الجزء الثاني من الحوار إلي قضية سد النهضة الإثيوبي ، مفسرا أسباب التعنت الاثيوبي ورفض التوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.

كاشفا عن أن وزير الخارجية الاثيوبي الأسبق تادروس ادهانوم والذي يشغل حاليا منصب مدير عام منظمة الصحة العالمية ، شكي للرئيس عبد الفتاح السيسي من قيام الوزير نبيل فهمي منع تمويل سد النهضة من جانب الدول الصديقة والمنظمات الدولية.

وفيما يلي نص الحوار :

 

>> القضية الشائكة التي تقلق الرأي العام المصري هي قضية سد النهضة .. ففي رأيك لماذا هذا الموقف الإثيوبي المتعنت والرافض للتوصل لإتفاق قانون ملزم بشأن ملء وتشغيل السد .. وإذا عدنا قليلا للوراء كيف تعاملت مع هذا الملف وقت توليكم مسؤولية الخارجية المصرية  ؟

أعتقد أن الموقف الاثيوبي المتعنت مرتبط باحتياج إثيوبي وطني ،ومرتبط أيضا بقلاقل وإضطرابات داخلية تشهدها اثيوبيا، ومرتبط أيضا بسوء تقدير من جانب المسؤولين الاثيوبيين .

بالنسبة للاحتياج الوطني نحن لا ننكر أن هناك حاجة اثيوبية جادة وشديدة للتنمية للحصول علي موارد إضافية بغرض التنمية , المسألة ليست المياة بقدر ما هي إستخدام المياة لتوليد الكهرباء ومن ثم توفير سلعة يمكن الحصول عن طريقها علي عائد ،الأمر الآخر هناك توترات إثيوبية داخلية تجعلهم السعي لخلق قضية وطنية لخلق إلتفاف من الشارع الإثيوبي حولها لدعم السلطة الاثيوبية تجاه التحديات الداخلية التي تواجهها .

الأمر الثالث هو سوء التقدير السياسي , هناك سوء تقدير نجده دائما عندما تتخذ السلطة في أي بلد موقف تكتيكي علي حساب المصلحة الإستراتيجية , وبالنسبة للحالة الإثيوبية هنا قد يكون الموقف التكتيكي هو السعي للحصول علي العائد السريع والالتفاف الوطني الداخلي , إنما تأثيره إستراتيجيا هو إنك تخلق مناخ من التوتر والاضطراب مع دولتي الجوار ” السودان ومصر ” ، وتكلفة ذلك استراتيجيا تتجاوز كثيرا أي عائد تكتيكي .

وفي رأيي في هذا الإطار فإنه علي المدي الطويل من مصلحة اثيوبيا التوصل لإتفاق مع مصر والسودان  بشأن سد النهضة, والتوافق حول البرامج التنموية المشتركة وإدارة للمياة بحيث لا تمس مصلحة الغير , هذه خطة أفضل بكثير من أن تحصل إثيوبيا سريعا علي عائد مادي وعلي كارت تستخدمه في مواجهة الاضطرابات الداخلية علي المدي القصير , لأنه حتما العائد الأكبر من الاستقرار والتنمية المستدامة أكبر بكثير من العائد القصير الأجل .

أضيف ان النظرة الاستراتيجية كانت منقوصة لدي جميع الأطراف , فالإثيوبيين عقب ثورة 25 يناير وجدوا مصر لا تستجيب لطروحاتهم تارة ومشغولة تارة أخري  , بالتالي مسألة توازن القوي القديمة جعلتهم يتحركوا بهذا الأسلوب ويتعنتوا في مواقفهم , ليس لقناعتهم بأن لديهم قوة أمنية أقوي من مصر وإنما لأنهم رأوا أن مصر مشغولة بقضاياها الداخلية .

في إعتقادي أن هذا دفع الجانب الاثيوبي الي اتخاذ مواقف حتي اليوم ولم يتراجعوا عنها و للأسف كلما تأخرت المشكلة كلما تعثر الحل وخلقت أمر واقع علي الأرض تدعم من منظور فرض الأمر الواقع علي حساب العدالة والحقيقة , ومن ثم تجعل من الصعب التوصل لحل,  مع إني لدي قناعة كاملة بأن هذه المشكلة في مفترق طرق , و إذا أخذنا طريق الحل الوسطي الذي يحقق مصالح الأطراف الثلاث يمكن التوصل الي اتفاق اذا طرح كصفقة متكاملة اقتصادية ومالية , بعد ان تمهد الارضية ويتوافر مناخ افضل للعلاقات  بين الدول الثلاث ،مرة أخري بالدمج  بين الأمن المائي والأمن الغذائي والأمن التنموي .

هذا مسار والمسار الآخر والخطير هو التأجيل في التعامل مع هذه القضية وتأجيل تهيئة الظروف نحو حل أشمل , وسنجد أنفسنا في هذه الحالة في المستقبل القريب أمام أزمة حادة  نتيجة لندرة المياة .

>> هل فعلا مصر قدمت لإثيوبيا اقتراح بالمساهمة في بناء السد مقابل الإدارة المشتركة له والتوقيع علي اتفاق بشأن ملء وتفريغ السد ؟

أنا شخصيا عندما كنت وزيرا للخارجية في لقاءاتي مع وزير الخارجية الاثيوبي الأسبق توادرس أدهانوم والذي يشغل حاليا منصب مدير منظمة الصحة العالمية حاليا , ذكرت له صراحة ” نصل إلي اتفاق حول إدارة المياة لن يكون هناك خلاف حول مسألة السيادة ”  , فقد  كنت اقصد هنا الوصول لإتفاق ثلاثي  ، وبصرف النظر عن مسألة السيادة فهناك قوانين دولية تحكم أسلوب التعامل مع الممرات الدولية التي تمر علي أكثر من دولة , فهذا الممر في مرحلة معينة يكون في إطار السيادة لدولة وفي مرحلة أخري تكون السيادة لدولة أخري , ونهر النيل مثال علي ذلك , بدءا من إثيوبيا مرورا بمصر , السيادة لكل دولة من الدول تكون داخل حدودها بشرط الا يتصرف أيا منهم في الممر بشكل يضر مصالح الأطراف الأخري .

فذكرت للوزير الاثيوبي في ذلك الوقت أنه اذا ما توصلنا لهذا الاتفاق مسألة السيادة لن يكون هناك خلاف حولها , بل أضفت له  أكثر من ذلك وذكرت له ” نصل لإتفاق وأنا بقدر ما أتحدث علي الأطراف القادرة علي توفير التمويل للسد والقادرة علي دعم المشروعات الاقتصادية لوقف أي دعم بقدر ما سأتحول الي داعم رئيسي في حملة جمع الموارد دعما للمشروعات التي تحتاجها إثيوبيا والسودان ومصر .

نعم أنا شخصيا كموقف سياسي ذكرت لوزير الخارجية الاثيوبي دعنا نصل الي اتفاق تعاوني , والتعاون هو سيكون المبدأ السائد بيننا وسنتحول من طرف يشعر بقلق من التصرف الاثيوبي الي طرف مشارك في تمكينكم لتحقيق أهدافكم التنموية , وهذا الأمر بالتحديد قام الوزير الإثيوبي بالحديث عنه خلال لقاءه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي وقت مشاركة وزير الخارجية الاثيوبي في مراسم تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد انتخابه , والوزير الاثيوبي تحدث في هذا الأمر في إطار شكواه من أنني أوقفت التمويل الأجنبي من الدول الصديقة , فكان ردي عليه ” إنني أعترف بذلك إنما إستكمال الموضوع هو أنني عرضت عليك أن نكون علي رأس قائمة الحملة والجهد الرامي لتحقيق التنمية في إثيوبيا طالما أن هناك إتفاق حول سد النهضة وتنظيم إدارة المياه .

 

>> هل تعتقد أن هناك أطراف خارجية هي التي تعقد هذا الملف ؟

 

هناك أطراف تتعامل وتتبني مواقف قد تتعارض او تكون مناهضة لك , فكل الاطراف الاقليمية والدولية تنظر الي سبل تنمية مواردها وحماية مصالحها , إنما في النهاية الطرف الرئيسي هو المضيف للقضية , ولذلك أنا عندما تحدثت عن مسألة وقف التمويل في عام 2013 /2014 ، ذكرت تحديدا ” التمويل من الدول الصديقة والمؤسسات الإقليمية والدولية ”  , لا أستطيع أن أقول أن  التمويل من دول معادية لمصر حينذاك قد توقف , إنما هذا ليس كافيا أو مبررا لإثيوبيا للتعنت إذا قبلت بذلك تكتيكيا فهي ستدفع الثمن إستراتيجيا , وذلك لأن كما ذكرت لك في السابق العائد الإستراتيجي أكبر بكثير إذا كان هناك تعاون مصر إثيوبي سوداني عن العائد التكتيكي لأزمة نمر بها عام أو عامين نتيجة لتوتر العلاقة بين مصر والسودان مع إثيوبيا .

 

>> الآن في ظل الحرب الروسية الأوكرانية ، عاد العالم من جديد لينقسم الي معسكرين الغرب وروسيا .. كيف تري تأثير هذا الأمر علي أفريقيا ؟

 

دعني أقوم بتعديل بسيط لتساؤلك لقد العالم مرة أخري إلي الإستقطاب بين الطرف الغربي وآخرين , الاستقطاب تاريخيا كان بين قطبين ،حلف وارسو والإتحاد السوفيتي السابق وحلف شمال الأطلنطي برئاسة الولايات المتحدة ،وكان بينهم دول غير منحازة ، أما الآن فالاستقطاب ثلاثيا بإنضمام الصين ومجموعة من الدول الغير منحازة والنامية والغير منتمية لهذه المحاور الثلاثة , خاصة و أن لهذه الدول دور وتأثير ليس بالضرورة عسكري , إنما لها تأثير في المعادلة السياسية الدولية بمفهومها الواسع , ومثال علي ذلك الهند من الدول التي نجحت واستفادت من عصر العولمة ووصل اقتصادها وقدراتها الذاتية الي مستويات عالية جدا , وهناك أيضا البرازيل , ولذلك تجد الرئيس الأمريكي بايدن والمسؤولين الروس عندما يتحدثون عن إصلاح الأمم المتحدة وتوسيع العضوية في مجلس الأمن كلاهما يشير الي الهند والبرازيل , أضف الي هذا أن الهند منفتحة علي روسيا والولايات المتحدة في ذات الوقت ، وقلقة من الصين رغم أن هناك تعاون فيما بين نيودلهي وبكين لكنها قلقة من الصين .

والعكس أيضا من أكبر الدول المتعاونه مع الصين هي البرازيل , ونترك هؤلاء جانبا لحظيا , فمعروف أن أكبر مصنع لما يسمي بالرقائق الألكترونية موجود في  تايوان , وتأتي من بعدها سنغافورة , هذا مؤشر بسيط علي أن تعريف القوة والصراع إختلف عن الماضي , فاليوم تايوان تستطيع التأثير علي الاقتصاد العالمي بمعدلات تتجاوز كثيرا حجمها الطبيعي , والدليل علي ذلك أنه بعد جائحة كورونا سلسلة الإنتاج الصناعية الدولية تعثرت بسبب تأثرعمليات نقل الرقائق الالكترونية بمعدلات سريعة , ومع أحداث روسيا وأوكرانيا أصبح هناك أيضا عقوبات ومشكلة في الفترة الاخيرة.

بإيجاز نتحدث اليوم ومرة أخري للأسف بأسلوب فيه الكثير من الاستقطاب والشيطنة وأضيف الي ذلك الشخصنة خاصة بين الولايات المتحدة وروسيا والصين , أمر لم نتوقع الحديث عنه منذ 10 سنوات , وهنا المسألة مرتبطة بهذه الاطراف الثلاثة خاصة الغرب يرون أن النظام الدولي بدأ يعاد تشكيله , فالنظام الدولي المبني علي نتائج الحرب العالمية الثانية لم يعد يتوافق مع الواقع , فقد كان نظام دولي بدأ بقطبين ثم أصبح نظاما يقودة العالم الغربي , واليوم الغرب بدأ يشعر بأن هناك منافسة شديدة من الصين , وروسيا ظهرت لهم في حالة أوكرانيا تحديدا , إذن عدنا مرة أخري الي التوتر والإستقطاب .

أضف الي هذا أن هذه الأطراف الثلاثة ومع كل هذه المشاكل فيما بينهم والعالم في النهاية يجر وسطهم ، ”  الهند البرازيل وافريقيا “، كل طرف منهم يحتاج موارد وأسواق عالمية علما بأن كل طرف منهم خاصة أمريكا والصين يعتمدون علي بعضهم البعض إقتصاديا من حيث الاسواق والتمويل والمكونات الصناعية , فالتجارة بين الولايات المتحدة والصين رغم كل هذا التوتر تزاد  فيما بينهم, والصين لا تستطيع التنمية التي تنشدها بدون اللجوء الي الاسواق الأمريكية كأسواق وتكنولوجيا .

والعكس ايضا الولايات المتحدة لا تستطيع أن تنمو اقتصاديا اذا أغلقت أمامها الساحة الصينية والعالمية , نبني علي هذا هؤلاء كيف سيعملون , فهم يحتاجون الطاقة , والصين تعتمد في الطاقة علي الشرق الأوسط , و يحتاجون ما يسمي بالمعادن الثمينة التي تستخدم في الصناعات الدقيقة مثل الليثيوم والرقائق الألكترونية وغيرها , ومتوفرة بصورة جيدة في القارة الافريقية  , ومن هنا جاء التنافس بين هذه الدول علي القارة الإفريقية لهذا السبب بالإضافة الي مسألة الأسواق .

دعني اطرح تساؤلا ، ما الذي جعل الصين تطرح مشروع الحزام والطريق , فهو مشروع يركز علي الأهداف الإستراتيجية , الإجابة هنا تحديدا علي الموانئ والمطارات والطرق إضافة إلي  الدعم الاستراتيجي والطاقة وغيرها , لتكون للصين شراكة مع الدول المنضمة لهذا المشروع , فالصين تحتاج الي أسواق هذه الدول وفي ذات الوقت تحتاج الي نقل الموارد والمواد الخام الي الصين , فما الذي يجعل الغرب قلق من هذا المشروع , لأنه يري أن هناك نمو متزايد لقوة الصين الاقتصادية والسياسية  .

نعود مرة أخري الي الإستقطاب والتوتر فهو ليس مرتبط فقط بالتنافس بين الدول الأطراف الثلاث بل مرتبط بأنها خاصة الولايات المتحدة ترغب أن تكون لها الريادة  في المنظومة الدولية القادمة, والريادة تحتاج الي نظرة أشمل وأوسع عما كانت في الماضي , بالمعني الدارج ” يا عليا أو عليك ” .

ففي حالة الصين هي تحصل علي المعادن ثمينة من إفريقيا والتكنولوجيا من الولايات المتحدة وتقوم بالتصنيع في الصين وتبيع في الاسواق الأوربية , لكن الاقتصاد الامريكي يدخل فيه مكونات من  العديد من دول العالم وتربط مصير ومصالح العالم بالدولار الأمريكي , إذن الولايات المتحدة لا تستطيع الإنعزال ولا تستطيع أن تقول أنا لا أريد الا تتعاملون بالدولار بل علي العكس هم يريدون أن يتعامل العالم بالدولار , ومن ثم هي ستمارس بعض الضغوط علي بعض دول العالم وتتوتر قليلا علاقاتها مع الصين إنما لن تقطع علاقاتها مع أي طرف .

والحرب الأوكرانية من أعراض أخطاء الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي عقب الحرب العالمية الثانية ، لأن كلا منهم اعتبر ان هناك توازن للقوة فيما بينهم , وهذا التوازن في القوة اختل مع الوقت وأن كل طرف له مناطق نفوذ لا يتعداها الطرف الآخر .

وما حدث هو أن توازن القوة بعد الحرب الباردة أصبح في صالح الغرب , الذي بدأ في الزحف شرقا حتي وصل الي حدود روسيا , التي عادت لإستخدام القوة عندما وجدت الولايات المتحدة في حالة إنكماش سياسي وأوربا في حالة توهان سياسي فوجدتها فرصة .

