أخبار عاجلةالرأي

آسيا العتروس تكتب .. رسالة مفتوحة إلى زملائنا الأمناء على الحقيقة في غزة

 ندرك مسبقا أن كل لغات العالم و كل عبارات التضامن و التأييد لا يمكن أن تنقل حقيقة المعاناة و حجم الخطر الذي يواجهه كل من امتهن الصحافة على أرض فلسطين و خرج يبغي الحقيقة و ينقل الأخبار للعالم و ندرك مسبقا أن الموت يلاحق هؤلاء في كل حين و في كل مكان اثناء أو خارج اداء الواجب .. و كم من الصحفيات و الصحفيين استهدفوا في بيوتهم و طمروا تحت الأنقاض بعد ان امتد إليهم العدوان و هم نيام في بيوتهم و بين أهاليهم .

و لكن ندرك ايضا أن استحضار و توثيق كل جريمة استهدفت جنود الكاميرا و القلم في هذه الحرب القذرة مسؤولية أخلاقية و إنسانية و تاريخية إزاء إعلاميات و إعلاميين و مصورين استشهدوا في رحلة البحث عن الحقيقة و فتح أعين العالم على فظاعات و مجازر الإحتلال غير المسبوقة .

مع كل إعلان إسرائيلي قطع الإنترنت و خدمات الاتصال في قطاع غزة نعلم مسبقا أن الإحتلال يسعى لإخفاء مجزرة رهيبة يعد لها و نعلم أيضا أن الأعين التي ترصد و تراقب و تفضح جرائم الإحتلال أمام الرأي العام الدولي هم أول المستهدفين في هذا العدوان الذي يحمل معه كل يوم أنباء عن اغتيال أو اصابة جندي من جنود الإعلام المرابطين هناك في ساحات المعارك التي لا تهدأ في غزة و الذين نراهم يحرصون على تسجيل و نقل مراسلاتهم مهما كانت الظروف و المخاطر حتى بتنا ننتظرهم و نتطلع إلى ما يرصدون و قلوبنا ترتجف لما يمكن أن يصبهم ، كيف لا و هو يواجهون أحد ابشع أنواع الإحتلال الذي لا يميز بيم طفل و امراة أو شيخ او مريض أو صحفي أو صحفية أو طبيب أو مسعف يحاول إنقاذ حياة مصاب .

لقد بتنا نعرف كل الأسماء و نقرأ كل الملامح و نهتز لإصابة أحدهم و ننتكس إذا تعرض أحدهم لسوء .

طبعا نعلم جيدا أن وائل الدجدوح لم يكن الصحفي الوحيد الذي فقد أفرادا من عائلته بسبب القصف الإسرائيلي و أنه سيتحامل على نفسه و يعود لمواصلة المهمة و هو يردد معلش بينتقموا منا في الأولاد معلش .

أسماء كثيرة بلغت حتى اليوم خمس و تسعون صحفي و صحفية فقدوا الحياة و هم يؤدون الواجب ..لكل منهم حكاية و لكل منهم مسيرة و لكل منهم حلم في الحياة .. قد لا نفيهم جميها حقهم و لكن نذكر أن في القائمة دعاء شرف و سلمى مخيمر و خليل أبو عاذرة و سميح النادي و محمد بعلوشة و عصام بهار و عبد الهادي حبيب و سلام ميمة و أحمد شهاب و محمد صبح و سامر أبو دقة و حنين قشطان ..و القائمة طويلة و سيتعين توثيق كل الجرائم التي ارتكبت في حقهم و كان العالم كله شاهدا عليها .

لا خلاف أن إغتيال شيرين ابو عاقلة في جنين قبل أكثر من عام لم يكن خطأ في التصويب بل كان جريمة مدروسة للاحتلال واليوم يتأكد أن استهدافها شيرين أبو عاقلة كان مقدمة و تمرينا على مختلف جرائم استهداف الصحفيين في غزة و الضفة .

يدفع زملاؤنا في غزة ثمنا باهضا في تحديهم للاحتلال و إصرارهم على التواجد في كل مكان لنقل ما خفي من الحقائق و فضح ما يسعى الإحتلال للتكتم عليه و اخفاؤه عن الرأي العام الإسرائيلي و العالمي .

يدرك ناتنياهو جيدا أن بشاعة الصورة و فظاعة ما يقترفه جنوده في حق أهالي غزة بدأ يهز الرأي العام الدولي و يوقظ الكثير من الضمائر الخامدة و أن تلك الصور التي لم يعد بإمكان حلفاءه في واشنطن و لندن و باريس تبريرها باتت عبئا ثقيلا و مصدر إزعاج امام أسئلة الصحفيين و تحقيقات المنظمات الحقوقية الإنسانية .

عذرا زملاءنا في غزة لن نوفيكم حقكم مهما كتبنا ولا يمكن لكل الأوسمة و التكريمات أن تعيد الإعتبار للشهداء منكم أما الذين يواصلون القيام بالواجب تحت نيران القصف فنحن نخجل من أن ندعي أننا نحمل نفس الصفة .. فالاعلامي تحت النار جندي في هذه المعركة التي نواصل متابعتها عبر الشاشات فالعبور إلى غزة ليس بالأمر المتاح إلا في الاحلام .

“كتب الشاعر الشاب الشهيد رفعت العرير في آخر قصيدة له قبل اغتياله برصاص الإحتلال 

إن كان لا بدّ أن أموت

فعليك أن تعيش أنت

لتروي قصّتي

وتبيع كلَّ أشيائي

وتشتري قماشةً وعُصباً

ولتكن بيضاء طويلة..

وسيتعين كتابة قصة عن كل صحفي و صحفي حرمه الإحتلال من حقه في الحياة والكرامة .

* آسيا العتروس .. كاتبه صحفية تونسية .

 

إقرأ المزيد

أبو الغيط : قرار مجلس الأمن جاء متأخراً..ووقف إطلاق النار بغزة ما زال هو الهدف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »