أخبار عاجلةالرأي

آسيا العتروس تكتب .. الرئيس قيس سعيد وجبة المعارض على الدوام 

 

متى يتكلم سعيد الرئيس ؟ من العاصمة السياسية واشنطن اختار الرئيس قيس سعيد أن يرد على قرار صندوق النقد الدولي بشأن سحب ملف تونس من أجندة الصندوق المقرر في التاسع عشر من الشهر الحالي أي بعد يومين على الإنتخابات التشريعية السابقة لأوانها التي انطلقت أمس , وبدل أن يسمع الرأي العام توضيحا لأسباب هذا القرار وأبعاد الفشل في الاختبار وتداعيات الصفعة المدوية لفشل لجهود الحكومة التونسية التي إستمرت أكثرمن عام و نصف ، سمعنا مرة أخرى خطابا بعيدا عن الواقع ينكر قيمة لغة الأرقام التي تحكم وتسير مؤسسات العالم السياسية والاقتصادية والتجارية والمالية وغيرها .

الأمر الذي يفرض علينا التساؤل مجددا وأكثر من أي وقت مضى، متى يخاطب سعيد التونسيين ويخاطب العالم كرئيس لتونس العظيمة بامجادها ولكن أيضا بحاضرها ومستقبلها بعيدا عن الاوهام والمكابرة وإنكار الواقع و بمنأى عن كسوة الأستاذ والمعارض والمثقف.

نعم نقول فشل في الاختبار لأننا و بقدر ما نعتقد بأن سياسة الاقتراض هدامة ولا تساعد على الإصلاح و البناء بقدر ما نعتبر أن حكومة الرئيس سقطت في الاختبار وهي التي راهنت منذ البداية على هذا القرض الذي أصبح الهدف الوحيد والأساسي المتاح لأعضاءها لتخفيف أعباء تونس المالية وفتح الابواب أمام الاسواق المالية العالمية .

طبعا لم يجانب سعيد الصواب في تأكيده أن الحل يجب أن يكون تونسيا تونسيا وأن يحفظ سيادة تونس وكرامة شعبها ولكن قناعتنا أن مفهوم السيادة يحتاج لتوضيح في فكر سعيد, ولأن سيادة تونس خط أحمر فقد وجب الانتباه أن لهذه السيادة أسسها ومقوماتها وجزء منها اليوم مهدد لسبب بسيط و لكنه مهم وهو أن ضمان هذه السيادة يستوجب اليوم الحفاظ على كل ما يجنب تونس وشعبها الوقوع في المواقف المهينة و المذلة التي تجعلها تنتظر الضوء الأخضر الأمريكي او الأوروبي للحصول على قرض مالي تؤجل معه إعلان الافلاس وتتمكن بمقتضاه من تسديد أجور الموظفين و المتقاعدين .

و ربما فات رئيس الجمهورية أن هذا هو حال البلاد و أن الجميع كان ينتظر أن يقدم للتونسيين الحلول والبدائل بدل التوجه نحو طي صفحة العام الحالي 2022 دون توفر الموارد للميزانية العمومية و دون وضوح للرؤية بشأن ما ستكون عليه السنة الجديدة 2023 في ظل الغلاء المتواتر و اثقال كاهل المواطن بالمزيد من الاداءات و الضرائب .

لقد كدنا ننسى على وقع المخاوف من تداعيات سحب ملف تونس من أجندا صندوق النقد الدولي أننا نشهد اليوم إنتخابات تشريعية سابقة لأوانها يفترض أن تخرج تونس من حالة الاستثناء و تعجل بالخروج من النفق المسدود .

بل لعل في هذا التداخل الحاصل اليوم بين الاقتصادي و السياسي والاجتماعي مع إنطلاق الانتخابات المثيرة للجدل بالتزامن مع ذكرى الثورة 17 ديسمبر -14 جانفي التي يصر الرئيس على بتر جزء أساسي منها ما يجعلنا اليوم في حيرة إزاء ما بعد هذه الإنتخابات وما سيكون عليه المشهد الجديد وما اذا سيؤول الى تشكيل حكومة جديدة تكون حكومة أزمة مهمتها إنقاذ البلاد من الانهيار الوشيك، أو ما اذا سيستمر الأمر على حاله مع حكومة الرئيس واللهث وراء الحلول المستحيلة .

و في إنتظار ما ستؤول اليه نتائج هذه الإنتخابات و في إنتظار أن نفهم أسباب و دوافع موقف صندوق النقد الدولي ، سيتعين علينا العودة الى أرض الواقع للبحث عن الحلول العاجلة لإخراج البلاد من حالة التردي و الانهيار الذي يقترب شيئا فشيئا من السيناريو اللبناني ، لا نطلب من رئيس الجمهورية التونسية توضيحا عن حصيلة مشاركته في قمة الرياض وقمة واشنطن فالجواب واضح من عنوانه , ولا نطلب أن يتعامل مع الاعلام الوطني كما تعامل مع محرري الواشنطن بوست فقد بتنا نفهم رفضه و عداءه للإعلام في بلادنا ولكن نطالب وهذا أضعف الايمان بالتدارك وإعلان حالة الاستنفار والتعجيل بجمع الكفاءات الوطنية من مختلف الاجيال لرسم خطة عاجلة لإنقاذ تونس المتهاوية قبل فوات الأوان .

 

آسيا العتروس – كاتبة تونسية

• نقلا عن جريدة الصباح التونسية 

تونس .. بدء عملية الاقتراع في الانتخابات التشريعية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »