أخبار عاجلةفن وثقافة

« أفرو نيوز 24 » ينشر دراسة الدكتور محمد عز : الانثروبولوجيا وكتابات رواده حول الانسان الافريقى

ينشر  « أفرو نيوز 24 »  دراسة الدكتور محمد عز رئيس مؤسسة النيل للدراسات الأفريقية والإستراتيجية ، ” الانثروبولوجيا وكتابات رواده حول الانسان الافريقى ” ، حيث أوضح في مقدمة الدراسة أن  علم الانثروبولوجيا ساهم فى فهم اعمق لسلوكيات الانسان عموماً الثقافية منها والاجتماعية واللغوية بل وصل الى حد ان الانثروبولوجيا درست المجتمعات الماضية والحاضرة وتشعبت الانثروبولوجيا بعلومها لتدرس الانسان فى كافة مناحى حياته السياسية والاقتصادية والدينية واللغوية من خلال علم دراسة الانسان اجتماعياً وثقافياً لذلك اصبح من اهم فروع علم الانثروبولوجيا الانثروبولوجيا الثقافية والانثروبولوجيا الاجتماعية

وذهب علم الانثروبولوجيا الى اعمق من دراسة الانسان بظواهره الاجتماعية والثقافية الى فك رموز تطور البشر بيولوجياً فقامت بدراسة الانسان بيولوجياً وسميت هذه الدراسة علم الإنسان الطبيعي أوالانثروبولوجيا الطبيعية والذى اختص بدراسة آليات التطور البيولوجي والقدرة على التكيف وتنوع الأعراق البشرية المعاصرة لتضيف الى مجالات دراسته مجالاً اخر لتصبح مجالات علم انثرو بلوجيا ثلاث مجالات اساسية وهى الانثروبولوجيا الثقافية والانثروبولوجيا الاجتماعية و الانثروبولوجيا الطبيعية

ولكن فى الواقع كما خدم الانثروبولوجيا الانسانية بالتدقيق فى مفردات حياة الانسان الا انه خدم ايضاً الاستعمار اللا انسانى فكثيراً ما كان يقدم للمستعمر التقارير عن الشعوب التى يحتلها ليعطيه مفاتيح الحلول للبقاء فترة اطول فى المستعمرات ولكى نرى خريطة مبسطة كاملة للانثروبولوجيا عامة والانثروبولوجيا والانثربولوجين فى افريقيا خاصة لابد ان نتطرق الى تعريف ماهى علم الانثروبولوجيا وكيف نشأت وكيف بدأت تاريخ الفكر الانثربولوجى ومن هم روادها الذين خدمو فى افريقيا وكيف كتبو عن بعض المناطق والتواريخ الهامة فى حياة الافارقة ولكثرة النماذج سوف نأخذ عدد من العلماء او الرحالة الذين كتبو عن افريقيا وسوف نأخذ نموذج لحياة مملكة سنغاى فى غرب افريقيا ونتطرق عن خدمة الانثروبولوجيا للاستعمار ونحلل كتابات واسهامات العلماء والرحالة الانثروبولوجين فى افريقيا

ما هو علم الانثربولوجيا

تتكون كلمة الانثروبولوجيا لغوياً من كلمتين يونانيتين هما Anthrop ومعناها الإنسان و ology ومعناها علم وبذلك يكون المعنى لإصطلاح اللفظى الأنثروبولوجياanthropology هو علمُ الإنسان.

وتعُرّف الأنثروبولوجيا تعريفاتٍ عدة أشهرها واهمها أنه

علمُ الإنسان

علمُ الإنسان وأعماله وسلوكه

علمُ الجماعات البشرية وسلوكها وإنتاجها

علمُ الإنسان من حيث هو كائنٌ طبيعي واجتماعي وحضاري

علمُ الحضارات والمجتمعات البشرية

وبذلك كل التعريفات لا تخرج من دائرة انه علم متخصص فى دراسة الانسان من كافة جوانبه من حيث انه كائن طبيعى واجتماعى وحضارى وكافة اعماله وسلوكه ولغته

اهداف علم الانثروبولوجيا

من الطبيعى ان لكل علم اهدافه ويعد من اهداف علم الانثروبولوجيا اهداف نظرية واهداف تطبيقية

الاهداف النظرية

تعنى ان للانثروبولوجيا اهداف نظرية اهتمامها دراسة ومعرفة وفهم الانسان أو مايطلق عليه الطبيعه الإنسانيه كما وصفه كلوكهون أن الطبيعه البشريه شىء هلامى غير محدد وأن هناك طبيعه بشريه هى التى تحدد تفسير إقدام الإنسان على الأفعال

كذلك تدلنا على أوجه الإتفاق والأختلاف بين الشعوب و تجيب على اهم سؤال فى الانثروبولوجيا من مجموعة الأسئله هل هناك طبيعه إنسانيه واحده بغض النظر على أن هناك تقدم أو بدائيه وهل تختلف السلالات من حيث القدرات العقليه والملكات الإبداعيه، وكذلك تساعدنا فى فهم ذلك الكائن العجيب وهو الإنسان وبالتالى يساعدنا على الفهم التكاملى للمجتمع وتفسير الجزء فى إطار الكل فظاهره جزئيه قد تبدوا غريبه، ولكن فى إطار التنظيم البنائى للمجتمع ككل تصبح معقوله مثل بعض القبائل تقدم ابقاراً مهر بدل النقود

الاهداف التطبيقية

لقد استخدم الاوروبين الانثروبولوجيا حين اتصلو عن طريق التجارة والتبشير والإستعمار بالشعوب البدائية، نشأت الحاجة إلى فهم الشعوب البدائية بقدر ما تقتضيهِ مصلحة ألاوربيين في حكم الشعوب وإستغلالها، لذلك سميت بالانثروبولوجيا التطبيقية حيث تم تطبيق هذا العلم فى الترسيخ للاستعمار من خلال فهم اكبر للشعوب البدائية واستمرار الاحتلال

وقد تطورَ هذا الفرع “الأنثروبولوجيا التطبيقية” كثيراً، خاصة مُنذ الحرب العالمية الثانية وذلك لتطبيق المعارف، والمناهج، والمقاربات النظرية الأنثروبولوجية بهدف ترسيخ الاستعمار وكذلك فى بعض الاحيان للتصدي للمشكلات والقضايا المجتمعية تنشأة فى هذه المجتمعات البدائية ومعالجتها لذلك عرفت انثروبولوجيا التطبيقية بأنها انثروبولوجيا الاستعمار .