وسواء أردنا أو لا نريد العالم يتجه نحو منظومة متعددة الأطراف والجوانب , فلم تعد المشكلة مكسب وخسارة كما لم تعد مجرد قوة عسكرية أو أمنية , فتعريف القوة في حد ذاته تغير .

>>  في ظل هذه المعادلة الصعبة كيف لإفريقيا أن تنأي بنفسها عن هذا الصراع بين الغرب والشرق ؟

ليست أفريقيا وحدها ولكن جميع الدول النامية فالحل هنا هو الإعتماد علي الإنتاج المحلي , وهنا لا أقصد فقط بالإنتاج المحلي مجرد التصنيع ,إنما أقصد الإنتاج بمفهومة الشامل الذي يتضمن المنتج الصناعي والخدمي والمالي والسياحي , فلابد للدول الأفريقية والنامية علي حد سواء أن تكون مساهمتها الوطنية في الناتج القومي لها بنسبة تستطيع من خلالها أن تحمي نفسها من الضغوط الخارجية بصورة كبيرة , كما أنه لا يمكن أن عزلها ففي النهاية هي جزء من المجتمع الدولي , فمن خلال زيادة الإنتاج المحلي ستحصن الدول الأفريقية والدول النامية نفسها من أي تأثير خارجي عليها بما يخالف مصالحها , وهذا لن يتحقق الا إذا كان للدول الافريقية والنامية نسبة من الاعتماد الذاتي وتعدد الخيارات , فعندما يتقن الطرف الأجنبي ان الدول الافريقية تستطيع أن توفر احتياجاتها لفترات زمنية طويلة ” , سيعلم أن قدرته علي الضغط محدودة , وعندما يدخل في مفاوضات مع الدول الافريقية سيكون التفاوض هنا معقولا , إذن الابتعاد عن الإعتماد المفرط علي الغير بعنصرية وتنامي المكون الداخلي وتعدد الخيارات الداخلية .

 

>> لكن يبدو أن الصراع بين الغرب والشرق دخل القارة الإفريقية

أولا طوال التاريخ الصراع بين الغرب والشرق موجود في افريقيا , حيث كان الصراع في الماضي قائما علي أن تكون أفريقيا تابعة للدول الكبري صناعيا , وكانت القارة أحد مناطق نفوذ أوربا القديمة ” فرنسا وانجلترا وبلجيكا وإيطاليا والبرتغال ” , ومع تغيير المنظومة السياسية وقتها من أوربا القديمة باعتبارها الحاكمة إلي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بدأ ينظر لإفريقيا في إطار الحرب الباردة وصراع القوي الكبري  ووجدنا قواعد للدول الكبري في كثير من الدول الافريقية , وأيضا إستغلالا للخيرات الافريقية مع إستقلال الدول الافريقية بدأت معادلة مختلفة وهذا ينطبق علي أي منطقة في العالم سواء في أمريكا اللاتينية وآسيا .

وإذا نظرت الي الطبقة الوسطي في اي قارة من القارات ستجد أنه كلما ارتفع مستوي الطبقة الوسطي في المعادلة الاقتصادية للدولة هنا سيكون التدخل من الغير أقل تأثيرا , وذلك لأن الطبقة الوسطي هي الطبقة التي تعتمد في الأساس علي المكون الداخلي وليست الطبقة المرفهه التي تملك شركات كبري , والطبقة الوسطي ليست كذلك الغير قادرة علي التأثير إقتصاديا , في العشر سنوات القادمة ستجد أن أكثر من 60 % من الطبقة الوسطي في العالم موجودة في آسيا ولذلك لا تسمع كثيرا عن تغول الدول الكبري في آسيا , وما الذي جعل أوباما منذ عشر سنوات انه سيحول تركيزه من الشرق الأوسط الي اسيا , أولا أنه وجد ان الشرق الأوسط غير مثمر بالنسبة له , ثم ليس له الأولوية , بعد أن قلت نسبيا أولوية الطاقة الشرق أوسطية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية .

إقرأ المزيد :

الدكتور نبيل فهمي وزير الخارجية السابق في حوار مع ” afronews24 ” : العلاقات المصرية مع افريقيا قدر و حتمية و ليست اختيارية ” 1 – 2 ”  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »