نميرة نجم في مالمو : بدأنا مرحلة جديدة في إدارة ملف الهجرة بإفريقيا

مالمو _السويد : خاص
أكدت السفيرة د. نميرة نجم، مديرة المرصد الإفريقي للهجرة التابع للاتحاد الإفريقي، أن القارة الإفريقية تعاني من “فجوة حرجة” في مجال تحليل بيانات الهجرة، مشيرة إلى أن هذه الفجوة تعيق إنتاج سياسات مبنية على أدلة دقيقة ، وحذّرت من اعتماد تحليل البيانات الإفريقية على مؤسسات خارجية، مشددة على أن “التحليل الذي يتم خارج إفريقيا غالبًا ما يعكس أجندات دول أو منظمات، لذلك نعمل على إعادة إنتاج التحليل داخل القارة”.
جاء ذلك خلال مشاركتها في الجلسة الرابعة للمنتدى الدولي لإحصاءات الهجرة 2025، بعنوان “تعزيز التعاون والشراكات بشأن إحصاءات الهجرة الدولية”،الذي تنظمه منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)، والمنظمة الدولية للهجرة (IOM)، وإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة (UN DESA)، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الفيدرالية الألمانية ، بالتعاون مع جامعة مالمو.
وأوضحت السفيرة نجم أن المرصد، وهو وكالة متخصصة تابعة للاتحاد الإفريقي، تم اعتماد نظامه الأساسي عام 2020، لكن جائحة كوفيد-19 عطلت انطلاقته، ليبدأ نشاطه الفعلي منتصف 2022. وقالت: “لم أكن أدرك حجم الفجوة في بيانات الهجرة بإفريقيا حتى توليت هذا المنصب، رغم أنني كنت المستشارة القانونية لحظة اعتماد النظام الأساسي للمرصد ”.
وشددت على أن عمل المرصد لا يقتصر على جمع البيانات، بل يتعداه إلى تحويلها إلى معرفة وتحليل، ثم تقديم توصيات سياسية دقيقة للدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي.
وأشارت إلى تعدد الجهات داخل الاتحاد الإفريقي التي تعمل على قضايا الهجرة، ما يستدعي تنسيقًا عالي المستوى. فبينما تندرج قضايا الهجرة تحت مفوضية الشؤون الاجتماعية، هناك أيضًا كيانات جديدة مثل المرصد الإفريقي للهجرة، والمركز الإفريقي للبحوث حول الهجرة في باماكو، والمركز القاري لمكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، إلى جانب مركز الإحصاء التابع للشؤون الاقتصادية ومقره تونس.
وأضافت: “في ظل هذا التعدد، كان لا بد من بناء الجسور، وتفادي الازدواجية، وهو ما بدأنا تنفيذه فعليًا من خلال شراكات مع البنك الدولي، وإحصاءات السويد، ومراكز إقليمية مثل الكوميسا”.
و كشفت السفيرة نجم أن المرصد بدأ في إنشاء مراكز بيانات إقليمية للهجرة بالتعاون مع التكتلات الاقتصادية الإقليمية، على أن تستند هذه المراكز إلى البيانات التي تجمعها التكتلات من الدول الأعضاء. وبدأ المشروع التجريبي مع اتحاد المغرب العربي، ومن المتوقع تدشين مركز البيانات الخاص به قريبًا.
وأكدت أن الهدف ليس فقط جمع البيانات، بل دعم الدول في تحليلها ونشرها علنًا، وتحقيق التكامل مع ما تقوم به الجهات الإقليمية والدولية الأخرى، دون إهدار للموارد.
و في إطار سعي المرصد لبناء القدرات، نفذ تدريبات شملت ممثلين من أربعة من أقاليم الاتحاد الإفريقي الخمسة، ويجري التخطيط لتنفيذ تدريب الإقليم الخامس خلال هذا العام. وأشارت السفيرة نجم إلى أن “هذه التدريبات كانت الأولى من نوعها في بعض الدول، حيث جمعت كافة الجهات الوطنية المعنية بالهجرة في غرفة واحدة للمرة الأولى، بهدف التنسيق وتوحيد آليات جمع البيانات والتخطيط بناءً عليها”.
وأشارت السفيرة إلى أن المرصد أصبح بعد انطلاقه فعليًا يجذب اهتمام الدول الأعضاء، التي بدأت تطلب دعم المرصد لإنشاء مراصد وطنية أو إعداد تقارير ما بعد التعدادات السكانية. وأضافت: “أطلقنا ما أسميه تأثير كرة الثلج – حيث أدى تشغيل المؤسسة إلى تدفق الطلبات والدعوات من الدول”، كما تم إقناع بعض الدول بإدراج أسئلة خاصة بالهجرة في تعداداتها السكانية الجارية هذا العام، ما سيمكن المرصد من توفير دعم تحليلي يُسهم في إنتاج سياسات دقيقة قائمة على أدلة.
وقالت السفيرة نجم إن أحد أدوار المرصد أيضًا هو “تحدي السرديات السلبية” حول الهجرة، مشيرة إلى أن 80٪ من حركة الهجرة الإفريقية تتم داخل القارة، وليس إلى أوروبا أو مناطق أخرى، كما تروج بعض الروايات السياسية. وأكدت أن 47 من أصل 55 دولة إفريقية تجمع بيانات حول الهجرة، ما يُثبت وجود القدرات، والتحدي يكمن في التنسيق والتحليل.
ولفتت السفيرة نميرة نجم إلى أن إفريقيا، كقارة فتية، ستشكل بحلول عام 2050 نحو ثلث القوى العاملة في العالم، ما يجعلها “خزان الموارد البشرية العالمي”. وقالت: “نحتاج لسياسات توازن بين الاستفادة من فرص الهجرة وتفادي استنزاف العقول أو تهميشها، عندما لا يُعترف بشهاداتهم في الخارج”.
و ضمن جهود المرصد لتعزيز التعاون، ذكرت السفيرة لقاءها بالسفير الصيني لدى الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا، ومجددًا في إدنبرة، لمناقشة الاستفادة من التكنولوجيا الصينية في تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي. كما أشارت إلى اتصالات مع جامعة ناوز في السعودية، لبحث التعاون الأكاديمي.
وأكدت السفيرة أن المرصد يعمل أيضًا على ملفات مثل العلاقة بين تغير المناخ والتنقل، ومصير الأطفال في سياقات النزاع والهجرة، بالإضافة إلى المشاركة في مشاريع لحماية المهاجرين في البحر، والوصول الإنساني للمهاجرين.
وقد أدار الجلسة جون ويلموث، مدير قسم السكان في الأمم المتحدة،وتحدث فيها مارينا مانكه، رئيسة مركز تحليل بيانات الهجرة العالمية بالمنظمة الدولية للهجرة (IOM)، و ماتس بيرغدال-كيركوف، رئيس وحدة التنسيق والتنمية في إحصاءات السويد ، و سارة هوغو، خبيرة أولى في إدارة المعرفة بالصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD)، و يون يونغ بارك، كبير المستشارين الفنيين في إحصاءات الهجرة بمنظمة العمل الدولية (ILO).
اقرأ المزيد
مؤشر الإرهاب العالمي: « الساحل الإفريقي » الأكثر تضررًا من العمليات الإرهابية في العالم