١٨٣٨٥٢ « أفرو نيوز 24 » ينشر دراسة الدكتور محمد عز : الانثروبولوجيا وكتابات رواده حول الانسان الافريقى

تاريخ علم الانثروبولوجيا

الأنثروبولوجيا يعتبر من العلوم الحديثة نشأت من قرن وربع القرن تقريباً وفى نفس الوقت من الممكن ان نعتبرها من أقدم العلوم البشرية وذلك لان الجامعات لم تقم بتدريسها كمادة اساسية او علم متفرد الى فى وقت حديث جداً عندما عيّن أول أستاذ للانثروبولوجيا في جامعة أوكسفورد وهو “السير أدورد تايلور” عام 1884، وفي الجامعات ألامريكية في عام 1886ولكن فى نفس الوقت نستطيع ان نعتبر الانثروبولوجيا من اقدم العلوم النى تدرس النظريات بطبيعة المُجتمعات البشرية إذ هي بدأت مع أقدم تأمّلات الإنسان حول تلكَ الموضوعات. فلقد قالوا مثلاً إن الانثروبولوجيا ارتبطت ارتباطاً وثيقاً وان الانسان الا فريقى هو الذى ابتدع هذا العلم وذلك لانه تعد اول رحلة انثروبولوجية استكشافية فى التاريخ البشرى هى الرحلة التى قام بها المصريون القدماء الى بلاد بونت عام 1493 قبل الميلاد وذلك بهدف التبادل التجارى لذلك تعد او رحلة انثربولوجية تطبيقية فى التاريخ بهدف التبادل التجاري و التعارف بين الشعوب وقد كانت الرحلة مؤلّفة من خمسة مراكب على متن كلّ منها 31 راكباً وذلك بهدف تسويق بضائعهم النفيسة التي شملت البخور والعطور .ونتج عن هذه الرحلة اتصال المصريين القدماء ببلاد بونت وتم تدوين هذه الرحلة فى جدران معابد الاقصر

ولكن بعد ذلك لم يقتصر الانثروبولوجيا على الافارقة او المصريين القدماء بل برع فيه الإغريق اليونانين القدماء مثلا هيرودوت ويعتبر المؤرّخ الإغريقي (هيرودوتس) “أبو الانثروبولوجيا” كما هو أبو التاريخ، لأنهُ وصفَ لنا بأسهاب، التكوين الجسمي لأقوام قديمة كـ(السيثيين) وقدماءَ المصريين وغيرهم من الشعوب القديمة، وصوّر أخلاقهم وعاداتهم. كما كتب المؤرخ الروماني (تاكيتس) دراستهُ المشهورة عن القبائل الجرمانية

وبرغم ما سبق من تاريخ قديم لعلم الانثروبولوجيا ولكن العلماء اعتبرو القرن الثامن عشر نقطة بدءٍ حقيقية لبداية الأنثروبولوجيا وفيه تم تكوين العناصر المكونة لهذا العلم وذلك من خلال اراء مونتسكيو في كتاب روح القوانين عن المجتمع وأسسه وطبيعته وسان سيمون مكتشف علم للمجتمع، وكذلك نظريات ديفيد هيوم وآدم سمث عن المجتمعات باعتبارها تتكون من أنساق طبيعية، وإعتقادهما بالتطور غير المحدود، وبوجود قوانين لذلكَ التطور لذلك كل الكتب والكتابات والآراء تعتبر هى اللبنة الاولى المكونة لهذا العلم والتى جعلتها تنمو بشكل صحيح ومستقل كعلم خاص في القرن التاسع عشر، لتؤسس لنا المدارس الانثروبولوجية الحديثة

وفي مطلع القرن العشرين برزت في الأنثروبولوجيا أسماء ضخمة مثل “السر جيمس فريزر”، و”أميل دوركايم”، و”راد كلف براون”، و”مالينوفسكي”، و”ألبوث سميث”، و”رفرز”. كما ظهرت مدارس إنثروبولوجية هامّة مثل مدرسة الانتشار الحضاري والمدرسة الوظيفية وكلاهما هاجمتا ودحضتا “المدرسة التطورية”، هذا إلى جانب “المدرسة البيئية”، وهي مدرسة قديمة مستمرة الوجود لذا تعتبر ايضاً القرن العشرين نقطة البدء الحقيقية للأنثروبولوجيا

الرحالة والانثروبولوجيين فى افريقيا

تعتبر قارة افريقيا من القارات الخصبة التى يمكن ان يساهم فى دراسته وفهم انسانه البدائى منه او المتحضر وذلك لانها ارض العجائب والقبائل البدائية وبرغم ان استخدام كلمة بدائياً انثروبولوجياً فى الوقت الحالى بعد تطور علوم الانثروبولوجيا غير صحيح وعلينا فبرغم ان العالم يتقدم بسرعة عجيبة بفضل التطور واستخدام التكنولوجيا الا ان هناك بعض القبائل البدائية التى لم تغير من نمط حياتها واستخدامها وتأقلمها مع البيئة شىء

فهى من مئات السنين كما هى هذا بالاضافة ايضاً ان افريقيا قارة كانت مستعمرة كلياً ما نجا من الاستعمار الا دولة واحدة هى اثيوبيا الا ان العلماء الانثروبولوجين قامو بوصف دقيق للافارقة كبشر وكمنطقة جغرافية لها طبيعتها الخاصة منذ فجر التاريخ فقد قام عدد من الرحالة بوصف افريقيا ومن هؤلاء الرحالة

ويعتبر الرحالة هم الرواد الاوائل والحقيقين الذين بفضل رحلاتهم وضعت اللبنات الاولى فى الانثروبولوجيا فلذلك يدرس كتابات الرحالة على انها كتابات انثروبولوجية وتدرس من هذا المنطلق فهيرودتس وابن بطوطة يعتبرو من الرواد الاوائل فى الانثروبولوجيا

هيرودتس فى افريقيا

هيرودتس الذى قام بزيارة مصر من جنوبه لشماله قبل ميلاد السيد المسيح بنحو خمسمائة سنة هو أقدم مصدر بشري للتاريخ المكتوب وهو صاحب المقولة الشهيرة مصر هبة النيل وكأي زائر لمصر في كل العصور، قام بتلك الرحلة الشهيرة في النيل من شمال الوادي إلى جنوبه. كان مهتما بالتعرف على عادات البشر وتقاليدهم خارج بلاده، وقد وصفها بالفعل في كتابه بأسلوب ممتع جذاب. ومن صفات المصريين التي استرعت انتباهه أنهم كانوا لا يأكلون لحم الخنزير ويعدونه حيوانا نجسا، وكانوا يربونه ليقدموه ضحية لإله القمر. كان القائمون على تربيته من الأجانب، والجزار كان يونانيا وأجره عن ذبح الخنزير هو الرأس. أما المصري، فكان من المستحيل أن يلمس الخنزير، وإذا حدث ذلك سهوا فقد كان عليه أن يسرع إلى النيل ليغطس فيه عدة مرات ليتطهر من النجاسة.

ابن بطوطة فى افريقيا

قام إبن بطوطة برحله لدراسة افريقيا فى القرن الرابع عشر الميلادي، وجاب افريقيا شرقاً وغرباً وقام وصفه افريقيا الوسطى والصحراء الكبرى وبلاد السودان وممالك حوض النيجر

ولابد من الإشارة إلى عبارة السودان الغربي لم ترد أبدا في كتابات ابن بطوطة وابن خلدون، بل وحتى في كتابات المؤرخين والجغرافيين والرحالة المسلمين الذين سبقوهما بالاهتمام بهذه المنطقة، بل حتى عند هؤلاء الذين جاءوا بعدهما في القرون الخمسة التالية، لأن هذه العبارة لم تظهر إلا في القرن التاسع عشر عندما تم اكتشاف منابع نهري النيل والنيجر، وعرف حينئد أنهما نهران منفصلان عن بعضهما كل الانفصال وليسا نهرا واحدا كما كان يعتقد من قبل. وقد أطلق الأوروبيون اسم « السودان الغربي على منطقة نهري السنغال والنيجر، بينما أطلقوا اسم سودان وادي النيل وكذلك السودان المصري على المنطقة الواقعة جنوب مصر، وهكذا ظهرت عبارة السودان الغربي ، أما الجغرافيون والمؤرخون والرحالة المسلمون ومنهم ابن بطوطة وابن خلدون، فقد كانت كلمة السودان تعني منطقة أوسع بكثير من المنطقة المسماة حاليا بالسودان الغربي. وبالنسبة لهم، فقد كانت إفريقيا السوداء جنوب الصحراء عبارة عن ثلاثة أقسام هي : قسم بلاد السودان وهي المنطقة الممتدة جنوب الصحراء من المحيط الأطلسي في الغرب إلى نهر النيل في الشرق، وقد اعتقدوا أن نهر النيل هو نـهر النيجر وأنهما نهر واحد ولذلك سموا نهـر النيجر بالنيل وبحر النيل، والقسم الثاني هو بلاد الحبشة، والقسم الثالث هو بلاد الزنج

والاهم وصف الرحالة ابن بطوطة عن عن قبائل افريقيا ونأخذ من رحلته وصفه للسودان الغربى

لاحظ ابن بطوطة بعض العادات والتقاليد الاجتماعية التى استدعت انتباهة حيث لاحظ ان السودانيين من اعظم الناس تواضعا لملوكهم وان من تقاليدهم الترنح فى التراب اظهارا للخضوع واذا تكلم السلطان وضعوا العمائم من فوق رؤسهم وانصتو وانه اذا دخل مجلس السلطان نجد هناك ناس يحملون قفة من التراب تعبيرا عن الخضوع ومن اهم ملاحظاته أنه وجد فى مجلس السلطان الترجمان وهو الذى يغنى بالشعر والمدح للسلطان ويذكر افعالة وغزواتة وتغنى النساء والجوارى معة وكان هناك تقاليد استمرت معهم من قبل الاسلام وبعد الاسلام ولم تنتهى بدخول الاسلام ومنها ان الرجل من الممكن ان يتزوج بأكثر من اربعة نساء وهناك الصداقات بين الرجال والنساء ولاحظ ابن بطوطة عند زيارته لاحد فقهاء تمبكتو ان له صديقة

ومن العادات الاجتماعية التى راها ابن بطوطة تقدير السلاطين للعلماء والفقهاء كما ان العادة عندهم جرت على انة من يلجا الى المسجد او الى دار فقهة او خطيب امن من العقاب كما لاحظ روح المذهب الملكى فى مالى من التشدد فى الدين الى ابعد الحدود والمحافظة على الصلاة فى المسجد وحفظ القران الكريم وتعاليم الدين

ومن المساوء التى شاهدها ان الجوارى والبنات الصغار يظهرن للناس عرايا دون ستر العورة ودخول النساء على السلطان عاريات غير مستترات وتعرى بناتة اى ظهور بنات السلطان عرايا امامة وبالاضافة الى ظاهرة اتخاذ الرجال والنساء على حد سواء لاصحاب وكثير منهم ياكلون الكلاب والحمير وكذلك وصف نساء السودان الغربى وقال ان لهن الجمال الفائق وهن أعظم شأنا من الرجال وشأن هؤلاء القوم عجيب وأمرهم غريب فأما رجالهم فلا غيرة لديهم وأما نساؤهم فلا يحتشمن من الرجال ولا يحتجبن مع مواظبتهن على الصلوات والنساء هنالك يكون لهن الأصدقاء والأصحاب من الرجال الأجانب وكذلك للرجال صواحب من النساء الأجنبيات ويدخل أحدهم داره فيجد امرأته ومعها صاحبها فلا ينكر ذلك.

لقد ظلت الاساطير والاراء تصر على اخفاء أفريقيا وتاريخها وحضارتها عن العالم لزمن طويل ومنهم من وصول الى قول ان افريقيا ليس لها تاريخ حقيقى ولا يمكن ان يكون هؤلاء موضوعاً للدراسة والتدقيق الا ان المبشرين والرواد الاوائل من الانثروبولوجين قد اعطونا وصفاً يكاد يرتقى الى ان افريقيا قارة الاساطير والحضارات ومنبع التاريخ

ولكن من المؤسف ان أعتماد كتاب تاريخ افريقيا جزء كبير منها مأخوذ من كتابات وكتاب خارج افريقيا فلذلك فقدت الرؤية الشاملة التى تكشف مسار الشعوب الافريقية عبر التاريخ ونظراً لان العصر الاوربى الوسيط هو الذى كان يتخذ فى الغالب منطلقاً للدراسة ونقطة للاحالة فأن اساليب الانتاج والكشف عن العلاقت الاجتماعية والنظم الاجتماعية والثقافية والسياسية فى افريقيا لم تكن تدرس على حدا بل كانت تدرس بمقارنة مع الماضى الاوربى وذلك رفضاً للاعتراف بأن للانسان الافريقى ابداعه الخاص وتميزه وتاريخة العتيق  .

١٨٣٩٠٩ « أفرو نيوز 24 » ينشر دراسة الدكتور محمد عز : الانثروبولوجيا وكتابات رواده حول الانسان الافريقى

وجاء كل ذلك بعدما حاول العلماء اسقاط كل الانساق الاجتماعية والثقافية والدينية والنسق القرابى فى افريقيا الى نظرية التطور او النظرية الدروانية فلقد حاول العلماء الانثروبولوجين تفسير كل الظواهر الاجتماعية والثقافية فى القبائل البدائية وفقاً لنظرية التطور ،  وتنص نظرية التطور علي ان جَميع الكائنات الحية نشأَت تدريجياً من خلية واحدة وكان للمصادفة وتوافر بعض العوامل الفيزائية من هواء وحرارة ورطوبة سبباً في تكاثر تتك الخلايا لتتولد عنها سلسلة من المخلوقات مِن نباتات وَحيوانات وبشر

وجاء أصل الانسان فى نظرية التطور الذى أَشَار فيه داروين إِلى أن الانسان بالأَصل عبارة عن قرد وفسر هذا الأَمر بأن جميع المخلوقَات توالدت من بعضها البعض مع مرور السِنين بفعل التَّطور الطَبيعي

برغم ان هذه النظرية لاقت معارضة كبيرة من الديانات الا ان العلماء الانثروبولوجين قامو بأرجاع كل الظواهر والانساق الحياتية للانسان البدائى الى نظرية التطور كما قلنا وليس بغريب عندما استنتج

ولذلك تعتبر الاتجاه التطوري هو أقدم و أول المدارس الانتربولوجية الذى ساد على روادها الطابع النظري المحض الذي لا يرافقه البحث الميداني في البحث الانتربولوجي و إذا ما حاولنا تقصي الإرهاصات الأولى التي سبقت تلك المدرسة يمكننا ذكر كتابات هامة ذات طابع انثربولوجي مهدت لنشأة تلك المدرسة فمنذ القرن 18 جاءنا منتسيكو بإصدار كتاب الشرائع و روح القوانين الذي يعتبر أول بحث قام بدراسة انثربولوجية تعتمد المقارنة بين الشعوب حسب موقعها الجغرافي و المناخي آخذا بعين الاعتبار عادات و تقاليد الموروثة في الجماعة .لأن هذه عادات و تقاليد تتطور و تتجدد

وتشكل دراسات جون جاك روسو ركيزة هامة في تاريخ الانثربولوجيا نظرا لما تتضمنه من تناول المادة الانثربولوجية على وصف الشعوب المكتشفة في إطار مقارنة بينها و بين المجتمعات الأوربية حيث استطاع أن لا يتحيز لثقافة مجتمعه اثناء وصف تلك المجتمعات البدائية

أما دراسات لويس هنري مرغان و درجات الحضارة الذى اكتشفها فى رحلاته فى امريكا الجنوبين ومع مراسلته للمبشرين والباحثين الانثروبولوجين فى المستعمرات الغربية فى افريقيا صنف فيه الحضارة البشرية الى 6 مراحل عاشها البشر بمنظوره معتمداً على الاتجاه التطورى الذى قال فيه ان المجتمعات الببدائية تعيش فى مرحلة الطفولة البشرية وان قمة التقدم والتحضر هى التى تتمثل فى اوربا والانسان الغربى وفيما يلى سرد للمراحل التقدمية الحضارية للانسان بمنظور مرغان

1 – مرحلة التوحش الدنيا: يرى فيها مورغان طفولة البشرية حيث عاش الإنسان فى مرحلة أشبه بالحيوانية هائماً على وجهه متغذياً بجذور النباتات وبعض الثمار البرية … جامعاً وملتقطاً.

2 – مرحلة التوحش الوسطى: مرحلة تقدم فيها الإنسان قليلاً عما كان عليه فى المرحلة السابقة باهتدائه إلى اكتشاف النار واستخدامها في طهو الطعام وإضاءة الكهوف. نتج عن ذلك تعرف الإنسان على أنواع جديدة من الأطعمة بخاصة اللحوم والأسماك.

3 – مرحلة التوحش العليا: اكتشف فيها الإنسان القوس والسهم مما ساعده على تغيير غذائه واقتصاده بشكل عام، أصبح الإنسان فى هذه المرحلة صائداً للحيوانات يعتمد على لحومها، أى أنَّ الإنسان بدأ فى هذه المرحلة فى تحقيق الانتقال من جامع للطعام وملتقط له إلى منتج لطعامه. ويفترض مورغان ارتباط هذا التقدم في الاقتصاد بتقدم مماثل في شكل التنظيم الإجتماعى والديني.

4 – مرحلة البربرية الدنيا: تتميز بوصول الإنسان إلى إبداعات جديدة أهمها صناعة الفخار، وبخروج الإنسان من عزلته الضيقة وانتشاره فى مناطق أكثر اتساعا، وبداية نشوء جماعات اجتماعية.

6 – مرحلة البربرية الوسطى: تمكن فيها الإنسان من صهر المعادن وصناعة الأدوات والآلات المعدنية، و كانت بداية اكتشاف الكتابة الصورية.

ويرى مورغان أنه وبعد إجتياز هذه المراحل توصل الإنسان إلى مرحلة المدنية التي تتميز باختراع الحروف الهجائية والكتابة، وهي المرحلة التي لا زالت ممتدة حتى الوقت الراهن وهى طبعاً وصفت بها الانسان الاوربى فى تحضره

الا ان العالم ألفريد كروبر بأكتشافه مفهوم الانتشار الثقافي هزم الرواد التطورين وقتل ابحاثهم التى لم تستند الى واقع حقيقى بل كانت متحيزه لاظهار اوربا على انها قائدة التقدم والتحضر ويرجع ذلك الى اكتشافه النظرية الانتشارية او الانتشار الثقافى وهو مفهوم يصف انتشار العناصر الثقافية مثل الأديان واللغات والتكنولوجيا وطرق معيشة بين الأفراد حتى لو كان الانتشار من حضارة واحدة إلى أخرى، وهو يختلف عن مصطلح انتشار المبتكرات وذلك ان هذه النظرية اعطت لافريقيا والانسان الافريقى الحق انه هو الاول فى الظهور على ارض الكوكب وذلك ان كل العلماء اثبتو ان الانسان الافريقى هو اول انسان وجد على الارض فلذلك يقال انسان شرق أفريقيا الوسطى أصل البشر والقردة العليا واستدل على ذلك من خلال اكتشاف أشباه البشر وأسلافهم، والذي تبين لاحقاً أنها ترجع لسبعة ملايين سنة مضت تقريباً، وتشمل إنسان تشاد السواحلي، أسترالوپيثكس أفريكانوس، أ.أفارنسيس، الإنسان المنتصب، الإنسان الماهر، الإنسان العامل والعثور على أقدم أحفورات الإنسان العاقل (الإنسان الحديث) في إثيوپيا والتي ترجع إلى ح. 200.000 سنة مضت ، بالاضافة الى ان كل العلماء اثبتو ان مركز الحضارة والانتشار الثقافى هى مصر وان الانسان المصرى القديم هو الذى اعطى للبشرية طريقة السليم من مرحلة العصر الحجرى الى مرحلة الكتابة وتدوين الحياة عامة والعلوم فى الجدران والكتابة على الجدران هى بمثابة ثورة حقيقية لتحويل البشرية من العصر المظلوم الى عصر التنوير والعلم وبل ذهب العلماء ان الانسان فى افريقيا اكتشف واحترم الوقت وتعرف على علوم الفلك قبل اى حضارة تذكر خارج القارة الافريقية وكان ذلك فى حضارة نباتا بلايا وفيه اكتشف اول ساعة عبر التاريخ ومعرف الزمن واتلتعرف على الفلك وهى مركز انتشار الحضارة المصرية القديمة ومنه الى العالم

ولذلك يعتبر موقع ” نباتا بلايا ”  الآثري يعود لما بين 11 الف و 16 الف عام وهذا الزمن لم يعد هناك اى حضارات تذكر تعرف التوقيت الصيفى والشتوى وتتعرف على الظواهر المناخية وتعتبر مجموعة الصخور المرصوصة بشكل دقيق جدا ليحاكي أكثر من حدث فلكي هام أولهم هو الانقلاب الشمسي الصيفي حين تكون الشمس متعامدة على مدار السرطان حيث تم بناء هذه الدائرة الفلكية على مدار السرطان بشكل متناهي الدقة، الحدث الآخر الذي يحاكيه موقع ” نبتا بلايا ”  هو الاعتدال الربيعي مع تغير نجم القطب الشمالي وفقا لدورة الاعتدالات الكبرى او ظاهرة السبق

بمعنى انه اثبت العالم الأمريكي دكتور توماس بروفي أحد المشاركين في مشرروعات ناسا للفضاء و كذلك مشروعات الوكالة اليبانية للفضاء و استاذ بجامعة كاليفورني قسم فيزياء الفضاء ان الظاهرة الفلكية بنبتا بلايا يحاكي الظهور الاحتراقي لنجم فيجا وقت شروق الشمس يوم الاعتدال الربيعي حيث ان نجم فيجا كان هو نجم القطب الشمالي منذ 13000 عام تقريبا

ومن هنا نستطيع ان نقول ان الانثربولوجيا ليس علم قائم بذاته بل هو علم متشعب يتعاون مع كافة العلوم الاخرى للوصول الى نتائج حقيقية فى علم الانثروبولوجيا فهى تتعاون مع الطب والفيزياء والجولوجيا والاثار وكافة العلوم الاخرى لتصل الى نتائج مؤكدة او حقيقية لاستنتاجات العلماء لتفسير الظواهر الاجتماعية والثقافية للشعوب البدائية او تتبع الخريطة السكانية من اين بدأت والى اين تتجه والوصول الى المشتركات الثقافية والاجتماعية بين الشعوب بل والطبيعية فما كان للانثربولوجين تحديد الانتماء السلالى لقبائل الهنود الحمر لولا تعاونهم مع العلماء فى مجال الطب فبتحليل اسنان قبائل الهنود الحمر وقياسة مع اسنان السلالات البشرية الاخرى تبين ان الهنود الحمر ينحدرون من السلالة المنغولية وهكذا نستطيع ان نقول لولا اعتماد الانثروبولوجين فى كتابات الرحالة والمبشرين لما عرفنا ان الثقافة والحضارة كانت مصر مركز انتشارها وتحديداً جنوب مصر .

١٨٣٩٣٢ « أفرو نيوز 24 » ينشر دراسة الدكتور محمد عز : الانثروبولوجيا وكتابات رواده حول الانسان الافريقى

الانثروبولوجيا والاستعمار فى افريقيا

كما قلنا ان الانثروبولوجيا التطبيقية سميت بهذا الاسم لانها اعطت المفهوم الحقيقى لتطبيق ما تم دراسته فى هذه المجتمعات وتطبيقها على يد الاستعمال والحقيقة لانها دراسة الشعوب المستعمرة للتعرف على طبائعها وخصائصها والاستفادة من نتائج تلك الدراسات في إحكام السيطرة الاستعمارية عليها وذلك من خلال معرفة مواطن الضعف في المجتمعات المستعمرة ورسم السياسة المناسبة للتعامل مع هذه المجتمعات البدائية والتقليدية أو لتعديل بعض الاوضاع لتصبح مالائمة لطبائع الشعوب، وبالتالي البقاء والاستمرار في استعمارها والسيطرة عليها واحكام قبضتهم الى مالا نهاية .

ولما كان الامر كذلك فقد عنيت الادارات الاستعمارية بالانثروبولوجيا وعلمائها عناية بالغة بالاضافة إلى تسخير العلماء والباحثين لغاياتهم الاستعمارية وذلك لضمان طواعية الشعوب لهم والبقاء اكبر فترة ممكن ونشر ثقافة المستعمر للهيمنة الثقافية للشعوب المستعمرة لذا خصص الاستعمار للانشطة الانثروبولوجية ميزانيات لعمل مراكز وابحاث ودراسات لدرلسة هذه الشعوب وأوكلت مهمة تنشيطها للانثروبولوجيين المنضمين تحت رايتها وتحت لوائها وتحت سلطتها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وذلك وفق رؤية أيديولوجية استعمارية فلذلك قدم الانثروبولوجيا دراساتهم وتقاريرهم الميدانية للمستعمر

وكذلك ان الامر لم يكن ليتوقف عند خدمة الانثروبولوجيا كعلم للاستعمار كظاهرة تاريخية وحسب بل إن الخدمة كانت متبادلة بينهم إذ لا يمكن إنكار الخدمات المتبادلة بين الاستعمار والانثروبولوجيا،  فكما قدمت الانثروبولوجيا خدمات جليلة للاستعمار فلقد استفادت هي من خدمات المستعمر التى كان يقدمها له والتي كان لها الاثر الاكبر في تقدم علم الانثروبولوجيا وهذا ما كان ظاهرة فى القرن ال19 والمسمى بقرن الاستعمار والذى استعمر فيها المجتمعات البدائية وذلك من أجل إحكام السيطرة عليها واستغلالها سياسيا واقتصاديا وثقافيا ودينيا، ومن هنا نشطت الدراسات األنثروبولوجية بأهدافها النظرية والتطبيقية متخذة من هذه المجتمعات الصغيرة مجالا لدراستها

ولذلك كان للانثروبولوجيا الفضل فى تشكيل الفكر الكولونيالي، والذي سخرها تسخيرا استعماريا ولذلك انتشرت فى اوربا الدراسات الفلكورية والثقافية والحضارية لدراسة الشعوب البدائية قبل وصول التحضر الحديث والذى يكون بوجهة نظر الاوربية محكاة حياة الحداثة والتطور الاوربى

لذلك كرس الاستعمار جل طاقاته فى التحكم فى التغيرات الثقافية والاجتماعية التى تحدث فى المجتمعات البدائية التى تستعمرها فلذلك نتاج هذه الجهود الاستعمارية بالتعاون مع علم الانثروبولوجيا هى ظهور الدول الفرنكفونية والدول الافريقة الناطقة بالانجليزية… الخ

تحليل لقراءات الانثروبولوجيين للانسان الإفريقي

فيما سبق كتبنا عن الانثروبولوجيا وتعريفاتها وانواعها واهداف الدراسات الانثروبولوجية ولقد اشرنا لبعض رواد الانثروبولوجيا فى العصر القديم والحديث

ولكن الجانب الخفى من الانثروبولوجيا هو مساهمة العلماء الانثروبولوجين فى مساعدة تدمير المجتمعات البدائية واستهداف ثقافة هذه المجتمعات وكيفية التأثير على انماط حياتهم وكذلك معرفة مواطن القوة والضعف فى هذه المجتمعات ووصفهم وصف دقيق فى عدة مواضع هامة من الانساق الاجتماعية والثقافية والسياسية لهذه المجتمعات مما ساعد الاستعمار فى ترسيخه واعطائهم المبرر الكافى للقتل او الاحتلال وذلك بأستخدامهم الانثروبولوجيا التطبيقية فى المستعمرات البدائية سواء فى افريقيا او امريكا فلا ننسى العالم البريطانى ادوارد برنت تايلور وهو أنثروبولوجي أصبح أستاذاً للأنثروبولوجيا في جامعة أكسفورد الذى راى أن الثقافة تطورت من الشكل غير المعقد إلى الأشكال المعقدة مبدياً اتفاقه مع مورغان بشأن مراحل التتابع الثقافي من الوحشية إلى البربرية فالمدنية بذلك الوصف لمراحل تطور الثقافة اعطى موغان وتايلور الافضلية لحياة الانسان الاوربى واعتبر ان البدائية او الشعوب التى تعيش حياة تقليدية تعتمد على الطبيعية فى مفردات ثقافتها ما هى شعوب تعيش فى المرحلة الوحشية او البربرية وان قمة التقدم الانسانى هو الذى يعيشه الانسان الاوربى وهى حياة المدنية

ونقيس على ذلك ابتداءً من استخدام النظرية التطورية كمنهج للدراسات الانثروبولوجية لدى العلماء الانثروبولوجين الذين اوقفو المجتمعات البدائية على انها تمثل المراحل الاولى من تطور الانسان ثقافية واجتماعياً بل ذهب بعضهم لوصف الافارقة السود على انهم اولى مراحل تطور الانسان بيولوجياً

لذلك التاريخ لا يدع لنا فرصة ان ننسى الرحالة وصانع الخرائط لويس جوليه والراهب الذى كان يرافقه جاك ماركت بسبب اكتشافهم شيكاجو تم ابادة مالا يقل عن 5 ملايين من الهنود الحمر فى امريكا بيد المستعمرين البيض بدماء بارده بل وقامو بنهب ثرواتهم دون اى يحرك ضمائرهم لحظة على انهم بشر ولا حتى واعظ دينى يقول لهم ان ما يقومون به هو عين الحرام فكيف يحرك ذلك ضمائرهم وهم فى الاصل صور لهم بعض علمائهم وخبرائهم ان الهنود الحمر ليسو بشراً او انهم بشر من نوع اخر يستحقون القتل فهم مخلوقون من روحاً شريرة غير الروح الذى خلق منها المستعمرين البيض .

هذا بالنسبة للهنود الحمر ولكن الذى حدث مع الافارقة السود لا يقل بشاعة عن الابادة الجماعية للهنود فقد قام المستعمرون بإستعباد الانسان الافريقى وجعله كأنه بضاعة او سلعة يباع ويشترى وهذا من فرط وصف الرحالة والانثروبولوجين الذين ساعدو الاستعمار بوصفهم لادق تفاصيل حياة الافارقة وتركيبة اجسامهم ووصفهم الانسان الافريقى بأنهم ليسو من البشر وانهم ليس لهم عقل كعقل الانسان الابيض لذلك الإفريقي هو الأكثر قوة ومقاومة وقدرة على العمل الشاق وتحمل الظروف المناخية المتشابهة بين إفريقيا وأميركا وان الانسان الافريقى هو مهد البشرية وطفولتها ولذلك تم التعامل مع اللفارقة اثناء استعبادهم بوحشية كبيرة وجرهم عرايا والقاء الفتات اليهم كالحيوانات وشحنهم الى امريكا عبر سفن غير ادمية ومن المؤسف انهم كانو يعاملونهم كالمواشى داخل الحظائر فليس فى هذه الزانزينة العابرة للقارات حمامات ولا فصل بين الجنسين مما يجعل المشاهد او القارى يتصور كيف مجموعة من البشر تم نقلهم فى حظائر الاغنام كالاغنام   .

هذا وقد جلبت الغالبية العظمى من الافارقة عبر الأطلنطي لبيعهم في المستعمرات في أمريكا الشمالية والجنوبية لاستخدمهم للعمل في مزراع البن والقطن والكاكاو وقصب السكر والأرز، ومناجم الذهب والفضة، وصناعات التشييد والبناء ونقل الأخشاب، والخدمة في المنازل

وكان يتم نقلهم على السفن البرتغالية والبريطانية والفرنسية والإسبانية والهولندية والأمريكية

والجدير بالذكرأن التقديرات المعاصرة لأعداد الذين تم استعبادهم من افريقيا تقدر عددهم بحوالي 12 مليون شخص وإن كان هناك من يقدر عددهم بأكثر من ذلك بكثير

يسمى العلماء الأفارقة والأمريكيون الأفارقة تجارة العبيد أحيانًا بـ معفا بالإنجليزية Maafa والتي تعني المحرقة أو الكارثة الكبرى في اللغة السواحيلية كما يسميها بعض العلماء مثل ماريمبا آني ومولانا كارينجا بـ الهولوكوست الأفريقي

 

ما هي الصورة التي رسمها علماء الانثروبولوجيا للإنسان الافريقي وتاريخه

يظن معظم الغربيين أن القارة الإفريقية هي عبارة عن صحراء مترامية الأطراف، يقطنها شعب واحد يشترك بصفات سواد البشرة وبياض الأسنان ويمثل القبيلة اعلى تنظيم اجتماعى فيها ولا يريد ان يتمدن ويخرج الى المدنية من عيشة الادغال

ولقد ارتبطت صورة إفريقيا والإنسان الإفريقي في ذهنية الغربي بتراثهم القديم الممتلئ بثقافة التعالي والعنصرية والإيمان بتفوق العرق الأبيض على سواه من الأعراق وخاصة الافريقى وقد ساهم بعض الكتاب الغربيين في ترسيخ هذه الصورة المتخيلة عن إفريقيا في عقل الغربي وذلك من خلال كتابات الرحالة والمبشرين والانثروبولوجين الاوائل .

لذا قد ساهمت الكتابات و النظريات الغربية في عملية رسم الصورة السلبية عن القارة الافريقية ، فقد كان هيغل 1770 ــ 1831 في كتابه فلسفة التاريخ يقول “ليست افريقيا قارة تاريخية ، اذ لا تبدي تغييرا ولا تطورا و شعوبها “ليس في وسعهم ان يتطوروا ولا ان يتأدبوا ، نراهم نحن اليوم على هذه لحال ، وهم كانوا دائما كذلك”

تبنى هذا الرأي في القرن التاسع عشر احد اساتذة جامعة اكسفورد مصرحا بعدم وجود تاريخ لأفريقيا قائلا قد يصير في المستقبل تاريخ يدرس لأفريقيا اما اليوم فليس لها تاريخ وهناك فقط تاريخ الاوربيين في افريقيا . وما عدا ذلك ظلمات . وليست الظلمات موضوعا للتاريخ ان العالم الحاضر تسيطر عليه افكار اوربا الغربية وتقنياتها وقيمها سيطرة تجعل تاريخ اوربا وحده هو الذي يعتد به ، على الاقل خلال القرون الخمسة الاخيرة

واما الرحالة ريتشارد برتن 1821 ـ 1890 يصف الانسان الافريقي قائلا الزنجي في الجملة لن يتحسن ولن يتجاوز نقطة معينة لا تستحق الاحترام وهو يبقى من الناحية الذهنية صبيا

كل هذه الكتابات والاسباب الداخلية والخارجية ساهمت وبشكل فاعل ومؤثر في صناعة الصورة السلبية عن القارة الافريقية مع ان الواقع الافريقي لايخلو من مستويات من الرقي والتقدم ربما يكون هذا التصور عن القارة الافريقية هو التصور الاكثر شيوعا وانتشارا في الوسط الغربى والعربى على حد سواء وهو تصور جاء متأثرا بالعديد من العوامل الداخلية والخارجية والتي ساهمت في صياغته وانطباعه وترسيخه في العقول العربية والغربية وذلك من خلال الاساطير ورسم الانسان الافريقى انه هو الانسان البدائى المتصالح مع الطبيعية حتى الان ولم يستطع الاستفادة من الطبيعة التى يمتلكها بل وجعل من الطبيعية اله يعبده او يقدسه فقد كتب الباحثون عن الطوطمية انها التخلف بعينه فكيف يقدس الانسان حشرة او حيوان او نبات بينما رجع بعض الكتاب الذين انتقدو هذه الصورة النمطية فى تحليل اسباب وجود الطوطمية فى الديانات المحلية انها قمة التقدم فقامو بوصف الانسان الافريقى انه خلق لنفسه حدود فى التعامل مع الطبيعية للمحافظة عليه من خلال تقديس كل قبيلة لكائن حى او نبات ولكن بعض الكتاب الاخرين انتقدو اصحاب هذا التوجه عند وصفهم لبعض قبائل اوغندا الذين شذو فى الاعتبار بالطوطمية على ان كل قبيلة له اصل وان جد كل قبيلة يرجع اصله الى كائن حى مثل الفهد او النمر او سمك او قرد

وانا كباحث كان لى تجربة فى هذه المسألة عندى سؤالى لاحد افراد قبيلة اوغندية عن الطوطمية اجابنى بكل افتخار ان اصوله ترجع الى سمكة معينة فى النيل والاخر قال بكل حب ان اصول اجداده يرجع الى قرد والاخر حدد لى نوع القرد وقال ان اصوله يرجع الى مونتين غورلا

 

الخاتمة

يمكن القول بأن علم الانثروبولوجيا علم كبير وغزير ومفيد للبشرية فهو يدرس كل جوانب حياة المجتمعات ويبحث عن تفسيرات داخل هذا المجتمع لكل ظاهرة اجتماعية اوثقافية وفوق ذلك يقوم بدراسة البشر وسلوك الإنسان والمجتمعات فى الماضى فهذا العلم يستطيع ان يكتشف كيف كان يعيش الانسان فى الحضارات القديمة وكيف كان يحكم ويزرع ويملك وكيف كان يوزع الموارد وكيف انتهى هذه المجتمعت وما الامراض التى اصابتها وكذلك الانثروبولوجيا ليس علماً مستقلاً ويعمل فى حقلها العالم وحدة بل يتعاون مع باقى العلوم ليصل الى نتائج حقيقية

ولا ابالغ عندما اقول ان الفرق بين علم الاجتماع وعلم الانثروبولوجيا هى ان الاولى تعالج المشكلة او الظاهرة بعينها وتعالج العرض بعينه ولكن علم الانثروبوزلوجيا اعمق من ذلك فهى تقدم تفسيرات للمشكلة او الظاهرة وتبحث عن الاسباب وتحاول ان تعالجه من المسببات اى تعالج أصل المرض لعلاج العرض

ولا يخلص هذا العلم ما قدمه للانسانية من خدمات من ذلك الذنب الذى اقترفه فى بداياته أن يكون علم مستقلاً فى القرن التاسع عشر وهى تعاونها مع الاستعمار وتقديم خدماتها وتقاريرها لاستقرار المستعمر وبقائة اطول فترة ممكنة او كشفه لمناطق ضعف وقوة المجتمعات البدائية لتسهيل السيطرة على هذه المجتمعات مما كان نتائجة استعباد اكثر من 12 مليون افريقى وقتل الملايين منهم

وكذلك فى بعض الاحيان تشويه صورة بعض المجتمعات البدائية والقبلية كذلك الذى كتبه ابن بطوطة عن السودان الغربى ورجاله المعدومين من الغيرة او ما كتبه الرواد الذين استخدمو النظرية التطورية فى تفسير الثقافة والاقتصاد والدين والزواج ووصفهم المجتمعات البدائية او التقليدية فى افريقيا انهم يمثلون مهد البشرية وطفولتها وان قمة التقدم هى تلك المجتمعات الاوربية او الغربية مما اعطى المبرر الكافى للغرب والاوربين للتدخل بشكل مباشر لتغير الانساق الاجتماعية والثقافية وكذلك تغير لغة هذه المجتمعات مما يجعلنا انه فعلاً حدث هولكوست ثقافى للافارقة فى القرن ال19 وال20 وما يحدث الان فى القرن ال21 هى ظاهرة انثروبولوجية تسمى العولمة الثقافية

والثقافة هي روح الأمة وعنوان هويتها، وهي من الركائز الأساسية في بناء الأمم ونهضتها وبقائها

وعلى الرغم من كل السلبيات السابقة التى ذكرناها الا ان هناك بعض الكتاب والباحثين وبعض العلوم انتصرو لافريقيا وقالو ان الانسان الافريقى متصالح مع الطبيعية وقوانينه هى التى حافظت على بقاء افريقيا كقارة بكر وكذلك ظهور النظرية الانتشارية هى التى انتصرت للحضارة والتاريخ والانسان الافريقى على ان كل البشر قادمون من جدودهم الافارقة وان الثقافة والحضارة الانسانية مركزها افريقيا

التوصيات

على الانسان الافريقى ان يعيد كتابه تاريخه ويصف ثقافته بنفسه وذلك من خلال بحوث انثروبولوجية ميدانية حقيقة لدراسة الانسان الافريقى قديماً وحديثاً واعادة كتابة التاريخ الافريقى كما ينبغى ان تكون

الجدية فى ازالة اثار الاستعمار وتغير الصورة النمطية السلبية عن القارة الافريقية من خلال استخدام كافة الوسائل المتاحة كالعلام والبعثات العلمية

نشر انجازات الانسان الافريقى عبر العصور من خلال كافة الوسائل

مطالبة الجمعيات الانثروبولوجية الغربية بتصحيح كتاباتهم الخاطئة عن افريقيا تماماً كأعترافهم بأن الانثروبولوجيا ساهمت فى الاستعمار

محاولة تصحيح المصطلحات الانثروبولوجيا وفتح مجالات جديدة فى اكتشاف نظريات ومناهج انثروبولوجية تنفض النظريات الموجوده من خلال الباحيثن والعلماء الافارقة

المراجع

1 – قيس النوري, الثقافة والشخصية شكلاً وسلوكاً, ط2, جامعة بغداد, 2006

2 – حمد آدم كلبو، “الإسلام في إفريقيا، ذكرى مرور 14 قرن هجري”، مركز البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة إفريقيا العالمية،بالخرطوم، نوفمبر 2006م

3- ويكيبيديا الموسوعة الحركو مملكة سونغاى

4- عبد القادر زبادية دراسة عن إفريقيا جنوب الصحراء في مآثر ومؤلفات العرب والمسلمين, ديوان المطبوعات الجامعية – الجزائر

5 – محمد بن عبد الله بن بطوطة, رحلة ابن بطوطة. دار الكتاب العربي للطباعة والنشر والتوزيع , مصر2012

6 – موقع ارنتروبوس الموقع العربى الاول فى الانثروبولوجيا

7 – أوراغي أحمد, الأنثروبولوجيا والاستعمار , قراءة في صورة الجزائرية في المؤلفات, جامعة تلمسان

8 – عبد الكريم ابراهيم السمك , مجلة احوال المعرفة , جامعة الملك عبد العزيز العامة عدد 83 السنة الثامنة 2014

9 – تاريخ افريقيا العام : جين افريك واخرين : ترجمة السويسي و الحمزاوي : المجلد الاول ( اللجنة العلمية الدولية لتحرير تاريخ افريقيا العام ـ اليونسكو 1980 )

إقرأ أيضا : 

كيمو بن محمد كوندي يكتب : المزاوجة بين العلوم وضرورة الاستفادة منها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »